Skip to main content

الخلاص

الصفحة 1 من 2

الفصل السادس عشر: الخلاص

في كتابه "دع القلق وابدأ الحياة يقول ديل كارنيجي": "لا تأتينا قرحة المعدة مما نأكله، بل مما يأكلنا قاصداً القلق! ولا شك أنه قد أصاب لبّ الحقيقة من قال: "من أصابه القلق فقَدَ مِتَع الحياة، وإن جاءته تسعى".

لكن ما عساه يفعل من كان القلق في حياته أمراً يفرضه معتقده الديني!

إن الذين خوطبوا بلعلّ أو بعسى أن يغفر الله لكم ويكفر عنكم خطاياكم، هم قومٌ بلا شك ألقاهم معتقدهم في القلق والهم والحيرة، فهم يُصبِحون ويُمْسون وهم لا يدرون في أي الفريقين سيكونون. هل هم من الناجين الذين غُفر لهم، أم من الهالكين الذين رُفضت توبتهم!!

تعيس ذلك الإنسان الذي خلد إلى فراشه وهو غير ضامن لمستقبل حياته الأبدية. تعيس من قام من بين يدي الله ولم ينل خلاصه. وطوبى لمن اطمأنت نفسه، وسكنت روحه بتأكيدِ الله بنجاته!

إن ألمع جوانب المسيحية على الإطلاق هو تأكُّد معتنقيها مِن خلاصهم، بفضل دم مخلِّصنا الذي غطى خطايانا وغفر ذنوبنا. ففي ظل هذه العقيدة المخلِّصة نجد أن الله قد انحنى على البشر عندما أخذ تراباً وخلق الإنسان، ثم انحنى عليهم ثانية عندما كلّمهم بواسطة أنبيائه. وأخيراً لما بلغ ملء الزمان انحنى عليهم في شخص ابنه يسوع المسيح، الذي جاء مخلِّصاً للإنسان في شخصه وحياته وموته وقيامته.

نسمع أحياناً بعض الوعاظ في حديثهم عن الفداء والخلاص فإذا هم يحصرونهما في موت المسيح. غير أن هذه نظرةٌ ضيّقة للغاية، فبظهور المسيح ابن الله في الجسد أمكن خَلْق الإنسان الجديد الذي لا نقص فيه ولا اعوجاج ولا ذنب ولا خطية، فبتجسُّد الكلمة حصلت الطبيعة البشرية على الخلاص، واتَّحدت بشخص ابن الله القدوس فتجدَّدت "وتألَّهت" (2 بطرس 1: 4).

في شخص يسوع المسيح وُجدت طبيعة بشرية خالصة كاملة، فخلاص الإنسان هو قبل كل شيء خلاص كيان. وهذا الخلاص يتمّ باتحاده في كيان المسيح، فيصبح إنساناً جديداً (2 كورنثوس 5: 17) متَّحداً بالله اتّحاداً جوهرياً. فكما أننا انفصلنا عن الله عن طريق آدم، فقد اتصلنا بالله عن طريق يسوع المسيح.

وقد تمَّ الخلاص للبشرية لا من خلال تجسّد الكلمة فقط، بل من خلال أعمال الرب يسوع يروي لنا لوقا أن يسوع دخل المجمع يوم سبت وقام ليقرأ، فدُفع إليه سفر إشعياء النبي فلما نشر السفر وقع على الموضع المكتوب فيه: روح الرب عليَّ، لأنه مسحني لأبشّر المساكين، وأرسلني لأنادي للمأسورين بالتخلية، وللعميان بالبصر، وأُطلق المرْهَقين أحراراً، وأُعلن سنة نعمةٍ للرب . ثم طوى السفر ودفعه إلى الخادم وجلس. وكانت عيون الذين في المجمع شاخصةً إليه بأجمعها، فشرع يقول لهم: اليوم تمَّت هذه الكتابة التي تُليت على مسامعكم (لوقا 4: 16-21)

وكانوا جميعاً يشهدون له، ويعجبون بكلام النعمة الخارج من فمه .

كان اليهود يحتفلون كل خمسين سنةٍ بسنةِ يوبيل يُريحون في أثنائها الأرض، ويطلقون الأسرى، ويحررون العبيد. وكانت تلك السنة، سنة نعمةٍ للرب. وبمجيء المسيح أصبحت سنة النعمة هذه لا مرة كل خمسين سنة، بل سنةً دائمة، لأن المسيح هو نعمة الله التي انسكبت على جميع البشر ولا سيما على الفقراء والمرهقين والخطاة. إن الإنسان يعيش في القلق والعبودية والخوف عندما تسيطر عليه مخاطر من ذاته ومن شهواته وأمياله، فيسقط في الخطيّة ويصبح عبداً لها، وبالتالي يصبح في حاجة إلى من يخلّصه من خطيته، وينقذه من مخاطر المجتمع الذي يرذله ويحتقره ويستعبده، فيمسي في حاجةٍ إلى من ينقذه من قيود المجتمع، ومن مخاطر الطبيعة والكون كالأمراض والمصائب والموت.

جاء المسيح مخلِّصاً للإنسان
الصفحة
  • أنشأ بتاريخ .
  • عدد الزيارات: 6460