Skip to main content

البيئة وفِقه الأقلية - كان المسلمون الأولون، وأميرهم محمد، يتاجرون في الخمور

الصفحة 2 من 3: كان المسلمون الأولون، وأميرهم محمد، يتاجرون في الخمور

وكان المسلمون الأولون، وأميرهم محمد، يتاجرون في الخمور، ويربحون منها الربح الفاحش كما يربحون من الميسر!! يقول الإمام القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن : فإن قيل: كيف يكون في الخمر منافع مع أنها تذهب بالمال والعقل؟ فالجواب: المراد بالمنافع في الآية المنافع المادية التي كانوا يستفيدونها من تجارة الخمور ويربحون منها الربح الفاحش، كما يربحون من وراء الميسر. ومما يدل على أن النفع مادي، أن الله تعالى قرنها بالميسر .

وكان المسلمون الأوائل يتعاملون بالربا، ولم يجدوا في هذا تناقضاً مع دراستهم للعقيدة الجديدة والإيمان بها، لأن الواقع الجاهلي كان يفرض عليهم هذا الأسلوب. يقول الشيخ "الصابوني" في كتابه "تفسير آيات الأحكام" : "مرَّ تحريم الربا بأربعة أدوار كما حدث في تحريم الخمر".

نزل قوله في الروم 30: 39:"وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ". وهذه الآية مكية وليس فيها ما يشير إلى تحريم الربا، وإنما فيها إشارة إلى بغض الله له، وأن الربا ليس له ثواب عند الله. فهي إذاً موعظة حسنة.

ثم نزل قوله في النساء 4: 160، 161 "فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ". وهذه الآية مدنيّة، وهي درسٌ قصَّه الله على المسلمين من سيرة اليهود الذين حرم عليهم الربا فأكلوه، فاستحقوا عليه اللعنة والغضب. وهو تحريم بالتلويح لا بالتصريح.

ثم نزل قوله في آل عمران 3: 130: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً". وهي مدنيّة أيضاً، وفيها تحريمٌ صريحٌ للربا، ولكنه تحريم جزئي لا كلي، لأنه تحريم لنوع من الربا يسمى الربا الفاحش.

وأخيراً نزل قوله في البقرة 2: 278، 279: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ". وهذه هي المرحلة الأخيرة التي نزل فيها التحريم الكلي القاطع. وهنا نسأل: لماذا لم يفرض محمدٌ على أتباعه في مكة، حيث سادت البيئة الجاهلية، شرائع ولا قوانين؟ ولماذا لم يضع لهم برنامجاً أخلاقياً كالذي وضعه لهم في المدينة بعد ثلاثة عشر عاماً من بدء الدعوة؟ ولماذا ترك محمد أتباعه مسلمي المعتقد والفكر، جاهلي السلوك والتصرف؟ ولماذا كانت المدينة دون مكة هي محطّ نزول الشرائع والقوانين؟

ويجيب سيد قطب بقوله: لأن المسلمين الأوائل لم يكن لهم سلطان على أنفسهم ولا على المجتمع، فكيف ينفّذون هذه القوانين بلا سلطة أو سيادة؟!! .

المنهج الأخلاقي الذي يفرضه الإسلام لا يمكن أن يُطبَّق إلا في جّوٍ يسوده الإسلام
الصفحة
  • أنشأ بتاريخ .
  • عدد الزيارات: 7149