Skip to main content

اشتراك منظور بن غطفان العَبْسي - المسألة الثالثة: الإنجيل والكتب المقدسة

الصفحة 4 من 4: المسألة الثالثة: الإنجيل والكتب المقدسة

د - المسألة الثالثة: الإنجيل والكتب المقدسة

1) الزعم بتحريفها

قال المسلم: هذا القول الذي تقوله إنما هو في إنجيلكم المحرف وكتبكم المحرفة. وأما الإنجيل الأول، فهو عندنا. قبلناه من نبينا. لأن يوحنا وأصحابه كانوا قد فقدوا الإنجيل بعد طلوع المسيح الى السماء، ووضعوا ما أحبوا. خبَّرنا بهذا نبينا محمد.

2) إثباتات صحتها

أ - شهادة الرسل أنصار الله

قال الراهب: فإن يكن الأمر كما ذكرت، فَادْعوا بالإنجيل والكتب الصحيحة التي عارضتم بها كتبنا، حتى عرفتم واستبان لكم تحريفها، ونأخذ بالصحيحة ونبطل المحرَّفة. فهل عندكم الكتب الصحيحة، وقد كلَّف الله نبيكم بالهيمنة عليها؟! ثم كيف تزعم أن نبيك أخبرك بهذا، وهو شهد للحواريين أنهم أنصار الله، وأن الله أوحى إليهم؟.

ب - إلزاماتها الروحية والأخلاقية، وقبول الناس لها

ثم قال الراهب: ثم أخبرني: كيف قبل الملوك وجميع الناس هذا الكتاب المحرَّف من يوحنا وأصحابه، وأنت تزعم أنهم فيه شركاء؟ هل لأنهم طمعوا في أموالهم، أو خافوا من كثرة أجنادهم، أو فزعوا من حدّ أسيافهم، أو رغبوا في طاعة فرائضهم وسننهم؟ فإن ادَّعيت شيئاً من هذا، فقد عرف الناس حالهم، وما أُمروا به من الزهد والتواضع وتوزيع الأموال. فلا بدّ أن يكون لهؤلاء قدرة شريفة أظهروها للملوك والعامة، حتى قبلوا كتابهم ودينهم.

إن الملوك والناس لم يقبلوا هذا الإنجيل من يوحنا وأصحابه لرغبة في أموالهم، ولا حذراً من أجنادهم، ولا خوفاً من أسيافهم ولا طاعة لوصاياهم. بل لأنهم رأوا الآيات والعجائب، من إقامة الموتى وإخراج الشياطين وشفاء الأمراض المختلفة، من يوحنا وأصحابه.

ج - سمو تعليمها على الإنجيل المزعوم

ثم قرِّب هذا الإنجيل الذي تزعم أنه محرَّف، إلى قولك في الإنجيل الأول. وتنظر أيهما أقرب الى العدل، وأيهما أصح وصايا وأعمالاً. وصاياك وأعمالك، أم وصاياهم وأعمالهم من الصوم والصلاة والصدقة، والزهد في جميع اللذات، وتوزيع الأموال على أهل الحاجة والمسكنة؟ فتعرف النور الواضح، ويظهر لك فضله على ما تدَّعيه أنت وغيرك.

د - توافقها الداخلي الكامل: الوعد بالمسيح وتحقيقه

قال الراهب: وأخيراً، ألا تزعم، أن الله ذكر في جميع كتب الأنبياء ورسله أنه يُخرج من نسل آدم ومن نسل إبراهيم، ومن آل إسرائيل ومن صُلب داود رجلاً، يجعله الله فكاكاً وخلاصاً لعباده، ووسيطاً بينه وبين عبيده؟ فلم نزل نترجَّى ذلك حقباً بعد حقب حتى تمت الأيام التي فيها ظهر. فلما ظهر وأظهر الآيات، وتمَّت كتب الأنبياء، كفرتم أنتم به، وتزعمون أن محمداً أعزّ وأكرم على الله منه.

ه - الخاتمة: الرد على اعتراضين

1) حول تفوّق المسيح على أي نبي أو رسول آخر

قال له الأمير: ويحك يا راهب، ألا تعلم أن محمداً أعز وأكرم على الله من المسيح ومن آدم وذريته كلها؟.

قال الراهب: ما أعلم ذلك. ولكني أعلم أن السماء أشرف وأكرم عند الله من الأرض، وسكان السماء أشرف وأكرم عند الله من الآدميين. وأعلم أن المسيح في السماء العليا، ومحمداً وجميع الأنبياء تحت الثرى، وأن السماء كرسي الله وعرشه، وأن المسيح جالس على كرسي العزة عن يمين الآب فوق الملائكة والعباد. فكيف يكون مَنْ تحت الثرى أكرم على الله ممن هو في السماء على كرسي العز؟.

2) حول عِلم المسيح بالخفيات

قال المسلم: ألا تزعم أن المسيح يعلم الخفيات وما تضمره القلوب؟ فكيف عندما سأله تلاميذه عن موعد يوم القيامة، فقال لهم إنه لا يعلم ذلك إلا الله وحده؟.

قال الراهب: بل قد علم متى يكون ذلك، ولم يحب أن يُعْلِم أحداً عن ذلك اليوم. وأما قولك إلا الله وحده فإنما قال إنه لا يعلم ذلك إلا الآب وحده. فقد صدق. إن الله أبوه ولا يعلم أحد غيره، وليس بين المسيح وأبيه انفصال ولا خلاف.

قال المسلم: لا أقبل هذا القول منك حتى تجيئنا بتصحيحه.

قال الراهب: أرأيت إذ عصى آدم ربه في الجنة، وظهرت سوأته واختبأ، فصاح الله به: آدم، آدم، أين أنت؟. فقال: هاءنذا، أكان الله لا يعلم أين هو؟.

قال المسلم: نعم، قد علم.

قال الراهب: ما كان يعلم أين هو! ولو كان يعلم أين هو، ما ناداه! ولكنه ناداه كرجلٍ لا يعلم أين صاحبه! وكما علم الله أين آدم فناداه، كذلك علم المسيح موعد يوم القيامة. وكيف لم يعلم موعد القيامة، وقد أخبرهم بعلامات ذلك اليوم، وبالآيات التي فيه وقبله؟.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 9098