في إيضاح سبب البحث - الركن الأول الذي بُني عليه الإسلام هو الشهادتان
فنقول أن الركن الأول الذي بُني عليه الإسلام هو الشهادتان أما الشهادة الأولى فمقبولة عند اليهود والمسيحيين كما هي مقبولة عند المسلمين أنفسهم وهي لا إله إلا الله وقد شرحنا هذه الكلمة في كتابنا وأن الأدلة على وجود الله ووحدانيته كثيرة ووردت في كتب متعددة عدا عن إمكانية الاستدلال عليها من الخليقة. وعليه فلا حاجة بنا إلى مزاولة البحث في ما نحن متفقون عليه. الله سبحانه عز وجل قد أقام الدليل على وجوده ووحدته في كل ورقة نبات وزهرة بل في ضمائرنا ووجداننا وفي وحدة نظام الكون والحاصل أنه توجد ألوف من الأدلة على صحة الشهادة الأولى.
أما الشهادة الثانية ألا وهي أن محمداً رسول الله فعليها مدار بحثنا فما هي الأدلة يا ترى على صحة رسالة محمد؟ أشار إخواننا المسلمون إلى جملة أدلة أهمها ما يأتي:
1 - قالوا أن أسفار العهد القديم والعهد الجديد تنبأت عنه.
2 - قالوا أن لغة القرآن وتعاليمه مما ليس له نظير في كل الكتب وعليه فالقرآن بمفرده هو الدليل الأعظم على صدق دعوى محمد.
3 - آيات محمد ومعجزاته كختم الله على رسالته.
4 - حياته وأخلاقه برهان على أنه خاتم الأنبياء وسيد المرسلين.
5 - سرعة انتشار دينه برهان على أن الله أرسله بالكتاب النهائي.
نقول أن هذه البراهين لا شك أنها تستحق الاعتبار وتثبت رسالته فقط إذا كانت حقيقة ولهذا ينبغي للعاقل قبل أن يعتنق هذا الدين أن يفحص البراهين المذكورة فحصاً دقيقاً كما ينقد التاجر الدراهم التي يبيع بها بضائعه لئلا يقع في شرك محتال ذي دهاء وصدق من قال سعادة المرء في دنياه وأخراه متوقفة على نفاذ عزيمته في ما يختاره لنفسه. فالآن دونك شيئاً من شيئين أما أن تؤمن أن المسيح هو مخلص العالم أو المخلص هو محمد. قد أتينا بهذا التخيير لا من باب التحامل على الإسلام ولا التشيع للنصرانية من باب مقارنة الشيء بنظيره والبحث بعناية وحذر وصلاة في ما هو أقوم سبيلاً كل من المسلمين والنصارى لهم مصلحة في هذا البحث الهام فإن أخلصوا جميعاً لوجه الله كانت النتيجة خيراً لأن الحق لا يظل محتجباً وقتاً طويلاً ولا بد أن يظهر يوماً ما كالشمس عند الظهيرة.
وهذا ما عزمنا على بيانه في الفصول الآتية صادقين في المحبة كما يجب على المسيحيين (أف 4: 15) باذلين الجهد أن نمحص كتاباتنا من كل ما يجرح إحساسات إخواننا الذين يبحثون على الحقيقة بإخلاص وجد بأن نجتنب كل عبارة بل كل كلمة لا تنطبق على ناموس اللطف والمحبة فإذا زل قلمنا وكبتنا شيئاً يشتم منه رائحة التعصب فنرجو المعذرة سلفاً لأن نيتنا حسنة إذ لسنا نريد سوى الفائدة لإخواننا كما نريد لأنفسنا والإنسان مهما احترس لا يسلم من الزلل ومن شيم الكرام الصفح.
- عدد الزيارات: 7819