أحاديث الطهارة
تتميَّز أحاديث هذا الباب بكثرتها واضطرابها وضعف أكثر رُواتها، إما بالكذب أو النسيان أو التغفيل. وبالرغم من أن عنوان هذا الباب هو كتاب الطهارة فإنه يحتوي على ما لا ينتمي للطهارة بصلة، مثلما رواه أحمد والبخاري من حديث صلح الحديبية عن مروان بن الحكم قال: ما تنخَّم النبي نُخامة إلا وقعت في كفّ رجلٍ، فدلك بها وجهه ورجليه (تنخَّم أي دفع شيئاً من صدره أو أنفه).
وأيضاً ما رواه ابن عباس مرفوعاً: إن في أبوال الإبل شفاء للذربة بطونهم,(الذرب داءٌ يصيب المعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها فلا تمسكه).
وعن أنس بن مالك أنس بن مالك قال إن رهطاً من عُكل (قبيلة من قُضاعة) أتوا المدينة فأمر لهم النبي بلقاح (نياقٍ ذات لبن) وأمرهم أن يشربوا أبوالها وألبانها,
ورغم أن محمداً أمر أتباعه أن يشربوا من بول الإبل، إلا أن حديثاً آخر يقول إن محمداً قال: تنزَّهوا من البول، فإن أكثر عذاب القبر منه. وعن ثوبان قال: قال النبي: الماء طهور إلا ما غلب على ريحه وطعمه.
ورغم هذا فإن محمداً شرب وتوضَّأ من بئر بضاعة وهي بئر تُطرح فيها محايض النساء ولحم الكلاب وعذر (براز) الناس، وماؤها متغيِّر اللون,وأعجب ما في الأمر أن هذه الأحاديث وردت في كتاب واحد هو كتاب الطهارة بل وفي مرجع واحد هو نيل الأوطار. ورغم أن رُواتها هم أئمة الحديث عند المسلمين، كالبخاري وأحمد والشافعي والنَّسائي وابن ماجة والدارقطني والحاكم والبيهقي ، فإن المسلمين أنكروا نسبة أغلبها للنبي، أو برَّروا هذا الخبط بالناسخ والمنسوخ. فمثلاً يروي أبو داود والنسائي: نهى النبي أن يغتسل الرجل بفضل وضوء المرأة، أو المرأة بفضل وضوء الرجل,(فضل الوضوء: هو الماء المتبقّي من الوضوء). ثم يروي أبو داود والنسائي أيضاً أن النبي كان يتوضأ بفضل وضوء ميمونة وعائشة وهما جُنُبان,
وحين نتساءل عن هذا التضارب نجد الإجابات تتأرجح بين ناسخ ومنسوخ أو التخفيف على المسلمين أو إن ذلك رخصة للنبي وحده، مثل الرخصة له في التزوُّج بمن يشاء.
وأحياناً تجد مجموعة من الأحاديث التي لا يمكن تفسيرها تفسيراً مقبولاً، مثلما رواه البخاري عن ابن عباس ، قال: توضأ النبي مرةً مرة، لم يزد على هذا, ثم يروي البخاري في نفس الباب عن عبد الله بن زيد ، قال: إن النبي توضأ مرتين مرتين, فيردّ عليه مسلم في صحيحه عن عثمان بن عفان قال: ألا أريكم وضوء النبي؟ فتوضأ ثلاثاً ثلاثاً,
ولنا الحق أن نتساءل: هل كان وضوء محمد مرة أم اثنتين أم ثلاثاً؟
رُوي عن عمار بن ياسر قال: قال النبي ثلاث لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر، والمتضمِّخ بالخلوق (أي: المتطيِّب بالزعفران) والجُنُب إلى أن يتوضأ. ورغم ورود هذا الكلام على لسان محمد فإنه قال في موضع آخر: حُبِّب إليَّ الطّيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة,
ورغم أمر القرآن باعتزال النساء في فترة الحيض بالقول: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ (سورة البقرة 2: 222) سورة البقرة2: 2,4إلا أنه كان يأمر عائشة أن تَأتزر (أي: تغطي ما بين السُّرة إلى نصف الفخذ) ثم يباشرها بعد ذلك. والواضح أن محمداً كان يأمر بشيء ثم ينساه، أو يكتشف خطأه فيأمر بغيره، ويترك لأتباعه مهمة التوفيق بين كل ما قال وفعل!
وللتعليق نقول: ماذا يقول علماء المسلمين في هذه الاختلافات؟ ومن أراد معرفة المزيد من هذه الاختلافات فليقرأ كتاب الطهارة في أي كتاب من كتب الفقه أو الحديث.
- عدد الزيارات: 16295