Skip to main content

القرآن ما بين التنزيل والتفصيل

الصفحة 1 من 3

القرآن ما بين التنزيل والتفصيل

في القرآن نوعان من التصاريح عن مصدره : نوع أول يصرّح بأنه تنزيل ربّ العالمين ؛ ونوع آخر يصرّح بأنه "تفصيل الكتاب" (يونس 37) ، وفي لغة القرآن "تفصيل" يعني التعريب . وقد جمع المصدرين في قوله : "وإنه لتنزيل رب العالمين ... وإنه لفي زُبر الأولين : أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني اسرائيل" (الشعراء 192 – 197) ؛ "بل هو آيات بيّنات في صدور الذين أوتوا العلم" (العنكبوت 49) . ان علماء بني اسرائيل من النصارى لا يمكنهم ان يطّلعوا على تنزيل نازل من السماء على قلب النبي ؛ إنما يقدرون أن يشهدوا لتنزيل يُفصّل من الكتاب آيات بينات في صدورهم ، "يعرفونه كما يعرفون أبناءَهم" : فالراسخون في العلم هم الشهود العيان في التنزيل القرآني . فهم صلة الوصل بين "تنزيل رب العالمين" و "زبر الأولين" .

هذا ما يكشف لنا سر القرآن ما بين التنزيل والتفصيل .


يقول ابن الخطيب : "كان القرآن أعجميًّا وتُرجم الى العربية . قال تعالى : "وانه لفي زُبر الأولين" (الشعراء 196) أي ان هذا لفي كتب المتقدمين (التوراة والانجيل والزبور وغيرها من الكتب) . ولا يخفى أن الكتب المنزلة كان بعضها عبريًّا وبعضها سريانيًّا (نضيف : وبعضها يونانيًّا كالعهد الجديد كله) ، وهي لغات أعجمية ؛ وقد ترجمها الله تعالى لنا إلى العربية" .

وبما أن القرآن تنزيل بالواسطة ، فقد يكون تفصيلا بالواسطة : "لقد آتينا موسى الكتاب : فلا تكن في مرية من لقائه . وجعلناه هدى لبني اسرائيل (النصارى) . وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا" (السجدة 23 – 24) . إن الإشارة صريحة : محمد يلتقي بالكتاب المنزل من قبله بواسطة أئمة بني إسرائيل من النصارى ؛ لذلك فتنزيل الرحمان الرحيم هو "كتاب فُصّلت آياته قرآنًا عربيًّا لقوم يعلمون" (فصلت 3) ؛ فهو "كتاب أُحكمت آياته ، ثم فُصّلت من لدن حكيم خبير" (هود 1) . فما القرآن العربي إلا الكتاب مفصلا : "أنزل اليكم الكتاب مفصلا" (الأنعام 114) ، فهو "تفصيل الكتاب" (يونس 37) . فالقرآن العربي تنزيل رب العالمين لأنه تفصيل التنزيل الكتابي .

وها نحن نفصّل ما أجملناه .

التنزيل القرآن ومصادره
الصفحة
  • عدد الزيارات: 8707