Skip to main content

اكتشفت أن الله ليس ميتاً

الصفحة 1 من 5

لعدة شهور، ظللت أقرأ نيتشه وكامو وسارتر. كانت قبل ذلك تساورني الشكوك حول أهمية الحياة ومعناها، ولكن بإقحام نفسي في خضم الفلسفات المتشائمة لهؤلاء الرجال أصبحت مقتنعة بأنه ليس من مبرر للحياة. وقنوطي في الحياة تحوّل إلى يأس مرير.

والانطباع الأوحد الراسخ الذي تركه فيّ مثل هؤلاء الفلاسفة هو أن الله ميت. كان ميتاً بالنسبة لهم. وكذلك بالنسبة لي. ولم يكن ثمة شيء يبرر وجودي.. شيء يمكن أن أعيش لأجله.

وُلدت عام 1951 في بلدة تتاخم مدينة الجزائر القريبة، وهي مكان يتمتع بسحر خلاب بالنسبة لي لأنه كان ممسوحاً - وبشكل مغر - بمسحة من الثقافة والفتنة الأوربيتين. وحقيقة كوني فتاة لم تؤخّر والديّ عن أن يؤمِّنا لي أفضل ثقافة سمحت بها إمكاناتهما. بدأت أتعلم في مدرسة قرآنية، فحفظت غيّباً أجزاء كثيرة من سور القرآن وتعلّمت مناهج الصلوات المفروضة وأساليبها.

كانت لي رغبة عميقة لمعرفة الله، على ما أذكر. وكان في وسعي أن أشاهد مئذنة الجامع من إحدى نوافذ منزلنا. فكنت غالباً أفكر بالله وأتساءل عما إذا بالإمكان أن أتعرف إليه شخصياً. لقد أحببت أن أتكلم إلى الله مباشرة فلا أحدد نفسي بالصلوات المفروضة - طبعاً، كان المفروض عليّ أن أقوم بتلاوة صلواتي بحسب الطريقة الإسلامية، لكن ثمة شيئاً فيها كان يجعلني غير راضية البتة – ونتيجة لذلك صرت أزداد إهمالاً في إطاعة متطلبات الصلوات الرسمية، بيد أنني ظللت أتقيّد بصوم رمضان، ويعود السبب في الدرجة الأولى إلى الضغط الاجتماعي والخوف الذي يسببه.

إن شعوري المتزايد بعدم الاكتراث بالممارسات الإسلامية، كانت تشجعه وبدون ريب، الشكوكية الدينية التي عند والدي. فمع أنه ينتمي إلى أسرة إسلامية، لكنه يعتبر نفسه حر التفكير. كان يصعب عليّ فهم ذلك آنئذٍ، ولكن إذ كبرت بدأت أدرك أن والدي كان واحداً من جمهرة كبيرة من الشكوكيين الذين يخفون شكوكهم وراء قناع من الخضوع الظاهري للتقاليد والممارسات الإسلامية.

إن إيماني بالإسلام، كان يخضع لامتحان قاسٍ بسبب ما كنت أشاهده من الالتزام الشكلي الفارغ، والرياء المفضوح في كل ناحية من نواحي حياة والدي الاجتماعية والرسمية. وفي النهاية بلغت حداً لا يطاق، فصرخت إلى الله:

'إن كنت موجوداً، أظهر لي ذاتك وبرهن عن وجودك'. لم يكن ثمة جواب، إنما صمت لا غير.

عندما تعرفت للمرة الأولى على تعليم الكتاب المقدس
الصفحة
  • أنشأ بتاريخ .
  • عدد الزيارات: 11053