بحث في المعجزات المنسوبة لمحمد - نقدم بعضاً من تلك المعجزات المزعومة لتعرف طبيعتها
فعلينا أن نقدم بعضاً من تلك المعجزات المزعومة لتعرف طبيعتها.
1 - بعث النبي رهطاً إلى أبي رافع فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلاً وهو نائم فقتله فقال عبد الله بن عتيك فوضعت السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره فعرفت أني قتلته فجعلت أفتح الأبواب حتى انتهيت إلى درجة فوضعت رجلي فوقعت في ليلة مقمرة (1) (يقول في مشكاة المصابيح في هامشها سبب الوقوع اشتباه الدرج لضوء القمر) فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة فانطلقت إلى أصحابي فانتهيت إلى النبي فحدثته فقال ابسط رجلك وسنرى في الفصل التالي ماذا تبين لنا هذه القصة عن أخلاق محمد. ولكنا نكتفي هنا بملاحظة أن حكاية قتل أبي رافع حكاها ابن هشام في سيرة الرسول وابن الأثير وكاتب روضة الصفا وفي كل مخالفة للأخرى فالواحد يقول أن ساقه الذي كسر والآخر ذراعه وغيره بل صدره رض فقط. وبعضها كما في ابن هشام وابن الأثير لا يذكر أن محمداً شفاه أن ينسبها معجزة لمحمد ولكنه كلهم يتفقون أن قتل الرجل وهو نائم كان بأمر محمد. فلو كان محمد عمل معجزة في هذه الظروف لكنا وقعنا في مشكلة أدبية أشد وأصعب إذ هل يصح أن نقول أن معجزة إلهية تصنع لخير قاتل مثل عبد الله بن عتيك؟
2 - توجد أخبار متناقضة مختلفة عن الماء الذي أنبعه محمد لتابعيه العطشى ونجد في مشكاة المصابيح عدداً وافياً منها وسنقدم لك نوعاً عن جابر قال عطش الناس في يوم الحديبية ورسول الله بين يديه ركوة فتوضأ منها ثم أقبل الناس نحوه قالوا ليس عندنا ما نتوضأ به ونشرب إلا ما في ركوتك فوضع النبي يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون قال فشربنا وتوضأنا قيل لجابر كم كنتم قال لو كنا مائة ألف لكفانا. كنا خمس عشر مائة وعن رواية أخرى 1400 وأخرى بين 1400 و1500 وأخرى 1300 وغيرها 1600 وغيرها 1700 وابن عباس 1525 وروى البخاري نفس هذه الحكاية باختلاف قال عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله أربعة عشر مائة يوم الحديبية والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة فبلغ النبي فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها ثم قال دعوها ساعة فارووا أنفسهم وركابهم حتى ارتحلوا رواه البخاري وقد كررت هذه الحكاية في المشكاة وكل مرة تختلف عن الأخرى.
فيرى القارئ أنها ليست معجزة إذ تتجمع المياء في البئر بعد تركها مدة وهذا يخالف تماماً ما قيل عن كفاية 100000 رجل من نبع أصابعه.
3 - وتوجد عدة قصص عن أشجار وأحجار حيّت محمداً كرسول الله وكيف أن الأشجار تبعته أو أطاعت أوامره واخترنا للقارئ واحدة كعينة عن جابر قال سرنا مع رسول الله حتى نزلنا وادياً أفيح فذهب رسول الله يقضي حاجته فلم ير شيئاً يستتر به وإذا شجر تين بشاطئ الوادي فانطلق رسول الله إلى إحداها فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي عليّ بإذن الله فانقادت معه كالبعير المحشوش الذي يطيع قائده حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي عليّ بإذن الله فانقادت معه كذلك حتى إذا كان بالنصف مما بينهما قال التئما عليّ بإذن الله فالتأمتا فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتة فإذا أنا برسول الله مقبلاً وإذا الشجرتين قد افترقتا قامت كل واحدة منهما على ساق رواه مسلم.
4 - وتروى أيضاً عينة من نوع آخر من المعجزات عن أنس قال أن رجلاً كان يكتب للنبي فارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين فقال النبي إن الأرض لا تقبله فأخبرني أبو طلحةأنه أتى الأرض التي مات فيها فوجده منبوذاً فقال ما شأن هذا فقالوا دفناه مراراً فلم تقبله الأرض وعلماء المسلمين لم يتفقوا مطلقاً على من هو هذا الرجل السيء الحظ؟
5 - وعن جابر قال كان النبي إذا خطب استند إلى جذع نخلة من سواري المسجد فلما صنع له المنبر فاستوى عليه صاحت النخلة التي كان يخطب عندها حتى كادت أن تنشق. فنزل النبي حتى أخذها فضمها إليه فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت حتى استقرت قال بكت على ما كانت تسمع من الذكر رواه البخاري
6 - عن علي بن أبي طالب قال كنت مع النبي بمكة فخرجنا في بعض نواحيها فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول السلام عليك يا رسول الله وراه الترمذي والدارمي.
