معاملة الآخرين
الفصل التاسع
معاملة الآخرين
سوف نبحث في هذا الفصل في معاملة الإسلام ومعاملة المسيحية للآخرين والفرق بينهما مبتدئين كعادتنا في هذا الكتاب بالحديث عن الإسلام.
في الإسلام يوجد فرق شاسع ما بين معاملة المسلمين للمسلمين وبين معاملتهم لغير المسلمين كما يتضح من القرآن والحديث والسيرة.
أما بالنسبة لمعاملة المسلمين للمسلمين فإن المسلم يوصف بأنه لا يوقع الشر والأذى بغيره من المسلمين كما جاء في الحديث: "حدثنا أبو نُعيم، حدثنا زكريا عن عامر سمعتُ عبد الله بن عمرو يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" (البخاري ج 7 ص 238، رواه مسلم أيضا).
لا بد من التنويه هنا أن البعض يستشهد بهذا الحديث خطأ فيقولون: "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده". طبعا، الواضح هنا هو نهي المسلم عن أذى غيره من المسلمين وذلك لأن المسلمين أخوة كما ذكر القرآن: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فإن بغت إحداها على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفي (ترجع) إلى أمر الله فإن فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل والقسط إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين إخوتكم واتقوا الله لعلكم تُرحمون" (الحجرات: 9-10).
هناك أحاديث كثيرة تنهي عن أذى المسلمين للمسلمين سواء بالقول أو الفعل. مثلا يُعتبر سبّ المسلم فسقا وقتاله كفرا: "حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة عن منصور قال سمعت أبا وائل يحدث عن عبد الله قال: رسول الله صلى عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق وقتاله من الكفر" (البخاري ج 7 ص 110، رواه مسلم أيضا). وجاء في النهي عن قتال المسلم للمسلم: "حدثنا شعبة قال واقد بن عبد الله، أخبرني عن أبيه سمع عبد الله بن عُمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض." (البخاري ج 8 ص 353). وذُكر أيضا: "حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا جويدية عن نافع عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حملَ علينا السلاح فليس منا." (البخاري ج 8 ص 352). وأكّد محمد على أن القاتل والمقتول من المسلمين في النار كما جاء في الحديث: "حدثنا عبد الرحمن بن المبارك، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب ويونس عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: ذهبت لأنصر هذا الرجل فلقيني أبو بَكَرة فقال: أين تريد؟ قلت أنصر هذا الرجل، قال: ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار". قلت: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه". (البخاري ج 8 ص 355، ذكر مسلم أيضا). عذاب المسلم في النار لا يقتصر على القتل. النار هي من نصيب المسلم حتى إذا هضم حق أخيه المسلم ولو حتى في عوده كما جاء في الحديث: "حدثنا يحيى بن أيوب وقُتيبة بن سعد وعلي بن حجر جميعا عن إسماعيل بن جعفر، قال إبن أيوب: حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: أخبرنا العلاء وهو إبن عم عبد الرحمن مولى الخرقة عن معبد بن كعب السلمي عن أخيه عبد الله بن كعب عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة"، فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: "وإن قضيبا من أرك نوع من الشجر." (مسلم ج 2 ص 157).
مما يستدعي الإنتباه أنه على الرغم من كثرة الأوامر بعدم إيقاع الأذى بالمسلمين، فإنه لا توجد وصية واحدة في القرآن ولا في الحديث تدعو المسلمين إلى محبة بعضهم البعض ناهيك عن محبتهم لأعدائهم. وإذا كانت الأحاديث السابقة صادقة فإن ملايين المسلمين منذ محمد حتى الآن قد صاروا كفارا ومصيرهم النار لقتلهم بعضهم بعضا وظلمهم لبعضهم البعض.
يُحب المسلمون في كتاباتهم وفي أحاديثهم التفاخر بالأمجاد الإسلامية وكيف نصر الله جيوش المسلمين وأذلّ أعداءهم. صحيح أن المسلمين فتحوا الأمصار والبلاد وفازوا على الفرس والرومان. ولكن الحقيقة الأخرى والتي يجب أن لا نتغاضى عنها هي أن الدارس للتاريخ الإسلامي يجد أنه تاريخ دموي على الجبهتين الخارجية والداخلية. إن السيف الذي شَرعه محمد واستله من غمده وحملَ به على أعدائه لم يرجع إلى غمده بعد. إنه سيف ذو حدين. فهو إما أن يقع على رقاب الأعداء وإما أن يرجع إلى رقاب المسلمين ولم يزل هذا السيف يعمل في رقاب المسلمين على مدى أربعة عشر قرنا. خلال التسعينات من القرن الماضي ، كان هناك ثلاثة وثلاثون حربا دائرة في العالم ، أثنتان وثلاثون منها كانت حروب اسلامية والأكثرية الساحقة من حروب اليوم والأعمال الإرهابية التي تثير اشمئزاز العالم هي إسلامية .
