Skip to main content

التسامح في الإسلام

إن تعامل الشريعة مع الكافرين الحربيين خارج الدولة, والذميين ضمن الحكم الإسلامي, يمكن أن يوصف بتسامح نسبي, وعدم تسامح نسبي! إن أوَّل ما يجب علينا القول هو عدم المساواة بين المسلمين وأهل الذمة, ليس لأهل الذمة نفس حقوق المسلمين, ولا الواجبات نفسها التي على المسلمين القيام بها.

ليس أهل الذمة والمسلمون متساوين أمام القانون أيضاً. إن الذمي بالرغم من أنه ليس بعديم الحقوق والحرية, إلا أنه يعيش في دولة دستورها الشريعة الإسلامية مواطناً من الطبقة الثانية. من الممكن أن نتحدث عن مساواة نسبية للذمي فيما يتعلق بالمعاملات, وحرية الدين, إذ تطلب الشريعة الإسلامية العدل لغير المسلمين. ولكن العدل هذا لا يعني بتاتاً المساواة, لأن المبدأ الذي يطبع الواقع المعاش بطابعه هو أن الإسلام يسيطِر ولا يُسيطَر عليه! فعلى الإسلام إظهار عزته, والمسلم يجب ان يعترف له بالأولوية والأفضلية مما يؤدي بطبيعة الحال إلى أن هذا المزج من التسامح والاحتقار ليس بمقرر فقط في النص نفسه, بل أظهر نفسَه مراراً في التاريخ. والواقع لا يقدم للأسف ما يناقض التاريخ, أعني تاريخ النصارى واليهود. والأصل في ذلك هو استبداد الإسلام بالحق المطلق, وادعاؤه أنه جاء بعد اليهودية والنصرانية, أي الطور النهائي للدين الحق! إن البشر - يهوداً ونصارى - مشركون وملحدون, مدعوون إليه. وامتناع الأفراد عن قبوله واعتناقه لا يُعذَر! هذا من جهة. ومن جهة أخرى يرى الإسلام نفسه أهلاً للسيطرة الكاملة على الإنسان الفرد والمجتمع قاطبة دون غيره. فهو وحدة لا يجوز تفريقها (أي وحدة الدين والدولة) كما يقول المسلمون الأصوليون.

عندما تختلط المصالح الدينية من جهة والاجتماعية والسياسية من جهة أخرى, تملي الدولة على الدين اتباع وجهة تخدم مصالحه. ولكن بإمكاننا أن نرى أن الدين أيضاً قد يوافق على إجراءات الدولة, بل اعتداءتها على الأجانب وأتباع الأديان الأخرى. فالدولة التي تتظاهر وكأنها تمثل مصالح الدين وتدافع عنها, قد تكلف نفسها في الوقت نفسه بمطاردة ومعاقبة أي انحراف عن جادة هذا الدين كتهديد اجتماعي وسياسي لكيانها.

  • عدد الزيارات: 6714