Skip to main content

البرهان على ألوهية المسيح - قد أثبت المسيح ألوهيته أيضاً لما له من السلطة على السماء والأرض

الصفحة 4 من 7: قد أثبت المسيح ألوهيته أيضاً لما له من السلطة على السماء والأرض

(10) وقد أثبت المسيح ألوهيته أيضاً لما له من السلطة على السماء والأرض إذ لما أمر تلاميذه ليذهبوا وينشروا كلمة الإنجيل في جميع أنحاء المسكونة قال لهم "دُفع لي كل سلطان في السماء وعلى الأرض" وفي صلاته الشفاعية في الليلة السابقة لصلبه "رفع يسوع عينيه إلى السماء وقال أيها الآب قد أتت الساعة مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضاً إذ أعطيته سلطاناً على كل جسد ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته" (يوحنا 17: 1و2) وهذا مطابق لما جاء في إنجيل (متى 11: 27) "كل شيء قد دُفع إليّ من أبي."
(وفي يوحنا 3: 35) "الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده." إنه ظاهر من هذه الآيات ومن غيرها أن المسيح كلمة الله وابن الآب كما يدعو نفسه ليس ينبوع الألوهية ولكن ذلك واضح من لقبيه "كلمة" و "ابن" ولكنه في الوقت نفسه يصرح بسلطته المطلقة على جميع المخلوقات حتى على الأنبياء والرسل والملائكة ورؤساء الملائكة وهذه السلطة لا تكون لأحد إلا لله تعالى ولا تناسب إلا الطبيعة اللاهوتية.
(11) أخيراً نجده يقبل أن يُلقب إلهاً ورباً لأنه مكتوب في الإنجيل أنه بعد أن قام المسيح من الأموات ظهر لتلاميذه وقال لتوما "هات إصبعك إلى هنا وابصر يديّ وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً. أجاب توما وقال ربي وإلهي وقال له يسوع لأنك رأيتني يا توما آمنت، طوبى للذين آمنوا ولم يروا" (يوحنا 20: 27-29). فما قاله توما إما أن يكون حقاً أو تجديفاً فلو كان تجديفاً لكان يسوع لامه على هذه الكلمات أشد اللوم ولكنه صادق على إقراره هذا وهذا دليل على أن هذه الألقاب هي للمسيح حقاً وفعلاً. ويتضح صدق هذا الكلام عندما نتكلم عن الثالوث المقدس والوحدة الإلهية.
(ثانياً)- نأتي هنا بالآيات التي تكلم بها المسيح عن بنوته لله وقد ذكرنا بعض الآيات التي يدعو نفسه فيها "ابناً" ويدعو الله "أباً" مثلاً (متى 11: 27) ومواضع أخرى ولكن توجد آيات أخرى يُسمي نفسه فيها "ابن الله" أو يصادق عليها عندما يذكرها البعض.
(1) ففي إنجيل متى نقرأ أن يسوع المسيح مشي على مياه بحر الجليل ليذهب إلى السفينة التي كان فيها تلاميذه وقد كادت أن تغرق من شدة الزوابع ولما دخل السفينة سكنت الريح "والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين بالحقيقة أنت ابن الله" (متى 14: 33). وفي إصحاح آخر أراد يسوع أن يتأكد إذا كانوا قد عرفوا مقامه الحقيقي. "سأل تلاميذه قائلاً من يقول الناس أني أنا ابن الإنسان؟ فقالوا: قوم يوحنا المعمدان وآخرون إيليا وآخرون ارميا أو واحد من الأنبياء. قال لهم وأنتم من تقولون أني أنا. فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح بن الله الحي فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان ابن يونا إن لحماً ودماً لم يُعلن لك لكن أبي الذي في السموات وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (متى 16: 13-18). في هذه الآيات صادق يسوع على حقيقة ما قاله تلاميذه عن تسميته "ابن