لو أجرينا احصائية في قتلى المسلمين لوجدنا أن الذين قتلوا على يد المسلمين لهم أكثر بكثير من الذين قُتلوا على يد غير المسلمين. وإذا كان قتال المسلم كفرا فهل كان قتلة عمر بن الخطاب كفرة؟ وهل كان عليٌّ كافرا لقَتْلِهِ عثمان؟ أو هل كان معاوية كافرا لقتله عليا؟ وهل كان الحجاج والزبير والحسن والحسين كفرة؟ وهل كان الأمويون والعباسيون والفاطميون والمماليك والسوريون والعراقيون والإيرانيون وسفاحو الجزائر والأفغانيون والمغاربة والموريتانيون والصوماليون كفرة إذ قاتلوا وقتلوا بعضهم البعض؟ يقول المثل "والحبل على الجرار".
فيما سبق تحدثنا عن معاملة المسلمين بعضهم البعض ، فماذا عن معاملة المسلمين لغير المسلمين؟ قبل أن نتحدث عما يُعلمه الإسلام بخصوص معاملة المسلمين لغير المسلمين يجب لفت الانتباه إلى قضية هامة. يدعي دعاة الإسلام اليوم وخاصة في الغرب أن الإسلام هو دين السلام والمحبة والعدل والإخاء بين الناس. الكثيرون من الناس يصدقون مثل هذه الادعاءات بسهولة وذلك لعدم معرفتهم بتعاليم الإسلام وجهلهم لها. إن ما يفعله دعاة الإسلام هو إلباس الإسلام بثوب جذاب أنيق وذلك بإظهار بعض الجوانب المقبولة لدى الناس، وفي نفس الوقت اخفاء الحقائق التي قد ينفر أناس من الإسلام بسببها. إن ما يستشهد به دعاة الإسلام من معاملة الآخرين باللين وعدم العنف والإكراه ما هو إلا غطاء شفاف ولو كشفناه لوجدنا الوجه الحقيقي للإسلام ألا وهو أن الإسلام دين العنف والإرهاب وليس دين المحبة. ولو درسنا تاريخ الأديان السماوية منها وغير السماوية لوجدنا أن الإسلام هو أعنف دين عرفه التاريخ.
يحاول المسلمون مقارنة رسالة محمد العنيفة بما فعله بني إسرائيل وأن الله أمرهم بالقتال. ما يخفى على دعاة الإسلام أن حالة بني إسرائيل كانت حالة خاصة تختلف كل الاختلاف عن الإسلام وتعليمه. لقد نهى الله بني إسرائيل في التوراة عن القتل حيث جاء في الوصايا العشر "لا تقتل". لقد عاش بنو إسرائيل زمنا طويلا في فلسطين منذ إبراهيم وحتى عهد يعقوب دون قتال. وفي أواخر أيام يعقوب ارتحل بنو إسرائيل إلى مصر حيث استعبدهم المصريون فيما بعد وبقوا هناك حوالي اربعمائة عام إلى أن بعث الله موسى وأمرهم بالرجوع إلى فلسطين والإقامة هناك. هنا صرح الله لبني إسرائيل بالقتال حتى يعودوا ويسكنوا الأرض التي كانت تعتبر أرض الموعد أي التي وعد الله بها لإبراهيم ونسله. لكن الله لم يأمر بني إسرائيل بقتال الناس كي يدخلوا في دين موسى جبراً ، كما حارب المسلمون الناس حتى يدخلوا في دين محمد كرهاً. وأما حروب بني إسرائيل اللاحقة فكانت حروبا سياسية وجغرافية لا علاقة لها بموسى ولا بدينه.
كذلك يشير المسلمون إلى عنف المسيحيين مستشهدين بالحروب الصليبية والفتوحات الاستعمارية وما يرتكبه بعض الخارجين عن المسيحية مثل جماعة جم جونز وديفيد كورش والعنصريون البيض. إن ما يتجاهله دعاة الإسلام أن هذه جميعها لا صلة لها بالمسيح والإنجيل وأنها ضد ما علّم به المسيح كما سنرى فيما بعد.
أما العنف أو القتال أو ما يسميه المسلمون الجهاد في سبيل الله فهو عنصر أساسي وجوهري في الدين الإسلامي وذلك ثابت في القرآن والحديث وحياة محمد والتاريخ الإسلامي. إن ما يفعله دعاة الإسلام وخاصة في الغرب لتغطية هذه الحقيقة هو أنهم يتجاهلون حقيقة يتفق عليها علماء المسلمين وهي حقيقة الناسخ والمنسوخ ومفادها أنه إذا خالفت آية لاحقة آية سابقة في الحُكم فإن الآية اللاحقة تنسخ أتوماتيكيا الآية السابقة.
إن آيات وسور القرآن تنقسم إلى قسمين: سور مكية وهو ما أنزل على محمد قبل الهجرة، وسور مدنية وهو ما أنزل على محمد بعد الهجرة. إن معظم الآيات التي تدعو إلى معاملة الآخرين باللين وعدم الاعتداء عليهم والتعرض لهم هي آيات مكية نزلت قبل أن تقوى شوكة محمد وسطوته. لكن هذه الآيات نسخت جميعها في ما يسمى بآية السيف وما تبعها من آيات أخرى تدعو المسلمين وتحرضهم على قتل جميع أعدائهم والفتك بهم والإستيلاء على أموالهم وهتك حرمات نسائهم.
