Skip to main content

وضع الذمي في الإسلام - حرية الدين لأهل الذمة

الصفحة 2 من 5: حرية الدين لأهل الذمة

حرية الدين لأهل الذمة:

من حيث المبدأ يعلن الفقه الإسلامي أن الإسلام لا يبالي إن كان الذمي مطيعاً لدينه أو غير مطيع. فللذمي أن يعتنق الإسلام أو ديانة أخرى عند أبي حنيفة والإمام مالك. يقول فقهاء آخرون إن الذمي لا يجوز أن يترك دينه إلا إذا أراد اعتناق الإسلام, وإلا شأنه شأن المرتد, فيعاقب إما جلداً أو حبساً أو نفياً كما يقول الشافعي وابن حنبل وذلك بحجة الآية: قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوارة والإنجيل وما أُنزل إليكم من ربكم (المائدة 68). ويُنسَب لأحمد بن حنبل أن ارتداد امرء من اليهودية إلى الصابئية يختلف عن اهتداء امرء من الصابئية إلى اليهودية وكذلك يجوز ارتداده عن اليهودية إلى النصرانية, بينما يلقى الذمي المهتدي إلى الإسلام عقاب ما يعاقب به المسلم المرتد إذا مرق من الإسلام.

يدرس محمد أبو زهراء في مؤلفه العقوبة وضع المسيحيين الذين اعتنقوا الإسلام لأغراض معينة مثل الطلاق من زوج مسيحي أو الرغبة في الزواج من مسلمة. اهتداءات من هذا القبيل نراها مشكوكاً في أمرها. إن ذمياً اهتدى إلى الإسلام ولم يقم بما يترتب عليه من واجبات ولا يبالي بما يقوله الإسلام, لا يُعتبر في عداد المسلمين, ويجري عليه عقاب المرتد بدون هوادة ردعاً من التلاعب بالإسلام وعقائده.

 

الطفل غير البالغ (أو غير الحالم):

هو يتبع ديانة والديه. إن كانا من ديانتين مختلفتين فلأفضلهما. هذا يتناقض مع قول الفقهاء بأن الكفر ملة واحدة. إذا اهتدى أحد الأبوين إلى الإسلام فالطفل مسلم. باستثناء الأمة لذمي حر اهتدت إلى الإسلام, فيتبع الولد في هذا الحال دين أبيه, غير أن الزواج يُلغى حفظاً لشرف المسلمة.

 

اللقيط:

إذا وُجد طفل في بلد إسلامي يعتبر مسلماً, أو يُنسب إلى أهل الذمة إذا وُجد في محل غير مسكون من المسلمين. وإذا وُجد بمقربة من صومعة أو معبد يهودي في قرية سكانها غير المسلمين فيعود إلى ديانة الذميين عند أبي حنيفة والشافعي (الأحكام الشرعية في الأحكام الشخصية للأسرة الإسلامية بيروت, ص 200-202) (الأحكام الشخصية للأسرة الإسلامية, زكريا البري, القاهرة).

إذا اعتبر الولد مسلماً ورُبّي وفق الشرع الإسلامي وانكر إسلامه بعد وصوله سن البلوغ, يقتل قتل المرتد عند مالك وابن حنبل والشيعة وبعض الشافعية. إن اعتبر اللقيط مسلماً لا يجوز تسليمه لذمي من أجل الحضانة. وإذا اختلف مسلم مع ذمي في نسب اللقيط فيعود الولد للمسلم. 

التعليم:

يجوز للذميين أن يعلّموا أولادهم وأتباع دينهم عقائدهم الدينية, غير أن الفقهاء اختلفوا فيما يجوز لهم تعليم الديانة الإسلامية. لقد أباح أبو حنيفة بالإشارة إلى القرآن ( 16:125) بينما يحرم مالك على المسلمين حتى تعليم اللغة العربية لأهل الذمة.

حرية الدين والعبادة:

اتفق الفقهاء بأن لأهل الذمة حق القيام بواجباتهم الدينية والعبادية بشرط ألاّ يغادروا معابدهم من أجل العبادة, ولا يثيروا شكوكاً في شوكة الإسلام. لكن الصعوبة في تعيين المقصود من هذه العبارة الغامضة (أي إثارة الشك في شوكة الإسلام) أدت إلى خلافات عديدة بين الفقهاء, الذين منعوا تارة دق النواقيس بتاتاً وجوَّزوه تارة أخرى, أو إذا رخصوا به اختلفوا في المواعيد. ما يتصل بالقداس الديني فهناك اتفاق بين الفقهاء على أنه لا تجوز الصلاة لأموات المشركين (84:9). إذا تعلق الأمر بوفاة امرأة مسلم وهي حامل فهنا خلاف طويل, يقول البعض بجواز دفنها في مقبرة للمسلمين, والبعض الآخر بوجوب دفنها في مقبرة النصارى. هنا أريد أن أذكر طرفاً من الآراء الطريفة التي ينقلها إلينا الشيخ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الشهير بابن قيم الجوزية (691-751) في كتابه أحكام أهل الذمة:

الكافرة تموت وفي بطنها طفل مسلم
الصفحة
  • عدد الزيارات: 24985