Skip to main content

أشهر من جمع الأحاديث

(من المجموعات الستّ)

أول من قام بجمع الأحاديث (بشكل فعلي) هو الإمام البخاري، حوالي عام 25 هـ (865م). وجمع في كتابه حوالي 7398 حديثاً بدون المكرر. إلا أن هذه العبارة يندرج تحتها عندهم آثار الصحابة والتابعين، وربما عُدَّ الحديث الواحد المروي بإسنادين, يقول أحمد أمين: فإذا أضيفت إليه المعلقات والمتابعات والموقوفات والمقطوعات بلغت 9 82 وإذا اقتصر على عد الأحاديث الموصلة السند غير المكررة كانت 2862 حديثاً - وهناك من يقول إن صحيحه يحوي 262 حديثاً بغير المكرر, وقد جمعها من نحو ستمائة ألف حديث. وبعده تلميذه مسلم ، الذي جمع في صحيحه حوالي إثني عشر ألف حديث بالمكرر.

ويعتبر بعض العلماء أن الموطأ والمسند قد جُمعا قبل البخاري ، ولكننا هنا نتحدث عن أول مَن جمع الحديث من الستة المعتمَدين عند جميع المسلمين.

وأشهر الكتب عند المسلمين هما الصحيحان للبخاري ومسلم ، ثم سنن أبي داود وسنن ابن وسنن الترمذي والنَّسائي

1 - البخاري: هو محمد بن إسماعيل البخاري، وُلد ببخارَى سنة 194ه (81 م), بدأ في تصنيف وتقسيم أبواب كتابه الصحيح بمكة، ولبث في تصنيفه ست عشرة سنة بالبصرة وغيرها حتى أتمَّه في بخارى موطنه. ومات سنة 256ه (87 م). نسب إليه قوله أنه خرّج جامعه من ست مائة ألف حديث (وفيات الأعيان، 4: 19 ),

ورغم ما تعرض له من هجمات عنيفة وانتقادات شديدة فقد نال صحيح البخاري المرتبة الثانية بعد القرآن وذلك بإجماع الأمة, فيقول الخطيب البغدادي مثلاً بمناسبة حديث أورده البخاري موصولاً في ثلاثة مواضع بأن البخاري يروي جزءاً من حديث الإفك عن أم عائشة وأم رومان عن طريق مسروق فهذا وهم (أي غلط) لأن مسروقاً لم يسمع عن أم رومان، فهي توفيت أيام النبي ومسروق في السادسة من عمره وخفي على البخاري, وأما مسلم فتفطن إلى ذلك فأبى نقله,

2 - مُسلِم: هو مسلم بن الحجّاج القشيري، ولد بنيسابور سنة 2 6ه (821 م)، وتوفي سنة 261ه (875 م)، وقد فاق البخاري في جمع طرق الرواية وحُسن الترتيب.

قال الذهبي عن أبي عمر وحمدان: سألت ابن عقدة أيهما أحفظ، البخاري أو مسلم؟ فقال: كانا عالمَيْن. فأعدْتُ عليه السؤال مراراً فقال: يقع للبخاري الغلط في أهل الشام، لأنه أخذ كتبهم ونظر فيها، فربما ذكر الرجل بكنيته، ويذكره في موضع آخر باسمه، يظنهما اثنين. أما مسلم فقلَّما يوجد له غلط في العلل. جاء في مقدمة مسلم لصحيحه أنه جمع مصنفه من بين ر3 حديثاً، وروي أن كتابه يحوي أربعة آلاف حديث دون المكرر، وبالمكرر 7275 حديثاً, قال إنه ألف كتابه هذا من ثلثمائة حديث سمعها,

3 - أبو داود: هو أبو داود سليمان بن الأشعث السِّجستاني ولد سنة 2 2هـ (817 م) ومات بالبصرة سنة 275ه (889م),

قال الخطابي: لم يصنف في علم الحديث مثل سنن أبي داود، وهو أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من الصحيحين. وقال ابن كثير في مختصر علوم الحديث : إن الروايات لسُنن أبي داود كثيرة، يوجد في بعضها ما ليس في الآخَر. كما ذكرنا أعلاه أنه جمع 48 حديثاً من بين ر5 حديثاً كتبت عن النبي,

4 - الترمذي: هو أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، وُلد سنة 2 9ه بترمذ وتوفي بها سنة 279ه (892 م). يتكون جامع الصحيح للترمذي حسب طبعة شاكر من 3956 حديثاً وتوجد في شرح الأحوذي 4 51 حديثاً,

وقال ابن الأثير : في سُنن الترمذي ما ليس في غيرها من ذكر المذاهب ووجوه الاستدلال وتبيين أنواع الحديث الصحيح والحسن والغريب. وتتلمذ الترمذي على يد البخاري وأبي داود أبي داود.