وعلى ذكر الأعداء لا بد من توضيح المفهو الإسلامي للإعداء. إن الأعداء في الإسلام لا يعني بالضرورة أولئك الذين يعتدون على المسلمين. إن مفهوم الأعداء في الإسلام يشمل كل من لا يؤمن بمحمد ورسالته. العدو في الإسلام هو بكل بساطة من يرفض الشهادتين: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله".
إن قبول الشهادة الأولى وحدها لا يكفي لمحو إسم الشخص من قائمة الأعداء. لذلك فإن أعداء المسلمين وأعداء المسلمين وأعداء الله حسب هذا التعريف تشمل جميع الملحدين والوثنيين واليهود والمسيحيين. سنذكر فيما يلي بعض الآيات التي يستخدمها دعاة الإسلام لنفي صفتي العنف والإكراه عن الإسلام. من أشهر الآيات التي يرددها دعاة الإسلام هذه الآية "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي من يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عظيم" (البقرة 256). والله يأمر محمدا بأن لا يكره الناس على الإيمان. "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا كلهم جميعا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" (يونس 99). سنرى فيما بعد كيف نقض الله أمره لمحمد. من الآيات الأخرى المشهورة آية المجادلة بالحسنى "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقالوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون" (العنكبوت 46). هناك آيات أخر كثيرة يدعو الله فيها محمدا إلى التحلي بالصبر على ما يعانيه ويذكره بأنه ليس إلا نذيرا وبشيرا ولا سلطان له على غير المؤمنيين: "قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار" (ص 65). وجاء أيضا: "والذين اتخدوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت بعليهم وكيل" (الشورى 6). وأيضا: "فذكر إنما أنت بمذكّر لست عليهم بمسيطر" (الغاشية 21و 22). وأمر الله محمدا بترك الكفار وشأنهم "فذرهم (دعهم) يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون" (المعارج 42). وفي سورة الكافرون يوضح الله لمحمد أن لكل دينه وما عليه إلا قبول الأمر: "قل يا أيها الكافرون. لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولي دين" (الكافرون).
هذا و قد مدح القرآن بعض أهل الأديان كما في الآية "إن الذين آمنوا (المسلمون) والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا يحزنون" (البقرة: 62). من الغريب هنا أن القرآن وإله القرآن قد مدح الصابئة وهم عبدة النار من الفُرس. على أي حال يدعو القرآن المسلمين للعفو عن أهل الكتاب: "ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير" (البقرة 109).
مع الأسف الشديد بعد ثلاث عشرة سنة من دعوة الناس إلى رسالة محمد بالوداعة واللين والنصح والإرشاد والسلم ندم رب محمد وغيّر فكره وأمر نبيه العظيم بالجهاد والقتل والإستيلاء على الأموال واستباحة حرمات الناس من الأعداء.
يبدو أن نزول الوحي بالجهاد كان من وحي الأنصار من أهل المدينة. كانت مكة مجتمعا تجاريا تسود عليه قبيلة قريش، قبيلة محمد. وكانت المدينة مجتمعا زراعيا تسود عليه قبيلتي الأوس والخزرج. كان هناك تنافس وعداء ما بين المدينتين الرئيسيتين والقويتين في الجزيرة العربية. كان أهل مكة يجتنبون الاحتكاك بأهل المدينة كما يظهر من معاتبتهم لأهل المدينة على مبايعتهم لمحمد على حرب قريش قبل أن يُعلن القتال. لقد رأى أهل المدينة في محمد قوة إضافية تساعدهم على كسر شوكة مكة كما يتضح من الرواية التالية: "...لقد جاء وفد من المدينة يعرضون عليه (محمد) قتال قريش. فقال لهم: "اقضبوا" (انطلقوا إلى رحالكم). فقال له العباس بن عبادة: والله الذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن على أهل مُنى غدا بأسيافنا. فأجاب (محمد) لم نؤمر بذلك و لكن ارجعوا إلى رحالكم ." (إبن هشام ج 2 ص 67و68) بعد هذه الحادثة بزمن قصير بايع أهل المدينة محمدا على حرب قريش وجاء الأمر لمحمد بالجهاد والقتال كما يواصل إبن هشام الرواية في السيرة النبوية.
