Skip to main content

أحاديث الأضاحي

الأضحية في الإسلام: موضوع الأضاحي والذبائح من المواضيع الأكثر إبهاماً في الإسلام، فليس للأضحية في الإسلام فلسفة ما. والمسلمون يذبحون سنوياً (في عيد الأضحى) لقول محمد مَنْ كان له سعة ولم يضحِّ فلا يقرُبنّ مُصلَّانا

ومن الذبائح في الإسلام ما يُسمى بالعقيقة وهي ذبيحة تُذبح عن المولود في اليوم السابع، فقد قال محمد : كلُّ غلام رهينة بعقيقته تُذبح عنه اليوم السابع، ويُحلق رأسه، ويُسمَّى 15.

وفي حديث آخر يقول محمد : ما عمل ابن آدم يوم النحر (الذبح) عملاً أحبَّ إلى الله من هِراقة (سفك) دمٍ، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدَّم ليقع من الله عّز وجلّ بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً

وبالإضافة إلى ما سبق فقد وضع محمد شروطاً خاصة للذبيحة، منها أن تكون ذكراً، فقد قال: أمِرتُ بيوم الأضحى عيداً جعله الله لهذه الأمة. فقال له رجل: أرأيت إن لم أجد إلا منيحة أنثى، أفأضحّي بها؟ فقال: لا، ولكن خذ من شعرك وأظفارك وتقُصُّ من شاربك، وتحلق عانتك، فذلك تمام أضحيتك عند الله

ومن شروط الذبيحة أن تكون بلا عيب لقوله: أربعٌ لا تُجزى في الأضاحي: العوراء البيِّن عوَرها، والمريضة البيّن مرضُها، والعرجاء البيِّن عرَجها، والكسيرة التي لا تُنقى (لا تقدر على السَّير) هذا بالإضافة إلى عدة شروط أخرى، كأن يكون الذبح لله، وبنيّة خالصة، واختيارياً، وقدر استطاعة الفرد.. إلخ,

وكل الأحاديث السابقة تجعلنا نسأل:

لماذا وُضِعَتْ هذه الشروط للذبائح؟

ولماذا يقع الدَّم من الله بمكانٍ قبل أن يصل للأرض؟

ولماذا يُرهَن الغلام بذبيحة تُذبح عنه في اليوم السابع؟


فلسفة الذبائح في المسيحية:

بسبب غموض موضوع الذبائح في كتب الفقه والحديث الإسلامية، ندرس موضوع البحث دراسة مسيحية خالصة. وقد جاءت أول إشارة عنه في تكوين 3: 21 وَصَنَعَ الرَّبُّ الْإِله لِآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا فوجود أقمصة الجلد يلزمه وجود ذبيحة. وهذه أيضاً أول إشارة عن دور الذبيحة في تكفير (تغطية) الخطية. وتوالت بعد ذلك الإشارات للذبيحة في قصة قايين وهابيل (تكوين 4). أما العبادة اليهودية فكلها ذبائح وأضاحي، فقد كان اليهود يعيّدون عيد الفصح كل عام فيذبحون شاة، تذكاراً لنجاتهم من استعباد فرعون لهم، وعبور الملاك المهلك على بيوتهم التي وضعوا الدم على عتبة أبوابها العليا وعلى قائمتي أبوابها (خروج 12). كما كانوا يحتفلون بيوم الكفارة العظيم سنوياً للتكفير عن ذنوب الشعب (لاويين 16). وكما في الإسلام كذلك في التوراة، هناك شروط في الذبيحة. وقد وُضعت شروط التوراة لتوضح العلاقة بين الرمز (الذبيحة) والمرموز له (المسيح)، وهذه الشروط هي:

1 - أن تكون الذبيحة، كل ذبيحة، بلا عيب، لأنها ترمز للمسيح الذي بلا خطية، فيقول في تثنية 15: 21 وَلكِنْ إِذَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ، عَرَجٌ أَوْ عَمىً، عَيْبٌ مَا رَدِيءٌ، فَلَا تَذْبَحْهُ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.

2 - وكانت هناك ذبائح اختيارية، إشارة إلى أن المسيح وضع نفسه بإرادته واختياره (لاويين 22: 19 4وعدد 15: 3 وتثنية 16: 1 وعزرا 3: 5 ).

3 - يكون تقديم الذبيحة لله فقط، رمزاً للمسيح الذي أسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحةً لله رائحة طيبة (خروج 22: 2 و أفسس 5: 2)

4 - يجب أن تُقَدّم الذبائح بالشكر (مزمور 5 : 8 و14) وبقلبٍ مستقيم (إشعياء 1: 13).

ويعلّمنا الكتاب المقدس أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عبرانيين 9: 21) وهذا ما فعله المسيح الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ (أفسس 1: 7)

وقد جاءت في العهد القديم عدة إشارات عن دم المسيح (خروج 12: 13 و29: 16 و3 : ولاويين 1: 45.. إلخ). وفي العهد الجديد وَرَدَت عدة نصوص تؤكد الفداء والتطهير بدم المسيح (كولوسي 1: 2 وعبرانيين 1 : 19 و12: 24 و1بطرس 1: 2 6 1 بطرس1 يوحنا1:,4. إلخ).

