Skip to main content

اليوم الآخِر

الصفحة 1 من 3

الفصل الرابع عشر: اليوم الآخِر

الإيمان باليوم الآخِر أحد ستة معتقدات أساسية ينبغي على المسلم الإيمان بها، هي: الله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء والقدر...

جاء في الحديث الصحيح الذي أورده "ابن حجر العسقلاني" في كتابه "جامع العلوم والحكم" في الحوار الذي دار بين جبريل ومحمد عندما جاء جبريل متنكراً في شكل أعرابي يسأل عن فرائض الإسلام والإيمان ليعلّم المسلمين أمور دينهم:

قال: فأخبِرني عن الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره .

"الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَاأُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلكَِ وَبِالَآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ" (البقرة 2: 3، 4).

والعقيدة باليوم الآخِر هي الوحيدة التي حازت النصيب الأوفر من الأحاديث والمرويّات غير المعتمدة، أو حسب تعييرهم الأحاديث الموضوعة . فقد أُحيط اليوم الآخر في الإسلام بسياجٍ سميك من الخرافات والأوهام جعله عقيدة نشازاً عن مثيلتها في معتقدات الأديان الأخرى.

فالجنة كما يعتقدون في السماء السابعة، أما النار ففي الأرض السابعة!!

وجاء أيضاً أن جهنم تسكن تحت البحر! وجهنم لا تزال تطالب بالمزيد حتى يضع الله قدمه فيها فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط، قط. بعزتك وكرمك! أما القمر والشمس فسوف يُلقون في جهنم لأنهما عُبدا من دون الله!

والنار تشكو إلى الله لأن بعضها يأكل بعضها، فيستجيب الله لشكواها فيجعل لها نَفَسين نفساً في الشتاء وآخر في الصيف!

ويخرج عنقٌ من النار له عينان تبصران ولسان ينطق، يقول: "وكلت بمن جعل مع الله إلهاً آخر!" ويزول وجه الغرابة إن عرفنا أن الأحاديث التي روت هذه الخرافات كانت في مجملها أحاديث موضوعة، أو ضعيفة الإسناد، غير أن هذه الغرابة لا تلبث أن تعود عندما نذكر عدداً من الأحاديث في كتب الصحاح، والتي يعتقد المسلمون أنها أحاديث صحيحة المتن والسند، ولا يقل مضمونها الغريب الشاذ عن الأحاديث التي ذكرناها إن لم تكن أكثر غرابة، منها:

جاء في كتاب "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" (للإمام القرطبي) ما نصه ص 789:

"خرَّج ابن ماجة حديث فاطمة بنت قيس: قال: صعد رسول الله المنبر، وكان لا يصعد عليه مثل ذلك اليوم إلا يوم الجمعة. فاشتدَّ ذلك على الناس، فمن بين قائم وجالس، فأشار إليهم بيده أن اقعدوا، فوالله ما قمتُ مقامي إلا لأمرٍ ينفعكم، لا رغبةً ولا رهبة ولكن. تميم الدري أتاني فأخبرني خبراً منعني القيلولة من الفرح وقُرة العين، فأحببت أن أنشر عليكم فرح نبيّكم إلا أن ابن عمٍ لتميم الدري أخبرني أن الريح ألجأتهم إلى جزيرة لا يعرفونها، فقعدوا في قوارب السفينة فخرجوا بها، فإذا هم بشيء أهدب أسود كثير الشعر. قالوا لها: ما أنت؟! قالت: أنا الجسَّاسة.. قالوا: أخبرينا. قالت: ما أنا مخبرتكم شيئاً ولا سائلتكم. وليكن هذا الدير قد رهقتموه فائتوه، فإن فيه رجلاً بالأشواق إلى أن تخبروه ويخبركم. فأتوه فدخلوه عليه. فإذا هم بشيخٍ موثق شديد الوثاق، مُظهر الحزن شديد التشكي، قال لهم: من أين؟ فقالوا: من الشام. فقال: ما فعلت العرب؟ قالوا: نحن قوم من العرب، عمَّ تسأل؟ قال: ما فعل الرجل الذي خرج فيكم؟ قالوا: خيراً، أتى قوماً فأظهره الله عليهم. فأَمْرهم اليوم واحد. إلههم واحد ودينهم واحد ونبيّهم واحد. قال: ما فعلت عين زغر؟ قالوا: خيراً، يسقون منها لزروعهم ويستقون منها لشعبهم. قال: ما فعل نخل بين عمان وبيسان؟ قالوا: يطعم ثمره كل عام. قال ما فعلت بحيرة الطبرية؟ قالوا: تدفق بجنباتها من كثرة الماء. قال: فزفر ثلاث زفرات ثم قال: لو انفلتُّ من وثاقي هذ لم أدع أرضاً إلا وطئتها برجليَّ هاتين إلا طيبة ليس لي عليها سبيل.

قال النبي (ص) إلى هذا انتهى وحيي هذه طيبة. والذي نفسي بيده ما فيها طريق ضيق ولا واسع ولا سهل ولا جبل إلا وعليه مَلَك شاهرٌ سيفه إلى يوم القيامة".

ثم يعلّق الإمام القرطبي على هذا الحديث بقوله: هذا حديثٌ صحيح، وقد خرَّجه مسلم، والترمذي، وأبو داود وغيرهم رضي الله عنهم !

فبالرغم من صحة هذا الحديث سنداً ومَتْناً، إلا أنه لا يخلو من الغرائب التي قد لا نجد نظائرها إلا في أحاديث العجائز! فالحديث يقر حديث الدابة الجسَّاسة للصحابة بلغةٍ يفهمونها، ثم مقابلة هؤلاء الصحابة للمسيح الدجال الموثق بالسلاسل في أحد الكهوف إلى أن تقوم الساعة!

مصادر المفهوم الإسلامي لليوم الآخر
الصفحة
  • عدد الزيارات: 7753