يدعي دعاة الإسلام أن القتال في الإسلام أبيح دفاعا عن النفس فقط؟ إن الدارس للإسلام والتاريخ الإسلامي والمجتمع الإسلامي في يومنا الحاضر يندهش من هذا الادعاء. لقد بقي محمد يدعو الناس إلى الإسلام في مكة طيلة ثلاثة عشر عاما ولم يصبه خدش أو جرح على الرغم مما ذُكر من بعض المضايقات والاعتداءات على أتباعه. لكن على العكس من ذلك كاد محمد أن يُقتل في معركة أحد بعد أن أعلن الحرب على قومه قريشا. أما القريشيون فقد حاولوا وهو بينهم أن يغروه وأجزلوا له العطاء والنساء حتى يكف عن سبهم وسب آلهتهم. والغريب أنه على الرغم من إدعاء المسلمين بعداء قريش لمحمد فقد جاء في السيرة أن أهل مكة كانوا يأتون بودائعهم الثمينة إلى محمد كي يأتمنوها عنده وكأنه بنك مكة. وتقول الرواية أنه عندما هاجر محمد من مكة إلى المدينة ترك علي بن أبي طالب وراءه كي يرد هذه الودائع إلى أصحابها (إبن هشام ج 2 ص 89-95). يا تُرى هل من المعقول والمنطق أن يضع الناس ممتلكاتهم الثمينة كودائع عند عدوهم مهما كان أمينا؟ كذلك يبدو أن محمدا كان يتمتع بحماية غير طبيعية بحيث لا يستطيع أحد إيذاءه كما نجد في الروايات الواردة في السيرة في الصفحات المشار إليها سابقا، وكأن تتيبس يد من أراد صفع محمد. فإذا كان محمد وديعا ومسالما ألم يتكتفِ بهذه الحماية ويصبر على أمر الله؟ ثم ما شأن محمد بالروم في مؤتة وتبوك وهم بعيدون عنه مئات الأميال ولا شأن لهم به سوى رغبته في الاستيلاء على أرضهم وخيراتهم ونسائهم؟ تبقى الحقيقة الواضحة أن ما كسبه محمد بالسيف في عشر سنوات ليفوق آلاف المرات ما كسبه خلال ثلاثة عشر عاما من الدعوة بالسلم.
والآن سوف نذكر بعض ما ذكره القرآن في الجهاد والحرب والقتال. ففي البداية وقبل كل شيء يعلن القرآن أن الدين عند الله هو الإسلام ولا يُقبل دين سواه "إن الدين عند الله هو الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب" (آل عمران: 19). إن سرعة الحساب قد تعني تسليط السيف على الرقاب. وجاء إضافة إلى ما سبق في آية 85 "ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين". بناء على هذا التأكيد فإن رب محمد أباح له القتال في سبيل الله وفي سبيل دينه الإسلام الذي جاء به محمد. وهكذا يجد المتفحص للقرآن أن هناك ما يزيد على المائة والستين آية تتعلق بالقتال. وتقسم هذه الآيات إلى ثلاثة أقسام: قسم يأمر فيها رب محمد بالقتال ويحرّش نبيه والمسلمين على القتال. والقسم الثاني يعد فيها الله المقاتلين من المسلمين بحسن الثواب من الجنة والغنائم والحواري، والقسم الثالث آيات ينهي فيها عن الفرار والتخلف عن القتال ويعد من يفعل ذلك بأشد العقاب والنكال.
القتال هو أمر من الله وفريضة على المسلمين كما في الآية التالية "كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم" (البقرة: 216). وأمر رب محمد كذلك المسلمين بإعداد العدة لإرهاب أعدائهم وقتالهم "وأعدوا لهم استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تُظلمون" (الأنفال: 60).
رب محمد يأمر نبيه أن يُحرّض المسلمين على القتال "يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبون مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبون ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون" (الأنفال: 65). وزيادة على ما سبق فإن رب محمد يُحله من عهوده مع أعدائه ويبيح له قتالهم في ديارهم "براءة من الله ورسوله إلى الذين عهدتم من المشركين. فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير مُعجزي الله إن الله مُخزي الكافرين" (التوبة: 1و2). ثم نقرأ "كيف يكون للمشركين عهدا عند الله ورسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين" (التوبة: 7). إن تدافع المسلمين لقتال أعدائهم وحصد رقابهم يبعث الغبطة والسرور والبهجة في قلب رب محمد ويحببهم إليه "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص" (الصف: 3). لم يسلم أهل الكتاب من سيف الله وسيف محمد خلافا لما يدعيه دعاة الإسلام بأن الإسلام يحترم أهل الكتاب ويكف عن قتالهم. إن الآية التالية تثبت عكس ما يدعيه المسلمون وتأمر محمد وأصحابه بقتال أهل الكتاب وإذلالهم "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم رسول الله ولا يدينون دين الحق (أي الإسلام) من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (أذلاء)" (التوبة: 29). وبعد كل هذا يقدم رب محمد له وصفة في كيف يجب أن يقاتلوا غير المؤمنين حيث يأمر المسلمين بضرب أعناق غير المؤمنين وقطع أطرافهم "إذ يوحي ربك إلى الملائكة إني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان" (الأنفال: 11).
أما إذا حمي وطيس القتال وخاف المسلم على حياته وفكر في الهرب فالويل ثم الويل له "ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار (الفرار) وكان عهد الله مسؤولا. قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا" (الأحزاب: 16).
هذا وقد وعد الله بالعذاب الشديد لمن يتخلفون عن القتال "يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أثاقلتم (هل تثاقلتم) إلى أرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا (إن لا) تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير" (التوبة 37و39).