5 - النَّسائي: هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي. وُلد في نسا من نيسابور سنة 215هـ 83 م وتُوفي في مكة سنة 3 3هـ (91 م). لقد قيل إن النسائي أحفظ من مسلم وإن سننه أقل السنن ضعفاً,

قال الذهبي: سُئِلَ النسائي بدمشق عن فضائل معاوية، فقال: ألا يرضيه رأساً برأس حتى نفضّله. فنُفي إلى مكة وقيل الرملة.

أما كتابه المعروف بالمجتبى ففيه صعوبة في اتصال السماع والقراءة. قال أبو جعفر بن : من قال قرأت أو سمعت كتاب النسائي، ولم يبين الرواية التي سمع أو قرأ، فقد تجوَّز في الذي ذكره تجوُّزاً قادحاً في الرواية.

6 - ابن ماجه: هو أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه، وُلد سنة 2 9هـ (824 م). قال ابن الجوزي تعليقاً على كتاب ابن ماجة السنن : إن فيه نحو ثلاثين حديثاً موضوعاً، وقد اشتهر بضعف رجاله. وتُوفي ابن ماجه سنة 273هـ (886م). تتكون سنن ابن ماجه من 4341 حديثاً,

7 - الإمام مالك: وهناك أيضاً الأحاديث التي جمعها الإمام مالك، وهو أبو عبد الله مالك بن أنس وُلد سنة 95 هـ 713 م بالمدينة وتوفي سنة 179 هـ 795 بها أيضاً, يعتبر مؤلفه الموطأ من أول ما دوّن من مجموعات الحديث, قيل إن مالكاً روى مائة ألف حديث، جمع منها في الموطأ عشرة آلاف، ثم اختار منها 172 حديثاً5 ",,


كيف جُمعت الأحاديث؟

مما تقدم في تراجم جامعي الأحاديث نرى أنهم لم يبدأوا في جمع الأحاديث إلا حوالي عام 25 هـ ، أي بعد وفاة محمد بنحو 24 سنة. وهذه الفترة هي التي حفلت بظهور الأحاديث في فضائل بني أمية أو ذمّهم، وكذلك فضائل بني العباس، وأيضاً ظهرت فيها أكثر الطوائف الإسلامية كالخوارج والشيعة والمرجئة وغيرهم. والذي يراجع كتب أهل الحديث يرى أن معظم الموجودين في هذه الفترة الزمنية ضعاف عند أغلب أهل الحديث. بالإضافة إلى المنافع الشخصية التي تعود على من يضع الحديث، خاصة أثناء خلافة بني أمية. أبرز مثال لهذه الظاهرة هو سيرة النسائي صاحب السنن، فبعدما عاد النسائي سنة 3 2 (914) من مصر، طلب منه الناس في الشام أن يروي لهم احاديث في فضل معاوية على علي, ولما رفض النسائي الرواية في فضل معاوية تعرض لضرب شديد في المسجد وتوفي من جراء ذلك في طريق مكة سنة 3 3 (915),, ويقول في ذلك محمد بن اسحاق الأصبهاني: سمعت مشايخنا بمصر يقولون إن أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره وخرج إلى دمشق، فسئل عن معاوية وما روى من فضائله فقال: أما يرضى معاوية أن يخرج رأساً برأس حتى يفضل؟ وفي رواية أخرى ما أعرف عنه فضيلة إلا لا أشبع الله بطنك 5,وكان يتشيع فما زالوا يدفعون في حضنه حتى أخرجوه من المسجد، ثم حُمل إلى الرملة فمات بها, والقارئ لكتب الحديث يرى أن أشهر الرواة طُعنوا بالضعف أو بالكذب كالسُّدي وقتادة وسُفيان الثوري، وكذلك أشهر جامعي الحديث طُعنوا بالتدليس على اختلاف مستوياته، كالبخاري ومسلم ومالك بن أنس وغيرهم,

  • عدد الزيارات: 45511