وقد وَضّحَ المسيح هذه الرمزية بينه وبين الذبائح حينما قال: هـذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا (متى 26: 28). وكذلك فَعَل يوحنا المعمدان حين رأى المسيح، فقال: هُوَذَا حَمَلُ اللّه الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ (يوحنا1: 29 و36).

كانت القرابين والذبائح في اليهودية رمزاً للذبيح الأعظم، حَمَل الله الذييرفع خطية العالم، وكان الدم رمزاً لدمه الذي يطهر من كل خطية. فالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يدور حول فكرة الفداء بدم المسيح، ففي العهد القديم نجد أكثر من 3 نبوة وإشارة عن المسيح، وفي العهد الجديد نجد تحقيق هذه النبوات,

كيف دخلت الذبائح الإسلام؟

عندما نريد أن نعرف تاريخية شيءٍ ما فعلينا أن نرجع لجذوره التراثية. فلنرجع لتاريخ العرب قبل الإسلام، وهم بشرٌ يؤثّرون في الآخرين ويتأثّرون بهم.

ومن الثابت تاريخياً أنه ليس للعرب أية سجلات تاريخية توضح حال شبه الجزيرة العربية في فترة ما قبل الميلاد. فالمعروف أن النبي إبراهيم، خليل الله، عاش تقريباً من 2 25 - 185 ق.م، ولكن التاريخ العربي لم يسجل شيئاً عنه، وكانت قصته مجهولة تماماً عند العرب القدماء.

ومن المعروف أيضاً أن الديانة اليهودية ديانة غير كارزة، لا تدعو أحداً للدخول فيها، بل تقتصر على بني إسرائيل. لذا فاليهود لا يعنيهم ما يعرفه الآخرون عنهم. ولكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لتأليف مجموعة من القصص تمكّنهم من العيش وسط العرب، بعد أن طُردوا من فلسطين على عدة مراحل، كان أولها على يد تيطس الروماني عام 7 م، ثم عام 132م حينما حاولوا القيام بثورة ضد الرومان. وكان الملجأ الوحيد لهم هو شبه الجزيرة العربية لأنها لم تكن خاضعة للحكم الروماني. فكان عليهم أن يوجِدوا صلةً ما بينهم وبين العرب، تتيح لهم أن يعيشوا في بلادهم، فقاموا بصناعة الحلي والسيوف والكهانة، ثم اخترعوا فكرة قرابتهم للعرب، لأنهم أبناء عمومة، فجدّهم جميعاً هو إبراهيم، الذي أنجب اليهود من نسل ابنه إسحاق، وأنجب العرب من نسل ابنه إسماعيل! وهذه الصلة بالجد البعيد إبراهيم جعلتهم يربطون بين بئر سبع وبئر زمزم، وبين برية فاران التي عاش فيها إسماعيل وبين مكة,وانتقلت هذه القصة في الموروث الشعبي، نتيجة عدم تسجيل العرب لوثائق تاريخهم، كما كان يفعل اليهود والرومان والمصريون.

كان نتيجة ذلك أن استقرت هذه القصة في الأذهان كحقيقة واقعة مفادها أن إسماعيل عاش في مكة وأنه أبو العرب وأخو إسحاق أبي اليهود. ولذا فالعرب واليهود أبناء عمومة!


التراث اليهودي - الإسلامي:

نتيجةً لما سبق تأثّر العرب بالتراث اليهودي فظهر الحُنفاء الذين اتّخذوا طقوساً كثيرة من اليهودية وجعلوها نبراساً لهم، وكان منهم قُصيّ بن كِلاب أحد أجداد النبي، ومنهم جدّهُ عبد المطلب ، وزيد بن عمرو بن نفيل عم عمر بن الخطاب9, بن الخطاب.

وكانت نتيجة كل ذلك هو مولد محمد وسط هذا الموروث العقائدي الذي تأثر به كثيراً نتيجة لاحتكاكه بأقربائه الحنفاء, كما تأثر محمد بيهود المدينة موطن أخواله، وبيهود الشام واليمن في رحلاته التجارية. فكان أن أخذ محمد الطقس الموروث دون مدلولاته، فإنه أخذ أشياء كثيرة ممن كانوا قبله، كالصوم والصلاة والحج والحدود وكذلك أخذ طقس الفصح السنوي عن اليهود، لكن دون مدلوله وهو المسيح. ولعلنا لا نتجنّى إذا قلنا إن مفهوم الكتاب المقدس عن الذبائح يوضّح لماذا يقع الدم من الله بمكانٍ قبل أن يقع على الأرض. وذلك لأن هذا الدم كان يرمز إلى كفارة المسيح، الذي سُفِكَ دمه عن كثيرين وبه تُغفَر الخطايا. ولقد انتهت الآن كل الذبائح والقرابين التي تُقَدّم لله لأن المسيح لَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الْأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيّاً (عبرانيين 9: 12).

  • عدد الزيارات: 14575