و هكذا أحب رب محمد المقاتلين من المسلمين حتى وعدهم بالغنائم الكثيرة إذا ما بقوا على قيد الحياة "وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم وليكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما" (الفتح: 20). وأما الذين يُقتلون فقد وعدهم بالجنة وملاذها ومتعها بما فيها من حواري وغيره "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم جنة يقاتلون في سبيل الله فيُقتلون ويَقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم" (التوبة: 111). لا بد من القول هنا أن هذه الآية تجني على التوراة والإنجيل. فالتوراة والإنجيل خاصة هما براء من وعد رب محمد هذا. ولكن القرآن لا يكتفي بهذا التجني بل يتجنى على المسيح والتلاميذ (الحواريون) بقوله أنهم قاتلوا أعداءهم من اليهود وفازوا عليهم "يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله. قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فايدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين" (الصف: 14) كما سبق وقلنا، هناك أكثر من مائة وستين آية في القرآن تتخصص بشؤون القتال ولا يمكن ذكرها جميعا في هذا الكتاب، لذلك نكتفي بهذا المقدار مما أوحى به رب محمد وننتقل إلى ما قال محمد وفعل في هذا الشأن.
لقد أعلن محمد لأصحابه بأن ربه أمره أن يقاتل جميع الناس حتى يؤمنوا به وبربه. "حدثنا عبد الله بن محمد المسندي قال: حدثنا أبو روح الحري بن عمارة، حدثنا شعبة عن وافد بن محمد قال: سمعت أبي يحدث عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله." (البخاري ج 1 ص 14). هذا حديث مشهور رواه مسلم في صحيحه وكذلك غالبية كتب الحديث والتفسير. هذا وقد اعترف محمد وتفاخر بأنه دون غيره نبي السيف. روى الإمام أحمد عن إبن عمر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعث بالسيف بين يدي الساعة حتى يُعبد الله وحده لا شريك له وجُعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم" (إبن كثير ج 3 ص 455). كذلك يذكر إبن كثير تفاخر محمد ببطشه وفروسيته. وفي الحديث أن "رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا الضحوك القتال" (إبن كثير ج 2 ص 179).
هذا وقد اعترف محمد مؤكدا أن رسالته هي رسالة الرعب والتخويف حيث يروي الحديث: "حدثنا يحيى بن بكر حدثنا الليث عن عُقيل عن ابن شهاب عن سعيد عن المُسيب وأبي سلمة أن أبا هريرة رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بُعثت بجوامع الكلم ونُصرت بالرعب فبينما أنا نائم أوتيت مفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي" (البخاري ج 4 ص234). وزيادة على الرعب يقول محمد أن ربه أحل له الغنائم دون غيره من الأنبياء إذ يقول: "أعطيت خمسا لم يُعطَهنّ أحد قبلي، نُصرت بالرعب مسيرة شهر وجُعلت الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تُحل لأحد من قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصة وبُعثت إلى الناس عامة" (البخاري ج 1 ص 109).
ولقد وعد محمد أصحابه بالجنة إذ ما شرعوا سيوفهم وقاتلوا في سبيل الله وسبيله. "حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبو اسحاق عن موسى بن عقبة عن سالم أبي النضير مولى بن عبيد الله وكان كاتبا قال: "اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف" (البخاري ج 3 ص 283 رواه مسلم أيضا). هذا وقد وردت أحاديث أخرى كثيرة في هذا المعنى. والسيف ليس نافعا لدخول الجنة فقط بل هو نافع أيضا لكسب الغنائم، ومحمد كان يشجع أصحابه على الغزو حتى يكسبوا الغنائم. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سافروا تربحوا صوموا تصحوا واغزوا تغنموا" (إبن كثير ج 3 ص 43). ولقد ضمن محمد لمقاتليه الجنة، وتمنى هو أن يغزو ويُقتل عدة مرات كي يرتفع مقامه في الجنة وتزداد غنائمه. وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن عمارة-وهو ابن القعقاع- عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تضمن برُسلي فهو علي ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة. والذي نفس محمد بيده ما من كَلِم (جرح) يُكلَم (يجرح) في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كَلُم لونه لون دم وريحه مسك. والذي نفس محمد بيده لولا أن يُشق على المسلمين ما قعدت خلاف (وراء) سرية تغزو في سبيل الله أبدا ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني. والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأُقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأُقتل." (مسلم ج 13 ص 20). نكتفي بهذا المقدار من أقوال محمد في الغزو والقتال وننتقل إلى الأفعال، أفعال محمد وأفعال بعض من أصحابه الأوائل.
إن أول ما يذكر من أفعال محمد هو غزواته. يذكر بعض الرواة أن محمدا أعدّ وقاد تسع عشرة غزوة منها على سبيل المثال: بدر وذات الرقاع وخيبر وبنو قريظة وحُنَين وبنو المصطلق. إن سرد هذه الغزوات وشرحها والتعليق عليها يطول ولا مكان لذلك في هذا الكتاب. لكن هذه الغزوات معروفة عند طلاب المدارس في الدول العربية والإسلامية حيث أن ذلك يعد من الثقافة الإسلامية. وفي ما يلي سنذكر بعض الأحداث التي تظهر العنف في سلوك محمد مع أعدائه والذين رفضوا قبول دعوته.
