Skip to main content

الولادة

من الجدير بالذكر تذكير القراء في مقارنة الأديان أنه من المهم أن نتعرف على حياة وشخصية الذين جاءوا بهذه الأديان. لذلك لا بُد هنا من التعرف على بعض جوانب حياة كل من محمد والمسيح وحتى منذ لحظة الحمل بهما. بالنسبة للمسيح كل ما نعرفه عن شخصه وحياته قد ورد في الإنجيل. أما بالنسبة لمحمد فإن القرآن لا يذكر لنا شيئا عن حياته. لذلك وحتى نتعرف على شخصية محمد وحياته فلا بُد من الرجوع إلى كتب السيرة والحديث.


الأحداث التي رافقت الحبل بمحمد:
مرة أخرى نعود إلى ابن هاشم في كتاب السيرة كي يخبرنا عن الأحداث التي صاحبت الحمل بمحمد. يروي إبن هاشم: "أن عبد المطلب جد محمد قد نذر حين لقي من قريش ما لقي عند حفر زمزم لئن وُلد له عشرة نفر ثم بلغوا معه حتى يمنعوه لينحرن أحدهم عند الكعبة. فلما صار له عشرة من الأبناء دعاهم إليه وأمر كل واحد أن يكتب إسمه على قدح، فدخل بهم على هُبَل في جوف الكعبة. قال عبد المطلب لصاحب القداح: "اضرب على بني هؤلاء بقداحهم هذه". كان عبد الله أصغر أبناء عبد المطلب وأحبهم إليه. فلما أخذ صاحب القداح –القداح- ليضرب بها، قام عبد المطلب عند هُبل يدعو الله، ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على عبد الله. أخذ عبد المطلب ابنه عبد الله إلى الصنمين آساف ونائله ليذبحه. فجاءت قريش بينه وبين ما أراد وتوسلوا إليه أن يجد عذرا فيه. ذهب عبد المطلب مع عبد الله إلى عرافة في الحجاز إسمها قطبة ليستشيرها في ما يفعل. فلما جاءوا الحجاز علموا بأنها في خيبر فشدوا الرحال إليها وقص عليها عبد المطلب خبره وخبر ابنه. قالت لهم العرافة: "ارجعوا عني اليوم حتى يأتيني تابعي (الصاحب من الجن أو الشيطان) فأسأله. فلما عادوا في اليوم التالي قالت لهم: "لقد جاءني الخبر، كم الدَية فيكم؟ قالوا "عشرا من الإبل" وكانت كذلك. قالت: "فارجعوا إلى بلادكم ثم قربوا صاحبكم وقربوا عشرا من الإبل، ثم اضربوا عليها وعليه بالقدح، فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم، وإن خرجت على الإبل فانحروها عنه فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم".
"رجع القوم إلى مكة وفعلوا كما قالت لهم العرافة وبقوا يعيدون الكرة حتى وقع القدح أخيرا على الإبل وقد بلغ عددها مئة فنحروها بدل عبد الله."
بعد هذه الأحداث أخذ عبد المُطلب بيد عبد الله فمر به على امرأة من بني أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وهي عند الكعبة. فقالت له حين نظرت إلى وجهه: "أين تذهب يا عبد الله؟" فقال: "مع أبي"، قالت: "لك مثل الإبل التي نحرت عنك وقع علي الآن (ضاجعني)." قال: "أنا مع أبي و لا أستطيع خلافه و لا فراقه." بعد ذلك أخذ عبد المُطلب ابنه عبد الله إلى وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر فزوجه ابنته آمنة…فزعموا أنه دخل عليها فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم خرج من عندها فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت فقال لها: "ما لك لا تعرضين علي اليوم ما كنت عرضت علي بالأمس؟" قالت له : "فارقك النور الذي كان معك بالأمس. فليس لي بك حاجة اليوم." (إبن هشام ج 1 ص 140-145). تأمل عزيزي القارئ في هذه الرواية بعد ما حدث مع عبد الله والد محمد من الأحداث ، يمر على امرأة من أشرف نساء قريش عند الكعبة فترى فيه نورا فتعرض عليه مئة من الإبل حتى يزني بها عند الكعبة، و يكاد يفعل ذلك لو أنه لم يكن بصحبة أبيه عبد المُطلب. ثم يتزوج من آمنة فيدخل عليها ويرجع في اليوم التالي إلى المرأة التي عرضت نفسها عليه كي يزني بها ولكنها ترفض طلبه. قارن يا عزيزي القارئ ذلك بما جاء عن الحبل بالمسيح واحكم هل أن محمدا حقا هو أشرف خلق الله؟