7 - عن ابن عباس قال أن امرأة جاءت بابن لها إلى رسول الله فقالت يا رسول الله ان ابني به جنون وأنه ليأخذه عند غدائنا وعشائنا فمسح رسول الله صدره ودعا فثعّ ثعة وخرج من جوفه مثل الحجر الأسود يسعى رواه الدارمي.
8 - عن ابن عمر قال كنا مع النبي في سفر فأقبل أعرابي فلما دنى قال له رسول الله تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله قال ومن يشهد على ماتقول قال هذه السلمة فدعاها رسول الله وهو بشاطئ الوادي فأقبلت تخد الأرض حتى قامت بين يديه فاستشهدها ثلاثاً كما قلا ثم رجعت إلى منبتها رواه الدارمي.
9 - وعن ابن عباس قال جاء أعرابي إلى رسول الله قال بم أعرف أنك نبي؟ قال: إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة يشهد أني رسول الله فدعاه رسول الله فجعل ينزل من النخلة حتى سقط إلى النبي ثم قال ارجع فعاد فأسلم الأعرابي رواه الترمذي وصحح.
10 - لما خرج محمد إلى الطائف قال فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت إليها فإذا فيها جبريل فقال أن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت قال فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد أن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وأنا ملك الجبال وقد بعثني إليك ربك لتأمرني بأمرك إن شئت أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده وحده لا شريك له الخ.
ولا ضرورة أن نزيد من هذه الحكايات فمن يرغب الزيادة فعليه أن يرجع إلى روضة الصفا أو روضة الأحباب وجامع المعجزات في الفارسية أو مرآة الكائنات في التركية وفي كثير من الكتب العربية ذكرنا أنفاً بعضها.
وتجد في الكتب الهندية والوثنية كثيراً جداً من معجزات الأصنام كهذه يصدقها كثيرون من جهلاء الوثنيين في بلاد عديدة. ولكن جميعها تختلف في الأسلوب والماهية عن المعجزات الصحيحة الواردة في الإنجيل والتي يشهد القرآن بصحتها. وتلك الحكايات (الوثنية وغيرها) تذكرنا بحكايات ألف ليلة وليلة وتثبت أن العرب في الجاهلية كانت لهم قوة التصور وتأليف الحكايات.
ولنلاحظ أن بعض تلك المعجزات التي قد رويناها هي نفس ما طلبته قريش من محمد. فلو كان قد أتاها فعلاً لكان قد ذكر القرآن بعضها ولكن بدلاً عن ذلك نراه يقول أن محمداً ليس بوكيل بل نذير وبشير ويبين سبب عدم إتيانه بالمعجزات مطلقاً.
إذا تفضل قراؤنا بالاطلاع على المعجزات التي صنعها يسوع وتلاميذه كما هي مدونة في العهد الجديد قالوا ما أعظم الفرق في نوعها عن تلك التي ينسبها الحديث لمحمد مناقضاً القرآن.
ليست معجزات العهد الجديد مجرد حوادث مدهشة خارقة للطبيعة كشجرة تشير وتتكلم وعمود يصرخ ويئن كالطفل أو كمسح ساق أو ذراع قاتل فتشفى الخ بل هي أمثال فعلية ملأى بالتعاليم الروحية وظاهر بها الرحمة والقوة الإلهية مثل إبراء الأبرص وفتح أعين الأعمى وإقامة الموتى الخ (مت 11: 4 و5 ولو 7: 22) ومعجزات المسيح لم تعمل لنجاة قاتل من إحدى نتائج فعلته ولم يكرس القوى الإلهية في جعل الأشجار تتكلم والأحجار تصرخ.
وعلاوة على ذلك فمعجزات العهد الجديد كتبت بعد صعود المسيح بقليل في حياة أكثر تلاميذه تحت الإرشاد الإلهي بعضها كتبها نفس تلاميذ المسيح كمتى ويوحنا وبعضها تحت ملاحظتهم كمرقس ولوقا ويوجد سبب آخر على صحة ما دوّن عن معجزات المسيح وهي كتابتها عند حدوثها. ولكن من الوجهة الأخرى يرى المعجزات التي نسبها الحديث لمحمد لم تَُكتب إلا بعد موته بمئات من السنين. وجاء في الإنجيل أن المسيح يشير إلى أعماله باعتبار أنها دليل على رسالته الإلهية اَلْأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِا سْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي (يو 10: 25) (راجع أيضاً عدد 32 و37 و38 و14: 11 و12 و15: 24) أما في القرآن فبالعكس فإنه أنكر معجزات محمد. أنظر سورة الإسراء وشهد بمعجزات المسيح انظر سورة آل عمران.
- عدد الزيارات: 10718