تحت مطرقة الإنتقاد
المسلمون دوما يطرحون مسألة تحريف وتزوير الكتاب المقدس، وعلى مر العصور والأعوام لا تجد مسلم في العالم لا ينتقد الإنجيل وكل واحد يطرح الموضوع من زاويته، فالبعض يقول أن إنجيل برنابا هو الكتاب الحقيقي والآخر يقول أن الكتاب الصحيح موجود في روما مخبأ داخل الكنيسة الأم، ومنهم من يقول أن النسخ الأصلية كلها أحرقت لتستبدل بهذا الإنجيل المحرف.
وبقي الكتاب المقدس تحت مطرقة إنتقاد المسلمين ولكنه وقف في كل تلك الحقبات كنسر يحلق في الأعالي وكجبل شاهق لا يستطيع أحد تسلقه وكصخرة متينة متحدية العواصف والتغيرات، فالإنجيل هو صاحب السلطان الحقيقي النابع من عند أبي الأنوار، فكل هذه القساوة الشديدة وكل هذه الهجومات وكل هذه الإفترائات لم تلطخ الكتاب المقدس من نصاعته ومن مصداقية بأنه إعلان الله المباشر للبشر. فنصوصه وجوهره واعلانه لن يتأثر حتى ولو وضع بين السندان والمطرقة لأنه دوما يثبت جدارته وشموليته في تقديم الغفران والخلاص للجميع من خلال المسيح عبر التوبة والإيمان. فهو كتاب يعلم ويدرب ويقوّم ويوبخ "كل الكتاب هو موحى به من الله. ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر. لكي يكون إنسان الله كاملا متأهبا لكل عمل صالح" (2 تيموثاوس 16:3).
وفي الدفة الأخرى يوجد القرآن الذي ينتقد نفسه. فهو ليس بحاجة لمطرقة الإنتقاد من الخارج لأن داخله مليء بالتناقضات من حقبة الأيات المكيّة الى حقبة آيات المدينة التي تضارب بعضها البعض, فالظروف والأحداث تتحكم بجوهره، والمكان يفرض عليه نصوصه، فلا من يردع ولا من يوقف أفكار تجول في قلوب البعض لكي تصبح مع الأسف آيات منزلة وكأنها هي الحقيقة الثابتة، ولكننا نجده كالعصافة في مهب الريح، يجتهد أتباعه لكي يدافعوا عن أنفسهم ولكن لا محالة فهو خال من الحلول للخطية وخال من تعزية النفس البشرية وكأنه يقف صارخا ليقول اتركوني فأنا لست الحقيقة.
صديقي العزيز: تأمل بهذه الصورتين، كتاب تحمّل الكثير من هنا وهناك وبقي على مدى العصور صامدا ينبع من داخله بقطرات الندى الإلهي، وتنبعث منه رائحة حضور الله المبارك, لكي يبلسم القلوب المنكسرة ولكي يعطي الحزانى أشواق جديدة في الحياة، هو كتاب سمي بالإنجيل لأنه يقدّم الخبر السار، وفكر بذلك الكتاب الآخر الذي لا يتحمّل نسمة هواء من الإنتقاد فستجده ينهار، فهو لا يستطيع أن يساعد نفسه في المجابهة الروحية فكيف سيساعدك. فكر مليّا وتعال إلى المسيح بقلب مفعم بالأشواق والتوبة والإيمان وستجد عندها خلاصا لا مثيل له.
- عدد الزيارات: 14707