اكتشفت الخبر السار
يا له من أمر مدهش، بالكاد استطعت أن أصدّق أني كنت وحيداً في المقبرة عند منتصف الليل.
نعم! كنت هناك في ليلة لن أنساها ما حييت.. لقد قصدت ذلك المكان الذي بدا لي أنه آمن ملجأ وسعني الاهتداء إليه، لأن معظم الناس يخافون الاقتراب من المقابر في الليل، ولم يكن عندي أدنى احتمال في أن يبحث أحد عني هناك. والأسوأ من لجوئي إلى المقبرة في ذلك الوقت من الليل، هو إدراكي الرهيب بأني قد غادرت بيتنا العائلي إلى غير رجعة. أو بالأحرى، قد أُرغمت على ذلك.
لم أتوقّع قط هذا الانقلاب الفجائي للأوضاع الذي بدّل حياتي تبديلاً جذرياً. إني ابن بيت نبيل.. ولم يقصر عليّ والدي بشيء، فقد كان معروفاً كرجل علم وصاحب ثروة مالية، لذلك كان له نفوذ مرموق في مجتمعنا. مع كل هذا، وبالرغم من الروابط الحميمة التي تشدني إلى عائلتي وجماعتي فقد أصبحت الآن منفصلاً، وبكيفية مؤلمة، عن كل من كنت أعزّ وأقدّر.
ومع أنه لا تفصلني اليوم أميال كثيرة عن مسقط رأسي، وهو قرية تبعد ثلاثة أميال عن 'كوجرات'، غير أن المسافة الاختبارية التي اجتزتها تشكّل بُعداً لا يمكن تقديره يفصل بيني وبين أهلي.
عندما كنت في السابعة عشرة من عمري، راحت جدتي تضغط على والدي ليزوّجني. والشرق ما يزال، بعكس الغرب، يتميّز بالسيطرة العائلية على قرارات الشباب، ولا سيما في أيامي آنذاك. لم يكن لي اختيار مستقلّ في هذه القضية، فقبلت بإذعان مشيئة جدتي. كان من الممكن لهذه الخطوة أن تثير مشكلة خطيرة في المستقبل، إلا أنها فتحت أمامي مجالاً للكشف عن قوة الله المدهشة لحياتي.
إن أهمّ اختبار حدث في أيام شبابي، هو عندما وقع الكتاب المقدس في يدي. فطفقت أدرسه بحرص لأسابيع. ولكن، في أحد الأيام، بينما كنت خارج المنزل، لاحظه والدي فوق مكتبي.. ولما عدت سألني عما إذا كنت أقرأ فيه. وإذ أخبرته أنني أفعل ذلك من مدة، استشاط غضباً، وسألني لماذا أقدم على أمر كهذا؛ ثم ألحّ عليّ أن أقلع عن قراءته. وقد فوجئت بالحقيقة عندما أخبرني أني، إذا ما داومت على قراءته، فسأصبح مسيحياً. وتصريحه هذا، ما زادني إلا إثارة لقراءته بأكثر اجتهاد.
لقد اندهشت لتحذير والدي الذي كان عالماً وحسن الاطلاع في الديانة الإسلامية.. اندهشت لتحذيره لي من قراءة الكتاب المقدس بحجة أنه يصيّرني مسيحياً في النهاية.
وهكذا رحت أفكر أنه لا بد من وجود أساس حقيقي للدين المسيحي، وإنه صحيح ولا يقبل الشك. وأدركت أن والدي كان متخوّفاً من قوة الكتاب المقدس المقنعة، الأمر الذي دفعه أن يطلب مني ألاّ أقرأه. في البداية، عندما كنت أتصفّحه، كنت أفعل ذلك بدافع من حب الإطلاع على المسيحية. غير أنه بعد المواجهة مع والدي طفقت أقرأه برغبة شديدة وعميقة لأقف على صحة الأمر.
إن رسالة الكتاب المقدس، عن محبة الله المعلنة في المسيح، قد لمستني ونفذت إلى صميم كياني. لم يكن الكتاب المقدس كتاباً من النوع الذي توقّعته سابقاً. لقد وجدت فيه الخبر السار، بل أروع خبر يمكن لإنسان أن يسمعه في حياته. فبقوة يسوع المسيح الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي على الصليب تغيّرت حياتي تغييراً جذرياً. كان هذا بفضل حقيقة قيامته من الأموات التي ظهرت بوضوح في قدرته الحية التي بها جعلني إنساناً جديداً.
- عدد الزيارات: 11104