أهمية النكاح عند الفقهاء
الفصل الثامن
أهمية النكاح عند الفقهاء
يقول الفقهاء: وليس للمسلمين عبادة شرعت من عهد آدم إلى الآن ثم تستمر في الجنة إلا النكاح والإيمان (1). وأما علاقة النكاح بالعبادة فيقول ابن همام: وهو أقرب إلى العبادات، حتى أن الاشتغال به أفضل من التخلي عنه لمحض العبادة (2). إن أهمية النكاح ومكانته العليا هذه عند الفقهاء تكمن في كونه سبباً لوجود الإسلام والمسلم فلذا أولاه العبادات والجهاد، وإن كان عبادة لأن النكاح سبب لما هو المقصود منه وزيادة. فإنه سبب لوجود المسلم والإسلام والجهاد سبب لوجود الإسلام فقط (3) وفي رد المحتار: قدمه على الجهاد، وإن اشتركا في أن كلاً منهما سبب لوجود المسلم والإسلام، لأن ما يحصل بأنكحة أفراد المسلمين أضعاف ما يحصل بالقتال، فإن الغالب في الجهاد حصول القتل والذمة (4).
علاوة على ذلك فإن هناك مصالح أخرى تتعلق بالنكاح، فمنها حفظ النساء والنفس من الزنا، فالنكاح هو الوسيلة الوحيدة لملك المتعة (5). وهناك من يدعي أن النكاح فرض عين بمنزلة الصوم والصلاة وغيرهما من فروض الإيمان، حتى أن من تركه مع القدرة على المهر والنفقة والوطء يأثم. أما الشافعي فقد ذهب إلى أنه مباح كالبيوع. واستدلوا على أنه فرض أو واجب بوجوب الامتناع عن الزنا، فقالوا: وإذا كان الامتناع عن الزنا واجباً، ولا يتوّصل إليه إلا بالنكاح، فما لا يُتّوَصل إلى الواجب إلا به يكون واجباً (6). إلا أن الفقهاء يستبعدون الشهوة أن تكون بمعنى النكاح، إذ لو كان الأمر هكذا لاكتفى النبي، الذي تزوج من غير زوج، بزوجة واحدة (7) لا يوجد على ما يبدو اتفاق عند الفقهاء على أن النكاح (الزواج) واجب. ودليل المخالفين لوجوب الزواج قول القرآن: فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين (آل عمران 3:93). وهذا خرج بمخرج المدح ليحيى بكونه حصوراً، والحصور الذي لا يأتي النساء مع القدرة. ولو كان واجباً لما استحق المدح بتركه، لأن ترك الواجب لأن يذم عليه أولى من أن يمدح (8). يرفض السرخسي هذه النظرة فيقول: إن النكاح سنة محمد بينما التبتل كان من شريعة يحيى، فينبغي للمسلم اتباع سنة محمد (9). إن ازدياد الأمة يبقى المصلحة العليا بإجماع الفقهاء، إذ سيباهي محمد سائر الأمم يوم القيامة بكثرة أمته (01).
- عدد الزيارات: 9040