وضع الذمي في الإسلام - قضايا الزواج
قضايا الزواج:
إن زواجاً تم حسب الشرع المعترف به للديانة يُقبل في الإسلام أو يسامح. وإذا وجد مانع لعقد الزواج مثل القرابة أو عدم حضور الشهود فليس للزواج حكم لدى الشافعي وأبي يوسف والشيباني, إذا استحكم عند القاضي. وأما الطلاق فيجوز تطبيق ما يقول به الشرع الإسلامي بين الذميين. أن جواز الطلاق يمكن في إباحة مناكحاتهم حسب الفقهاء والدليل هو رجم رسول الله يهوديين زنيا, فلو كانت أنكحتهم فاسدة لم يرجعها, لأن النكاح الفاسد لا يُحْصِن الزوج (حقوق أهل الذمة ابن قيم الجوزية ص:309).
إذا أسلمت زوجة الذمي وهي ما تزال تحته, وكانت حاملاً في الوقت ذاته حقت لها النفقة حتى تضع طفلها, فإن أرضعته كان لها أجر الرضاع, وإذا أسلم أحد الوالدين اعتبر الأولاد الذين دون الحلم مسلمين. ولا يوافق الشافعي على ما يذهب إليه البعض من أن الأولاد الذين يولدون قبل إسلام أبويهم يبقون على غير الإسلام حتى يقفوا على أسرار الدين فيعتنقونه من تلقاء ذاتهم. وإذا أسلمت زوجة الذمي بعد دخوله بها فلها المهر كاملاً غير منقوص. أما إذا كان إسلامها قبل أن يدخل بها الذمي تقاسمته وإياه مناصفة. ويحتم الشافعي على الذمية التي تتزوج مسلماً أن تراعي بعض شروط الإسلام كالوضوء وإلا جردت زوجها من حقوقه (أو جردت من حقوق زوجها). وإذا طلق المسلم زوجته النصرانية ثلاث مرات, ثم تزوجت نصرانياً, ثم طلقها ذلك النصراني, حل للمسلم الزواج منها مرة أخرى بعد انقضاء عدتها. وإذا أسلمت جارية النصراني حيل بينها وبينه واعتقت عند موته. أما إذا أسلمت زوجة النصراني وزوجها غائب في سفر طويل, فلها أن تنتظر عودته لعله يسلم هو الآخر, أو تتزوج غيره أن أحبت !
لو زوج الكافر ابنه الصغير أكثر من أربع نسوة ثم أسلم الزوج والزوجات, لم يكن له الاختيار قبل بلوغه, فإنه لا حكم لقوله. وليس لأبيه الاختيار لأن ذلك حق يتعلق بالشهوة, فلا يقوم غيره مقامه فيه. وتحبس عليه الزوجات إلى أن يبلغ فيختار حينئذ, وعليه نفقتهن إلى أن يختار. هكذا قال أصحابنا والشفاعية. أما ابن قيم الجوزية فيرد على هذا الحكم الغريب: وهو في غاية الاشكال, فإنه ليس في الإسلام مسلم تحته عشر نسوة مسلمات يبقى نكاحهن عدة سنين. وفي ذلك إضرار بالزوجات في هذه المدة بحيث تبقى المرأة ممنوعة من الزوج عدة سنين, محبوسة على صبي لا تدري أن يختارها أم يفارقها, وفي ذلك اضرار عظيم بها. وهو منتفٍ شرعاً . فيضيف: إن قياس المذهب (أي مذهب الحنابلة) أن يختار عنه وليه كما لو كان مجنوناً! (حقوق أهل الذمة ص 373).
قانون العقوبات:
يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم القصاص في القتل الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى, فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه باحسان ذلك تخفيف باحسان ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم (البقرة 178). إن مسلماً قتل ذمياً يقتل عند أبي حنيفة والنووي. فهما يبرهنان على صحة قولهما بأن الآية تأمرنا بالعدل بين الناس دون النظر إلى الاختلاف في الدين. ما دام عقد الذمة معهم جارياً لا يجوز تعجيزهم فكيف بقتلهم! وما نقل عن عمر يفيد بأنه عاقب مسلماً اعتدى على ذمي.
بينما ذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل إلى عدم جواز القصاص بالمسلم, بحجة أن الذمي ليس مثل المسلم. غير أن المسلم إذا قتل ذمياً أو مستأمَناً بخدعة يُقتل به عند ابن تيمية ومالك والشافعي. إذ الصعوبة في هذا الأمر سببها وجود حديثين مرويين عن محمد. أحدهما يقول: من قتل قتيلاً من أهل الذمة لم يرح رائحة الجنة وأن ريحها ليوجد في مسيرة أربعين عاماً أو لا يحل دم أمرء مسلم إلا بثلاث, زنا بعد احصان, وكفر بعد إيمان وقتل نفس بغير نفس والآخر: لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده . إزالة لهذا التناقص قال بعض الفقهاء إن المراد من الحديث الثاني هو الكافر الحربي. إذا قتل مسلم وذمي معاً ذمياً آخر يقتل الذمي فقط عند الشافعي ومالك وابن حنبل. وإن ذمي قتل مسلماً أو ذمياً يقتل, وإذا اهتدى إلى الإسلام لا يقتل إن لم يطلب دمه من ذوي القتيل. إن دية الذمي موضوع خلاف بين الفقهاء, يقول الأحناف بأنها مثل دية المسلم ويحتجون لما رُوي عن الخلفاء. أما المذاهب الثلاثة فتقول بأن للذمي القتيل نصف دية المسلم.
ملابس أهل الذمة:
حدد عمر بن الخطاب أنواع الملابس وطريقة ركوب أهل الذمة فاشترط عليهم لبس الزنار, ونهاهم عن التشبيه بالمسلمين في ثيابهم وسروجهم ونعالهم, وأمرهم أن يجعلوا في أوساطهم زنارات وأن تكون قلانسهم مضربة, وأمر عمر بمنع نساء أهل الذمة من ركوب الرحائل.
فكتب إلى عدى بن ارطأة عامله على العراق: مروا من كان على غير الإسلام أن يضعوا العمائم ويلبسوا الأكيسة .
تحدث أبو يوسف عن لباس أهل الذمة وزيهم فقال: لا يترك أحد منهم يتشبه بالمسلمين في لباسه ولا في مركبه ولا في هيئته . واعتمد أبو يوسف في تفسير ذلك على قول عمر بن الخطاب: حتى يعرف زيهم من زي المسلمين !
- عدد الزيارات: 24983