الله" ولم يصادق فقط أن هذا اللقب له ولكنه أضاف إلى ذلك أن هذه الحقيقة أعلنها الله إلى بطرس وأظهر أيضاً أن بنوته هي الأساس التي تبنى عليه كنيسته وأيضاً أساس الإيمان المسيحي الذي لا يمكن أن يتزعزع أبداً. من هنا يرى إخواننا المسلمون أن هذه التعاليم ليست بهرطقة تسربت للكنيسة بعد مدة من الزمن ولكنها أساسية محضة ولا توجد وسيلة أخرى أعظم من هذه كان في إمكان المسيح أن يعلمنا بها بنوته الإلهية. وفي إنجيل يوحنا قبل المسيح هذا اللقب وصادق عليه فعند إجابته على سؤال نثنائيل بينما كان يصلي تحت التينة وكان المسيح قد بين له ما بقلبه "أجاب نثنائيل وقال له يا معلم أنت ابن الله أنت ملك إسرائيل أجاب يسوع وقال له هل آمنت لأني قلت لك أني رأيتك تحت التينة؟ سوف ترى أعظم من هذا." هنا أيضاً قبل المسيح إيمان نثنائيل وصادق عليه. وقبل أن يقيم لعازر من الأموات قال لمرثا أخته "أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد" فسألها يسوع "هل تؤمنين بهذا؟ قالت له نعم يا سيد أنا قد آمنت أنك المسيح ابن الله الآتي إلى العالم" ومصادقة المسيح على إيمانها واضح ليس فقط لأنه لم ينتهرها لأجل كلامها بل أقام أخاها من الأموات جزاء إيمانها.
(2) وقد ظهرت بنوة المسيح في أمر هام جداً حينما امسكوه ومضوا به إلى قيافا رئيس الكهنة فلم يكن لشاهدي الزور أن يأتيا بأي دليل ضد المسيح وأخيراً حلف رئيس الكهنة أيماناً عظيمة قائلاً "استحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله؟" (متى 26: 63) ولا شك أن الجواب على هذا السؤال تحت تلك الظروف لابد وأن يكون صحيحاً وكل من يؤمن أن المسيح هو نبي فقط لا يسعه إلا أن يعترف أن جوابه هذا كان حقاً بكل معنى الكلمة. ويعتقد إخواننا المسلمون أن المسيح يقول الحق وهو يدعو نفسه الحق في الإنجيل وأي رجل مهما كانت حالته لا يستطيع أن يكذب تحت هذه الأيمان والأقسام. فضلاً عن ذلك، فقد تأكد القوم الذين كانوا هناك عند محاكمة المسيح أن أقل كلمة تخرج من فيه يمكن تأويلها ولابد وأن تقوده إلى الموت فكان الأجدر بالمسيح في ذلك الوقت أن يعطي جواباً ملتبساً غامضاً ولأن ادعاءه لهذه المرتبة السامية بلا حق كان مما يوجب الحكم عليه. ولكن من المؤكد أن جوابه كان عن روية وإمعان وعلى علم تام بأهميته وخطورته لنفسه ولتلاميذه ولليهود بل ولجميع الناس قاطبة الذين لأجلهم أتي المسيح ليخلصهم لا ليضلهم ويغويهم. وعلى ذلك كان جواب المسيح لرئيس الكهنة "قال له يسوع أنت قلت وأيضاً أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء". فكانت دعواه واضحة كالشمس في رابعة النهار وكانت الكلمتان "أنت قلت" كافيتين للدلالة على صحة ما قاله ولكن زاد المسيح عليها لكي يمحو كل الشكوك ولكي يؤمن كل من سمعه أنه هو المسيا ابن الله المُنتظر وبناء على هذا الكلام يقول الإنجيل "فمزق رئيس الكهنة حينئذ ثيابه قائلاً قد جدف ما حاجتنا بعد إلى شهود ها قد سمعتم تجديفه ماذا ترون فأجابوا وقالوا أنه مستوجب الموت" (متى 26: 65و66). إن عقاب التجديف في التوراة حسب ناموس موسى هو الموت وكان في الإمكان أن يعتبروا كلام المسيح تجديفاً إن لم تكن دعواه صحيحة وواضحة وصادقة.

صرح المسيح أيضاً أنه مُظهر الله وأنه يعلنه تعالى للمؤمنين
الصفحة
  • عدد الزيارات: 41502