Skip to main content

النبي محمد ونساؤه

الفصل الثاني والعشرون

النبي محمد ونساؤه

 

نفهم من أحاديث مبكرة نوعاً ما أن محمداً كان يُكِنُّ ميلاً خاصاً إلى النساء حيث قال: حُبِّب إليّ من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة (1). وعن الحسن (البصري) قال: قال رسول الله: وما أحببت من عيش الدنيا إلا الطيب والنساء (2). ورد هذا الخبر في وجوه مختلفة: عن عائشة قالت: كان يعجب نبي الله من الدنيا ثلاثة أشياء: الطيب والنساء والطعام، فأصاب الاثنين ولم يصب الطعام (3). في ضوء هذه الآثار قد نفهم الحديث الآتي أحسن: كمُل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام (4). وفي خبر آخر: ما كان شيء أعجب إلى رسول الله من الخيل (5). لم يكن شيء أحب إلى رسول الله بعد النساء من الخيل (6). مما يفسر الحكمة من وجود الخيل في الجنة (7). وأربع من سنن المرسلين: الحياء والتعطر والسواك والنكاح (8). فالمرأة خير متاع الدنيا: وإنما الدنيا متاع، وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة (9). أما شروط (أوصاف) المرأة الصالحة فهي أن تُفرح زوجها إذا نظر إليها، وأن تطيع إذا أمرها بشيء (10). لقد علّل العلماء كثرة زواج محمد وميله إلى النساء بقوته الفائقة على الجماع كما ورد ذلك على لسان النبي نفسه: وكنت من أقل الناس في الجماع حتى أنزل الله عليّ الكفيت (11). فما أريده من ساعة إلا وجدته (12). وفي رواية أخرى: قال رسول الله: لقيني جبريل بقِدْر، فأكلت منها، وأُعطيتُ الكفيت قوة أربعين رجلاً في الجماع (13). وروت سلمى مولاته: وطاف النبي ليلة على نسائه التسع اللاتي توفي وهن عنده. كلما خرج من عند امرأة قال: صبّي لي غسلاً فيغتسل قبل أن يأتي الأخرى. قلت: يا رسول الله أما يكفيك غسل واحد؟ فقال النبي: وهذا أطهر وأطيب (14).

نود الآن أن ندرس في الفصول القادمة من كتابنا زوجات محمد وما وقع من حوادث هامة في بيت النبي، وذلك من المصادر المعترف بها لدى عامة المسلمين. رغم أن المصادر تزودنا بمعلومات متضاربة بخصوص عدد زوجات محمد (15)، يمكننا القول بأنهن كن ثلاث عشرة امرأة إذا أضفنا ماريا القبطية إليهن. لقد تزوج محمد هؤلاء السيدات وعاش معهن مدة معينة. ما عداهن فإن هناك اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة امرأة تزوجهن محمد دون أن يقضي معهن مدة من الزمن (16). ونساء خطبهن ولم يتم نكاحه، بالإضافة إلى من وهبت نفسها له (17).


 

1-أحمد بن حنبل، 3:821 ، 991 ، 582 ، النسائي، عشرة النساء، ص 61 ، القاهرة 2891 ، طبقات ابن سعد، 1:893

2-طبقات ابن سعد، 1:893 ، إنما لعب الطيب في حياة محمد هذا الدور الهام للاعتقاد السائد بأن الطيب يثير الرغبة الجنسية كما يتضح ذلك من الخبر الآتي: عن عائشة: أنا طيّبت نبي الله ثم طاف بنسائه (البخاري، غسل 41). فمن الطبيعي إذاً أن يكون الطيب للنساء حراماً إذا غادرن بيوتهن: عن أبي موسى عن النبي قال: إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا (قال قولاً شديداً) (أبو داود، ترجل 7)

