Skip to main content

أحاديث الحدود - حدّ شُرب الخمر

الصفحة 4 من 5: حدّ شُرب الخمر

حدّ شُرب الخمر:

لم يقرر الإسلام في بادئ الأمر أي إثمٍ على الخمر، لا قرآنياً ولا نبوياً، بل تم ذلك بتدرُّج مرحلي. بدأ قرآنياً بقول القرآن: وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً (سورة النحل 16: 67). ثم قال: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا (سورة البقرة 2: 219) ، ثم بعد ذلك قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ (سورة النساء 4: 43) ، وأخيراً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (سورة المائدة 5: 9 ).

أما في السُنّة والحديث فلم يقرر محمد أي عقوبة محددة على الخمر، بل كان يضرب فيها بالجريد والنعال, ومما يدل على عدم تقرير محمد أية عقوبة على شرب الخمر ما قاله علي بن أبي طالب : ما كنت أُؤدي (أدفع دية) من أقمتُ عليه الحدّ (أي مات أثناء التطبيق) إلا شارب الخمر، فإن رسول الله لم يسنّ فيه شيئاً. إنما هو شيء جعلناه نحن, والأصل فيما قاله علي هو اجتهاد عليّ نفسِه حين سأله عمر عن شرب الخمر، لأنها كانت منتشرة وقتها لعدم تقرير عقوبة عليها، فقال علي: إنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وحدّ المفتري ثمانون جَلدة,

تساؤلات حول الخمر:

أثار المستشار سعيد العشماوي في كتابه أصول الشريعة ثلاثة تساؤلات حول الخمر:

1 - هل الخمر محرّمة (مع عدم وجود نص بذلك) أم مأمور باجتنابها وهو ما ورد به نص؟

2 - ما هي الخمر المقصودة في النص؟

يرى جمهور الفقهاء أن الخمر - لغةً - هو ما خامر العقل فخمره (غيَّبه عن الوعي)، وفي ذلك رُوي عن النبي كل مسكر حرام. ويرى آخرون أن الخمر لا تُطلَق إلا على النيئ من ماء العنب إذا غلا واشتد، وأن الخمر الوارد في هذه الآية هو هذا النوع لا سواه ( العقوبة لمحمد أبو زهرة، والرأي لأبي حنيفة). وأما ما عدا هذا النوع من الخمور فلا يُعتبر خمراً، ولكنه إن أسكر أوجب الحد قياساً لا نصاً لأن هناك أنبذة تؤخَذ من أطعمة حلال مثل نبيذ الذرة والحنطة والشعير والذرة والعسل والتين وقصب السكر والتفاح. وهذه (في رأي أبي حنيفة) لا حدَّ فيها، لأن الأصل فيها الحل، والسُّكر طارئ عليها. فلا عبرة بالطارئ، وإنما العبرة بالأصل وحده.

3 - هل هناك عقوبة محدَّدة شرعاً للخمر؟

اختلف الفقهاء في ذلك، لأن القرآن لم يتضمن أي عقوبة، كما أن النبي لم يأمر بحدّ واضح وإنما ضرب بالأيدي والجريد والنعال والثياب، وترك أحياناً مَن شرِب الخمر ولم يفعل به شيئاً سوى أنه ضحك وقال: أَفَعلها؟. ولكن العقوبة المقررة حالياً مجرد اجتهاد فقهاء كما سبق ووضحنا.

هل حرّم محمد الخمر فعلاً؟

من المشكوك فيه تحريم محمد للخمور والأنبذة على الإطلاق، ولكنه حرّم السُّكْر فقط، فقد ورد في صحيح مسلم كتاب الحج باب فضل القيام بالسقاية,

عن بكر بن عبد الله المُزني قال: كنت جالساً مع ابن عباس عند الكعبة فأتاه أعرابي، فقال: مالي أرى بني عمكم يسقون العسل واللبن وأنتم تسقون النبيذ. أَمِن حاجةٍ بكم أم مِن بُخل؟ فقال ابن عباس: الحمد لله، ما بنا حاجة ولا بخل! قَدِم النبيُّ على راحلته وخلفه أسامة فاستسقى، فأتيناه بإناءٍ من نبيذ، فشرب وسقى فضله أسامة، وقال: أحسنتم وأجملتم. كذا فاصنعوا فلا نريد تغيير ما أمر به الرسول.

وهناك أيضاً أثر ورد في العقد الفريد لابن عبد ربه ابن عبد ربه (باب احتجاج المحِلّين للنبيذ كله): أن النبي عطش وهو يطوف بالبيت، فأُتي بنبيذ من السقاية، فشمّه، فقطب. ثم دعا بذَنوبٍ مِن ماء زمزم، فصُبَّ عليه ثم شربه. فقال له رجل: أحرام هذا يا رسول الله؟ فقال: لا.

وقال الشعبي: شرب أعرابي من إداوة (إناء صغير للماء) لعمر، فانتشى، فحدّه عمر ، وإنما حدّه للسُكر لا للشراب (لاحظ أن الإناء والخمر التي به كانا لعمر وليس للأعرابي).

حد الرِدّة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 22579