من الروايات المشهورة والمذكورة في كثير من المصادر رواية كيف انتقم محمد من بعض العربان ومثّل بهم بعد أن قتلوا راعيه. "حدثنا أبو جعفر محمد بن الصباح وأبو بكر بن أبي شيبة- اللفظ لأبي بكر- قال: حدثنا إبن علية عن حجاج بن أبي عثمان، حدثني أبو رجاء مولى أبي قلابة، حدثني أنس أن نفرا من عُكل ثمانية قدموا على رسول لله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام (أسلموا) فاستوخموا (لم يطيقوا) الأرض وسقمت أجسامهم فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا تخرجوا مع راعينا في إبله فتصيبون (تشربون) من أبوالهما وألبانها؟ فقالوا: بلى. فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا. فقتلوا الراعي وطردوا (ساقوا) الإبل. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهم فأدركوا وجيء بهم فأمر بهم فقعطعت أيديهم وأرجلهم وسَمرَ أعينهم (أي وضع سيخ حديد محمى في عيونهم) ثم نبذوا (طرحوا) في الشمس حتى ماتوا." (مسلم ج 11 ص 153 مكرر، رواه كل من البخاري وإبن هشام).
ولا شك أن ما فعله هؤلاء الأعراب يستحق العقاب، ولكن ما فعله محمد بهم ليس من أفعال الأنبياء العظام والرسل الكرام. من سمع أن نبيا من أنبياء الله الذين ذكروا في التوراه منذ إبراهيم وحتى المسيح فعل مثل هذا الفعل الرهيب؟ من سمع أن المسيح قد فعل مثل ما فعل محمد؟
ويظهر عنف محمد بشكل خاص في تعامله مع اليهود. كان يهود الجزيرة العربية يختلفون عن النصارى فيها. لقد اندمج المسيحيون مع سكان الجزيرة العربية وقبائلها، وكانت صلة القرابة والنسب تربطهم بسكان الأرض وقبائلها وخير دليل على ذلك محمد وخديجة. أما بالنسبة لليهود فكانوا كعادتهم في جميع العصور وكافة البلاد حتى يومنا هذا يعيشون في مستوطنات خاصة بهم ضمن نطاق المدينة و ضواحيها مثل خيبر وغيرها. قد يعود السبب في انعزال اليهود عن غيرهم إلى الشريعة الموسوية التي تمنع اليهود من التنجس بنجاسات الأمم الذين حولهم. على أي حال، لقد كا اليهود تجارا ومزارعين وحرفيين. وكانوا يعيشون في سلام ووئاء مع جيرانهم وكانوا أحيانا يرتبطون معهم بمحالفات، حتى وطئ محمد المدينة.
في البداية طلب محمد من اليهود ودّهم وحاول اقناعهم باتباعه ولكن جهوده ذهبت هباء منثورا فانقلب عليهم وفتك بهم وشردهم من ديارهم. عندما قدم محمد المدينة هادن اليهود ووادعهم كما ذكر إبن هشام: "وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار وادعَ فيه اليهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وشرط لهم واشترط عليهم". وكان من شروط محمد على اليهود مشاركة المسلمين في نفقة الحرب وأن لا يخرج أحد منهم إلا بإذن محمد (إبن هشام ج 2 ص 106-108).
بعد معركة بدر مباشرة زاد محمد ضغطه على اليهود وشدد من لهجته لهم وأمرهم بأن يسلموا وإلا أصابهم الهلاك:... "ولما أصاب الله عز وجل قريشا يوم بدر جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود في سوق قينقاع حين قدِم المدينة فقال: "يا معشر يهود اسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب قريشا" (إبن هشام ج 2 ص 144). تلا ذلك محاولات كثيرة من محمد حيث دخل مدارس (مجمع) اليهود ودعاهم إلى الإسلام وهدّد ووعد. لكن وعلى الرغم من التهديد والوعيد صدّ اليهود محمدا ورفضوا دعوته رفضا قاطعا. وفي نهاية الأمر نفذ محمد وعيده فحاصر اليهود في مستوطناتهم وحاربهم وقتل منهم من قتل ونفى من نفى وسبى من سبى وأخذ من نسائهم، وبعضهن صرن نساء له وبعضهن جواري له ولأصحابه. وكانت مذبحة بني النظير بعد غزوة الخندق أفظع ما فعل محمد باليهود. يقول الراوي "...فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما حدثني الزهري معتجرا (لابسا) بعمامة من استبرق (نوع من الحرير) على بغلة عليه رحاله(سرج) عليها قطيفة من ديباج فقال: أَوَ قد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: "نعم". فقال جبريل فما وضعت الملائكة السلاح بعد. وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة فإني عامد إليهم فمزلزل بهم. وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة، حتى جَهدهم (أرهقهم) الحصار وقذف الله الرعب في قلوبهم. فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم (استسلموا لمحمد). ثم أعطى محمد الحكم فيهم لسعد بن معاذ. وكان سعد قد جُرح في غزوة الخندق. فجيء به على حمار ولما جاء قيل له: يا أبا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك (كان بنو قريظة حلفاء للأوس قبيلة سعد) لتحكم فيهم، فقال سعد بن معاذ: عليك بذلك عهد الله وميثاقه، إن الحكم فيهم لما حكمت؟ قالوا: نعم. وعلى من ها هنا؟ في الناحية التي فيها رسول الله صلى عليه وسلم وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم". قال سعد: فإني أحكم فيهم أن يُقتَل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري (الأطفال) والنساء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: "لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة (سموات). قال إبن إسحق: ثم استنزلوا فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في دار بنت الحارث، امرأر من بني النجار، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق المدينة، التي هي سوقها اليوم، فخندق بها خنادق، ثم بعث إليهم، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق، يُخرج بهم إليه أرسالا (طائفة بعد طائفة. في الحديث كل طائفة عشرة رجال) وفيهم عدو الله حيي بن أخطب وكعب بن أسد رأس القوم وهم ستمائة أو سبعمائة والمكثر لهم يقول: كانوا ما بين الثمانمائة والتسعمائة" (إبن هشام ج 3 ص 140-146). كذلك ذكر كل من البخاري ومسلم هذه المذبحة الرهيبة. إن أي إنسان عاقل لا بد أن يتساءل: كيف يمكن أن يقوم من يُعتبر أعظم وأشرف الأنبياء والمرسلين بما فيهم المسيح بهذا العمل المُشين؟ وكيف يقتل بيديه ويقطع رقاب من استسلموا له وقد حاصرهم في ديارهم؟ إذا فعل أي إنسان ما فعله محمد في أيامنا هذه يُعتبر مجرم حرب وتطارده العدالة الدولية. ولكن أي عدالة تمنع محمد من ذبح ما بين ستمائة وسبعمائة رجل وطرحهم في قبور جماعية في شوارع مدينته؟ حتى عدالة السماء لم تمنع محمدا من ارتكاب فعلته الشنيعة تلك إذ اعتبر حكم سعد هذا من حكم الله.
لن نستغرب ما جرى لسعد بعد هذا الحكم الظالم، فقبل أن يغادر سعد الخيمة التي نطق فيها بحكمه الظالم انفتح جرحه وتدفقت دماؤه على أرض الخيمة ومات فورا. أما كان ذاك هو حكم الله الحقيقي؟
لم تقتصر أفعال محمد على حرب من لم يؤمن به وبرسالته وعلى قتلهم وتخريب ديارهم والاستيلاء على أموالهم وأسر أطفالهم وهتك أعراض نسائهم. بل في كثير من الأحيان لجأ محمد إلى الإغتيال للفتك بأعدائه الأقوياء. من بين الرجال الذين عمل محمد على إغتيالهم كان كعب بن الأشرف. يقول الراوي: "حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال عمرو: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لكعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسوله؟ فقام محمد بن مَسلمة وقال: يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال: "نعم" قال: فأذن لي أن أقول شيئا. قال: "قل" فأتاه محمد بن مسلمة فقال: إن هذا الرجل (أي محمد) قد سألنا صدقه وإنه قد عنانا (أثقل علينا) وإني آتيك أستسلفك (أستقرض منك) قال: وأيضا والله لتملنّه (تتخلى عنه) قال: إنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى شيء يصير شأنه وقد أردنا أن تُسلفنا وسقا (مكيال) أو وسقين. فقال: نعم أرهنوني. قالوا أي شيء تريد؟ قال: أرهنوني نساءَكم، قالوا كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فارهنوني أبناءكم. قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيُسبّ أحدهم فيقال: رُهن بوسق أو وسقين هذا عار علينا لكننا نرهنك اللامة (السلاح). فواعده أن يأتيه فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم فقالت له امرأته: أين تخرج هذه الساعة؟ فقال: إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة. قالت أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم. قال: إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة. إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب. قال: ويدخل محمد بن مسلمة معه رجلين فقال: إذا ما جاء (أي كعب) فإني قائل (آخذ) بشعره فأشمه فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه. فنزل إليهم متوشحا (حاملا سلاحه) وهو ينفح منه ريح الطيب فقال (محمد بن مسلمة): ما رأيت كاليوم متوشحا (حاملا سلاحه) وهو ينفح منه ريح الطيب فقال (محمد بن مسلمة). ما رأيت كاليوم ريحا أي أطيب. قال (كعب) عندي أعطرُ نساء العرب وأكمل العرب. فقال (محمد) أتأذن لي أن أشم رأسك؟ قال: نعم. فشمه ثم أشم أصحابه ثم قال: أتأذن لي أن أشم رأسك؟ قال: نعم. فلما استمكن منه قال: دونكم. فقتلوه ثم أتو النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه." (البخاري ج 5 ص 30، رواه مسلم وإبن هشام أيضا). كما وردت المصادر السابقة، هناك رجل آخر إسمه أبا رافع بعث إليه محمد من قتله وهو نائم في عليته مع امرأته.
