اكتشفت صديقاً صدوقاً
خلال شهر رمضان كنت أشعر أنني أقدس إنسان في العالم، فأرتدي الزيّ الإسلامي وأصرف الساعة تلو الأخرى أشكر الله. كان في ودّي أن أطيع الله مثلما أطاعه الأنبياء.كان يمتلك حياتي خوف من التعرض لغضبه في يوم الدينونة العظيم. وكنت أحاول القيام بكل ما يتوجب عمله على مسلم ورع – الصوم، والصلاة، والزكاة، وترديد كلمة التقوى والأمل في القيام بالحج إلى مكة.
هذه كانت اهتمامات حياتي الأساسية، حتى أني أصبحت مؤذناً أدعو الناس إلى الصلاة يوماً بعد آخر. فالجامع غدا بمثابة بيتي الثاني، وغالباً ما كنت أسير عبر أفنيته وأوجد في مآذنه.
كنت أظن أنني مقدساً عندماً أؤدي الواجبات الدينية الإسلامية، ولكن لم أكن أتمتع بشيء من الفرح الحقيقي. فالقداسة التي أحرزتها، إنما هي، في الواقع، برّ ذاتيّ. كنت أفخر بمآثري الدينية وبما كنت أظنه فضيلة بحسب الشرع: إلا أن حياتي كانت خلواً من معرفة الله الفعلية، إذ لم تكن لي شركة حقيقية معه، وأحس بغيابه وبعده عني.
في القرآن، يُرسم لنا الله كالخالق الذي ليس فقط يرتفع جداً فوق العالم الذي صنعه، بل هو أيضاً بعيد جداً عن كل إنسان. إنه الذي يحتفظ بسجل دقيق لأعمالنا بحيث يتمكن في اليوم الأخير من مجازاتنا بمكافآت أخيرة، أو يعاقبنا بدينونة نهائية. كان هذا الأمر يملأ قلبي بالخوف والرعب، إذ كنت أعلم أنني أقصّر كثيراً في متطلبات الفضيلة والبرّ الحقيقيين.
وبحسب إيمان الكثيرين من المسلمين، أننا حينما نموت يكون ثمة ملاك يقف على استعداد لمساعدتنا. غير أن كلاً منا عليه أن يواجه الدينونة بمفرده، على أساس إحساناته وسيئاته وفي الدينونة هناك جسر على كل واحد أن يسير فوقه، وهو في سُبع سماكة الشعرة فقط. فإن كانت الأعمال الصالحة عند أحدهم أكثر من الطالحة فسيتسع الجسر له لتمكينه من العبور إلى السماء، وإلا فسيقع في الجحيم.
وللإسلام أتباع كثر في 'جاوا' حيث عشت حياتي كلها. وأنا في الثانية عشرة من عمري صممت تصميماً واعياً على اتباع الإسلام بعزيمة قلبية صادقة. فطفقت أقصد الجامع كل يوم تقريباً، وأتلقى دروساً في الإسلام بشوق عظيم. وبالطبع رحت أحفظ غيّباً مقاطع من القرآن، وقد تعلمت كل الصلوات الطقسية المفروضة. حاولت أن أطيع الله بإخلاص مساوٍ لإخلاص محمد. لم يكن ثمة شيء أكثر أهمية بالنسبة لي من الاستعداد للدينونة الأخيرة. ومشغوليتي الدائمة أن أنفذ إرادة الله في شؤوني اليومية.
- عدد الزيارات: 10728