3-طبقات ابن سعد، 1:893. قالت يهود لما رأت رسول الله يتزوج النساء، انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام ولا والله ماله من همة إلا النساء وحسدوه لنسائه وعابوه بذلك وقالوا: لو كان نبياً ما رغب في النساء (طبقات ابن سعد، 8:202). يفسر ابن سعد زواج محمد من عدة نساء بأنه من سنة الأنبياء، إذ كان لسليمان بن داود ألف امرأة، سبع مائة مهيرة وثلاث مائة سرية. وكانت لداود مائة امرأة منهن أوريا أم سليمان بن داود النبي، تزوجها بعد الفتنة. فهذا أكثر مما لمحمد (نفس المصدر). وأكثر من ذلك فإن المرء يجب أن يفهم كثرة زواج النبي كفضل الله وإحسانه له، إذ جاء في القرآن: رأم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله. فلقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وأعطيناهم ملكاً عظيماً (القرآن 4:45).

4-البخاري، أطعمة 52 ، 03 ، فضائل الصحابة 03 ، أنبياء 23 ، 64 ، مسلم، فضائل الصحابة 7 ، 98 ، الترمذي، أطعمة 13 ، مناقب 26 ، النسائي، نساء 3 ، ابن ماجة، أطعمة 41 ، الدارمي، أطعمة 92 ، أحمد بن حنبل، 3:651 ، 462. كان الثريد أحب طعام إلى رسول الله (الدارمي، أطعمة 22) وورد في مسلم أن رسول الله مات وهو لم يشبع من الثريد (مسلم، زهد 92).

5-طبقات ابن سعد، 8:893. غير أن الراوي يصحح هذا الخطأ: اللهم غفراً بل النساء

6-النسائي، خيل 2 ، أحمد بن حنبل، 5:82

7-الترمذي، جنة 11 ، أحمد بن حنبل، 5:253

8-الترمذي، نكاح 1 ، أحمد بن حنبل، 5:124 ، بينما لا تقبل صلاة المرأة إن كانت معطرة (أبو داود، ترجل 7)

9-مسلم، رضاع 95 ، ابن ماجة، نكاح 5 ، النسائي، نكاح 51 ، أحمد بن حنبل، 2:861. كثيراً ما وصف محمد المرأة متاعاً (البخاري، جهاد ،27 أبو داود، بيوع 47 ، أضحية 22) كما هو الحال أيضاً في القرآن (21:71 ، 56 ، 97)

10-أحمد بن حنبل، 2:252 ، 234 ، 834

11-الكفيت: القوة على الجماع والنكاح (لسان العرب 2:17)

12-طبقات ابن سعد، 8:291 ، الترمذي تفسير السورة 85:1 ، أحمد بن حنبل 6:73

13-طبقات ابن سعد، 8:291. وفي روايات أخرى أُعطي محمد قوة ثلاثين رجلاً، كما ورد عند الطبراني (الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، ص 162 ، بيروت 2981) والبخاري: كان النبي يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة. قال: قلتُ لأنَس: أَوَكان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أُعطي قوة ثلاثين (غسل 21)

14-طبقات ابن سعد، 8:391. يقول القاضي عياض أنه أُعطي رسول الله من قوة على الجماع ما يكفيه لأزواجه كلهن (الشفاء، 1:591 ، بيروت 0891)

15-لم يتفق العلماء في عدد زوجات محمد. فيقول البعض إنهن اثنتا عشرة (طبقات ابن سعد 8:25-931) أما عند الطبري فخمس عشرة (الطبري 3:061 وما يليها) مع العلم أن ماريا الجارية المسيحية لمحمد إما لا تذكر أو يرد ذكرها تحت إماء رسول الله مثلها مثل ريحانة التي سُبيت أثناء القضاء على بني قريظة، وكانت صفية النبي (الطبري 3:921 ، أسد الغابة 5:064)

16-طبقات ابن سعد، 8:141

17-نفس المصدر 8:051

  • عدد الزيارات: 8697