Skip to main content

الكتاب المقدس هو المصدر الأصلي - الكتاب المقدس هو الدستور والمقياس

الصفحة 2 من 2: الكتاب المقدس هو الدستور والمقياس

 

فلهذه الأسباب وجب أن يكون الكتاب المقدس الدستور والمقياس الذي يُقاس عليه غيره. فإذا قيل إنه تحرَّف، قلنا إنه كان في عصر محمد منتشراً بين أيدي ملايين من سكان مملكة روما وبلاد فارس، وكان مترجماً إلى لغات شتى. وتوجد نسخ من العهد الجديد مكتوبة قبل ظهور محمد بستة قرون، وإذا قارنا بينها وبين النسخ الموجودة الآن لا نجد فرقاً. فلو كانت محرّفة لما صادق عليها محمد، ولما قال إنه أتى مؤيداً لها، ولما قال إنها كتاب الله وإنها نور وهدى ورحمة، وإنها الفرقان، أي الذي بيَّن الحق والباطل.

جاء في تفسير ابن كثير على المائدة 43 وفي سنن أبي داود جزء 4 (حديث رقم 4449) أن اليهود استفتوا محمداً في حكمه على شيخٍ وشيخةٍ زنيا. ووضعوا له وسادة جلس عليها. فقال: ائتوني بالتوراة فأُتي بها، فنزع الوسادة من تحته، ووضع التوراة عليها، ثم قال: آمنت بك وبمن أنزلك . وهذا يعني وجود توراة مكتوبة، صدَّق محمد بصحّتها، وأعلن إيمانه بها.

- 3 - لم يرد ما يفيد أن القرآن نسخ الكتاب المقدس، ولكن محمداً هو الذي كان ينسخ ما يأتي إليه، فأمر أولاً أن تكون القِبلة مثل قِبلة اليهود، ثم غيّرها نحو الكعبة. ونسخ كثيراً من أقواله. ولكنه شهد بأنه أتى مصدِّقاً على التوراة والإنجيل وأنذر من يزدري بهما، وقال إن الله أمره أن يثبت إيمانه بهما إذا كان في شك أو ريب (يونس 10: 94).

- 4 - الذي يقارن بين ما ذكره محمد وبين ما ذُكر في التوراة يجد عبارات القرآن مقتضَبة موجَزة، فلم يعيّن زمان القصة ولا مكانها، ولا أسماء من فيها ولا عددهم، بخلاف التوراة التي تورد كل قصةٍ مستوفيةً بالتمام والكمال، فتُعيِّن زمانها ومكانها وأسماء أبطالها.

- 5 - بما أن جميع الأنبياء هم من اليهود، فإن بني إسرائيل هي الأمة التي فضّلها الله على العالمين بشهادة القرآن، فكانوا هم الأحقّ بمعرفة قصص أنبيائهم وتورايخ أمتهم.

لقد أورد القرآن ما يُؤكد أنه أتى مصدِّقاً لما بين يديه من الكتب المقدسة، وأمر محمداً وحضّه على إزالة شكوكه بمطالعتها، واستشهد بها، وعظّم قَدْرها واعترف بفضلها، واقتبس منها. فالقرآن في الصحف الأولى. فإذا طالع القارىء ما ورد في كل القرآن والكتب المقدسة، جزم بأن القرآن الذي ظهر بعد هذه الكتب بجملة مئات من السنين مأخوذ منها.

لذلك يجب أن نجعل الكتب المقدسة في العهدين القديم والجديد الأصل الذي يُرجَع إليه للأسباب الآتية:

(1) إنها أقدم كتاب في الدنيا.

(2) إن أصحابها حافظوا عليها.

(3) إن علماء كل جيل وعصر استناروا بأنوارها وعوَّلوا عليها.

(4) كان معاصرو محمد يعرفون أنه أخذ كتابه منها، وكان بعض أصحابه يلقّنه ما تضمَّنته.

(5) جعلها محمد الدستور الذي يُرجع إليه ويُعوَّل عليه، حتى قال له الله حسب دعواه: “فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَا سْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ; (يونس 10: 94) أي: اسأل أهل الكتاب.

(6) اعترف محمد أن القرآن مصدِّقٌ عليها ومؤيّد لها.

(7) عدم استيفاء قصص القرآن وعدم ذكر الأمكنة والأزمنة والأسماء، بخلاف التوراة فإنها استوفت هذه القصص تماماً، مما يدل على أنها هي الأصل.

(8) لم يرِدْ نصٌّ صريح يدل على أن القرآن نَسَخ شيئاً منها، بل بالعكس إنه أتى مصدِّقاً عليها.

(9) لو صرفنا النظر عن ذلك، وقارنّا أقوال القرآن بأقوال الوحي الحقيقي، لظهر لنا الفرق العظيم.

ولهذا السبب جعلنا الكتاب المقدس الحَكَم بين أقوال البشر وبين غيره!

الصفحة
  • عدد الزيارات: 10037