وضع الذمي في الإسلام - ولاية الذمي على المسلم
ولاية الذمي على المسلم:
لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين. ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم اللهُ نفسَه وإلى الله المصير (آل عمران 28). يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بِطانةً من دونكم لا يأتونكم خَبالاً. ودّوا ما عنِتُّم. قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر. قد بيّنا لكم الآيات إن كنتم تعقلون. ها أنتم أولاءِ تحبونهم ولا يحبونكم (آل عمران 118 , 119). يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين. أتريدون أن تجعلوا للَّه عليكم سلطاناً مبيناً (النساء 144). يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق .. (الممتحنة 1). ويقول صاحب صبح الأعشى حديثاً ضعيفاً: إن اليهود والنصارى أهل غدرة وخيانة .
هذه الآيات وأمثالها تحذر المسلمين من مصادقة الكافرين وتصفهم بأنهم قوم لا يوثق بهم. وهناك أحاديث عديدة تقول إن اليهود والمسيحيين يتحايلون على الإسلام والمسلمين, مما جعل الفقهاء يتفقون على أنه لا يجوز للذميين أن يتقلدوا وظائف عالية في جهاز الحكم, لأن طاعتهم للحكم الإسلامي موضع شك. وإن مكانة الذمي المنحطة أيضاً لا تتلاءم مع ما للدوائر الحكومية من خطورة وأهمية بالنسبة للمسلمين. وعليه فلا يجوز أن يصير الذمي قاضياً ولا كاتباً ولا مترجماً.
يوجد أيضاً فقهاء أمثال الماوردي الذين ذهبوا إلى جواز توليتهم في السلطة مثل الوزارات ولكن شريطة أن تنحصر واجباتهم على مرجع التنفيذ وليس الحكم والقضاء, فالذي يتولى التنفيذ يجوز أن يكون ذمياً أو عبداً, دون أن يحسم فيما يتعلق بالواجبات الشرعية مثل جمع الزكاة.
أما ما يتصل بالقضاء فلا يصح تقليد غير المسلم القضاء على المسلمين. وعللوا ذلك بأن القضاء من باب الولاية, بل هو أعظم الولايات. وغير المسلم ليس له أهلية لأدنى الولايات وهي الشهادة على المسلمين. فبالأوْلى لا يكون له أهلية لأعلاها. وبهذا صرح الفقهاء من مختلف المذاهب كالحنفية والشافعية والشيعة الإمامية والزيدية والظاهرية.
اختلف الفقهاء في جواز تولية غير المسلم القضاء على غير المسلمين. ويمكن إجمال أقوالهم على النحو التالي: صرحت الشافعية بعدم جواز تقليد غير المسلم القضاء على غير المسلمين (المحلى ج 9 ص 363 مغنى المحتاج ج 4 ص 375).
وهو مذهب المالكية والحنابلة والشيعة الأمامية أيضاً, لأنهم قالوا بعدم جواز شهادة غير المسلم على المسلم. قال الأحناف يجوز تقليد الكافر القضاء, وإن لم يصح قضاؤه على المسلم حال كفره. وقالوا أيضاً يجوز أن يُولَّى الذمي القضاء على أهل الذمة, وكونه قاضياً خاصاً بهم لا يقدح في ولايته, ولا يضر كما لا يضر تخصيص القاضي المسلم بجماعة معينة من المسلمين (شرح العناية ج 5 ص 499).
الخدمة العسكرية:
الخدمة العسكرية أو الجندية هي خدمة من ينتمي إلى الديانة التي تشكل أسس الدولة الإسلامية, فهي على هذا الأساس واجب المسلمين, وعليهم يترتب الدفاع عن الدولة. فبالدرجة الأولى إنها واجبهم وحقهم. أما الذمي فلا يشترك لا في الخدمة العسكرية ولا في واجب الدفاع عن البلاد إلا من خلال ما يدفعه من ضرائب مثل الجزية والخراج. لقد ذهب الإمام مالك وأحمد بن حنبل إلى أن واجب الدفاع عن الإسلام بقوة السلاح يقتصر على المسلمين دون غيرهم. والشافعي يرى اشتراك أهل الذمة في الخدمة العسكرية جائزاً إن كانوا ممن يكنّون للإسلام ميْلاً بالغاً, أو إن كان بجيش المسلمين وَهَن فاحتاج إليهم. إلا أنه لا يجوز استخدام الذميين في قتال العصاة المسلمين كيلا يظهروا على المسلمين. أما أبو حنيفة فلا يرى أي مانع في توظيفهم وإدماجهم في جيش المسلمين كاملاً وإرسالهم في قتال الأعداء, سواء كانوا مسلمين أو غيرهم.
- عدد الزيارات: 24982