الأحداث التي رافقت الحبل بالمسيح:
يذكر الإنجيل ما يلي عن الكيفية التي تم بها الحبل بالمسيح:
"وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل إسمها ناصرة إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود إسمه يوسف. وإسم العذراء مريم. فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك. مباركة أنت في النساء. فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية. فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسميه يسوع. هذا يكون عظيما وإبن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية. فقالت مريم للملاك: كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا. فأجاب الملاك وقال لها: الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك القدوس المولود منك يُدعى ابن الله. وهوذا أليصابات نسيبتك هي أيضا حبلى بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا. لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله. فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا فدخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات. فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها. وامتلأت اليصابات من الروح القدس. وصرخت بصوت عظيم وقالت: مباركة أنت في النساء ومباركة ثمرة بطنك. فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليّ. فهوذا حين صار سلامك في أذني ارتكض الجنين في بطني. فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" لوقا 2: 26-45.
مما سبق نرى أن ما واكب الحبل بالمسيح كان سماويا من البداية حتى النهاية. ولم يكن هناك أصنام ولا جن ولا شياطين ولا سحر ولا عرافة. فكر أخي القارئ. هذه الأحداث تمت قبل محمد بأكثر من ستمائة عاما وهي مثال في الطهر والنقاوة والسمو. فهل من المعقول أن يعود الله بعد ستمائة عاما إلى الأصنام وضرب القرعة أمام الأصنام والجن والشياطين والسحرة والعرافين ومحاولة الزنى حتى يتم الحبل بمن يُقال عنه أنه أشرف خلق الله (محمد)؟
ولادة محمد:
ليس هناك الكثير في كتب الأحاديث والسيرة عما رافق ولادة محمد من أحداث. هناك رواية عن حسان بن ثابت جاء فيها: "قال ابن إسحق: وحدثني صالح بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري قال: حدثني من شئت من رجال قومي عن حسان بن ثابت قال: والله إني لغلام يفعه إبن سبع أو ثمان أعقل كل ما سمعت إذ سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمة (تلة) بيثرب: يا معشر يهودا حتى اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم محمد الذي ولد به." (إبن هشام ج 1 ص 147). يبدو أن هذا تقليد رخيص لنجم بيت لحم.
ولادة المسيح:
بالمقارنة مع رواية حسان بن ثابت شاعر محمد وإبن السبع أو ثمان سنوات يخبرنا الوحي المقدس في الإنجيل أنه على الرغم من وضاعة مولد المسيح فإن السماوات كلها احتفلت بذلك المولد.
"وفي تلك الأيام صدر أمر من أوغسطس قيصر بأن يكتتت كل المسكونة. وهذا الاكتتاب (الإحصاء) الأول جرى إذ كان كرينيوس والي سورية. فذهب الجميع ليكتتبوا كل واحد إلى مدينته. فصعد يوسف أيضا من الجليل من مدينة الناصرة إلى اليهودية إلى مدينة داود التي تدعى بيت لحم لكونه من بيت داود وعشيرته ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حبلى. وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد. فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في المذود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل وكان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم. وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما. فقال لهم الملاك: لا تخافوا. فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب. وهذه لكم علامة تجدون طفلا مقمطا مضجعا في مذود. وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لوقا 2: 1-13). يا ترى أي الملادين كان ميلادا سماويا؟ ميلاد المسيح أم ميلاد محمد؟

  • عدد الزيارات: 8182