Skip to main content

هذا الكتاب - صفة الجنة

الصفحة 5 من 6: صفة الجنة

 

فهذه صفة الجنة التي أعدها الله للمؤمنين به وبرسوله، وأعد لهم فيها الطيّبات من الطعام والشراب وأنواع الفواكه والرياحين، ونكاح الحور العِين اللائي هن كأمثال اللؤلؤ المكنون بلا نهاية ولا انقطاع. يأخذون كل ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، ولهم فيها الكرامة والحياة والجلوس على الأسرَّة، متكئين على الأرائك، عليهم ثياب الحرير الليِّن مستورين بالأسرة المكللة باللؤلؤ، تُعرف في وجوههم نضرة النعيم. يدور عليهم الوِلدان والوصائف والوصفاء الذين هم في جنسهم كاللؤلؤ المكنون، يسقون من كأسات فيها الرحيق المختوم الذي ختامه مسك ومزاجه من تسنيم عيناً يشرب منها المقرَّبون، يُحيَّون بها بأحسن التحية وأطيبها، ويقولون لهم: كلوا واشربوا وتنعَّموا، هنيئاً لكم بما كنتم تعملون، لا يسمعون فيها لغواً ولا يمسهم جوع ولا لغوب، فهم في هذا النعيم آمنون واثقون خالدون أبداً. وأما الكفار الذين أشركوا بالله واتخذوا معه الأنداد ولم يؤمنوا برسله وكذبوا بآياته وحرموا حدوده وحاربوه، فهم أهل النار يلقونها كفاحاً في جهنم لابثين في نار لا تُطفأ وزمهرير لا يوصف وهم فيها خالدون، كلما احترقت جلودهم جُددت لهم جلود أخرى، مقامهم في الجحيم وشرابهم المهل، وطعامهم من شجرة الزقوم، رفقاء لإبليس وجنود له وبئس المصير.

وقال عز وجل: الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِنْ نَاصِرِينَ (سورة آل عمران 3:21 ، 22) وقال تبارك وتعالى: الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً (سورة النساء 4:150 ، 151). وقال تبارك وتعالى: والَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (سورة فاطر 35:36) وقال أيضاً .. شَجَرَةُ الّزَقُّومِ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِ~ي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (سورة الصافات 37:62-68) ثم فويل للذين كفروا من النار .. وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَا~بٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (سورة ص 38:55-57) وقال: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ (سورة الزمر 39:16) وقال: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ والَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (سورى الزمر 39:60 ، 63) وقال: وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (سورة الزمر 39:71 ، 72) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذَابِ قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَا دْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ (سورة غافر 40:49 ، 50) وقال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلوُن فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ والسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (سورة غافر 40:69-72) وقال: الكافرون لهم عذاب شديد.. وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ (سورة الشورى 42:44 ، 45) وقال تبارك وتعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (سورة الزخرف 43:74-77). وقال: إِنَّ شَجَرَةَ الّزَقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ كَا لْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ خُذُوهُ فَا عْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (سورة الدخان 44:43-50) وقال عز وجل: كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ... ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَّزَلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ واللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (سورة محمد 47:15 ، 26-29) وقال: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ لاَ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَا لْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ هَذَا يَوْمُ لاَ يَنْطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ والْأَّوَلِينَ (سورة المرسلات 77:24-38).

فهل سمعت عافاك الله يا هذا بوصف أحسن وأعجب من هذا من ترغيب وترهيب، وتحريض ووعد ووعيد لكل جبار عنيد ولكل مصدق ومكذب ولكل مؤمن وكافر ولكل مقر وجاحد؟ فلو لم ترغب إلا في ذلك الوصف لكان ذلك فيه الغنم والفوز العظيم، ولو لم ترهب إلا من ذكر النار وأهوال جهنم لكان في تركك ذلك الخطب الجليل، وعليك فيه الخسران المبين. قال الله تبارك وتعالى: وذَكِّرْ فإن الذكرى تنفع المؤمنين . فأما نحن فقد ذكّرناك، فإن أنت آمنت وقبلت ما يُتلى عليك من كتاب الله المنزل، انتفعت بما ذكّرناك وكتبنا به إليك. وإن أبيت إلا المقام على كفرك وضلالك وعنادك للحق، كنا نحن قد أُجرنا إذ عملنا بما أُمرنا به، وكان الحق هو المنتصف منك إن شاء الله.

فهذه هيئة ديننا القِيّم وهذه شرائعه وسننه، فإذا دخلت فيه وأقررت به وشهدت على شهادته وأحببت الدخول في ما دعوناك إليه من شرائعنا النيِّرة وسُننِنا الحسنة، كنت مثلنا وكنا مثلك، فحسْبك بنا شرفاً في الدنيا والآخِرة، وإن نبينا عليه السلام يقول يوم القيامة: كل أحد مشغول بنفسه من مَلَك مقرب ونبي مرسل سواه، وهو يقول: أهل بيتي أمتي أمتي، فيُجاب أولاً في أهل بيته ثم في أمته. ويقول الرحمن للملائكة: إني أستحيي أن أردّ شفاعة صفيي وحبيبي محمد. ثم تكون ممن يجب لك ما يجب، وتصلي إلى قبلتنا التي ارتضاها الله لنا، وتقيم الصلوات الخمس بعد إسباغ الوضوء إذا كنت صحيحاً وقائماً على رجليك. وإذا كنت مريضاً أو ضعيفاً فجالس. فإن كنت على سفرٍ فنصف ما تصليه وأنت بالحضر.

الصلاة والزكاة والزيجات
الصفحة
  • عدد الزيارات: 11280