يا للنخوة العربية ويا لشهامتها. كيف تسمح النفس للنبي الكريم أن يسعى لإغتيال الرجال وهم نيام مع نسائهم؟ أم هل يهون كل شيء في سبيل إعلاء شأن رسالة محمد؟
من الغريب أن الإغتيال لم يقتصر على الرجال فقط فحتى النساء لم يسلمن من الإغتيال على يد محمد، كما في قصة مقتل العصماء بنت مروان. يقول الراوي: "وغزوة عُمير بن عدّي الخَطمي عصماء بنت مروان، وهي من بني أمية بن زيد، فلما قُتل عفك نافقت. فذكر عبد الله بن الحارث بن الفضيل عن أبيه قال: وكانت تحت رجل (متزوجة من رجل) من بني خطمة ويقال له زيد بن زيد فقالت تعيّب الإسلام:
باست (بئست) بني مالك والنبيت وعوف وباست الـخزرج
أطعتم أتاوي (والي) من غيركم فلا من مـــراد و لا مذحـج
ترجونه بعد قتل الــرؤوس كما يرتجي مرق المنضـج
إلا أنف يبتغي عــــزة فيقطع من أمــــل المرتجي
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك: "ألا آخذ (أنتقم) لي من إبنة مروان؟ فسمع ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن عُدّي الخطمي وهو عنده، فلما أمسى من تلك الليلة سَرى عليها في بيتها فقتلها، ثم أصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أني قد قتلتها. فقال (محمد): "نصرت الله ورسوله يا عُمير. فقال (عمير): هل علي شيئا من شأنها يا رسول الله؟ قال: "لا ينتطح فيها عنزان." (أي أنها لا قيمة لها) (إبن هشام ج 4 ص 209). هذا فعل يخجل منه حتى أهل الجاهلية. هل بلغت النبوة بمحمد إلى درجة إرسال رجل إلى امرأة ليدخل عليها في بيتها ليلا ويغتالها حتى ينصر الله ورسوله؟
إضافة إلى ما سبق وذكرنا، هناك روايات عن رجال ونساء آخرين كثيرين أرسل محمد إليهم من يغتالهم، مثل عياش وهشام وعبد الله بن خطل وجاريتيه واليسير بن رزام وسفيان بن ينيح الهُذلي. والمجال لا يتسع هنا لذكر قصصهم جميعا. ومن أراد الاطلاع على هذه الروايات فعليه بالرجوع إلى كتب السيرة النبوية بوجه الخصوص.
تشمل سيرة محمد أعمال عنف أخرى مثل قطع نخيل بني النضير وحرقها و قطع أعناب بني ثقيف. كما أن محمدا أمر بإحراق رجلين من قريش وأمر كذلك بحرق بيت على من فيه لأنهم ثبطوا الناس عن الاشتراك في غزوة تبوك الفاشلة، كما روى إبن هشام: "وحدثني الثقة عمن حدثه عن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن عن إسحق بن إبراهيم بن عبد الله بن حارثة عن أبيه عن جده قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أناسا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي وكان بيته في جاسوم يثبطون الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فبعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم ففعل طلحة." (إبن هشام ج 4 ص 119).
من نوادر محمد في حروبه مع أعدائه هذه الحادثة التي وقعت في معركة أُحد حيث انطلقت عقيرته الضحك عندما رأى عورة أحد الرجال: "حدثنا محمد بن عباد حدثنا حاتم – يعني إبن إسماعيل – عن بكير عن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع له أبويه يوم أحد قال: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (ضايقهم في القتال) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "ارم فداك أبي وأمي". قال: فنزعت له بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه فسقط فانكشفت عورته. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نظرت نواجذه (أسنانه)." (مسلم ج 15 ص 281).
من أفعال محمد أيضا عدم احترام حق الضيافة والذي يعتبر من أشهر المآثر العربية، فهل خرج "النبي العظيم" عن الأعراف والتقاليد العربية الأصيلة؟ يقول الراوي: "حدثنا أبو نعيم حدثنا أبو العميس عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من المشركين – وهو في سفر – فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل (غادر)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اطلبوه واقتلوه". فقتلته فنفلني (وهبني) سَلبه (أي ما يملك)." (البخاري ج 4 ص 358). يا ترى أي شريعة سماوية أو غير سماوية تبيح قتل رجل مسالم وتبيح سلب ما معه بعد استضافته؟ كيف تبيح شريعة محمد مثل هذا الفعل؟
إن انتهاكات محمد للحقوق الإنسانية لم تكن لتتوقف عند حد. فهو لم يكن يتوانى عن بيع النساء والأطفال في سوق النخاسة كما فعل في سبايا بني قريظة بعد المذبحة التي سبق ذكرها. يقول الراوي: "ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأنصار أخا بني عبد الأشهل بسبايا من سبايا بني قريظة إلى نجد فابتاع لهم بها (أي السبايا) خيلا وسلاحا" (إبن هشام ج 3 ص 149). هل يختلف ما فعله محمد عما يفعله تجار العبيد؟ أخاتم الأنبياء والمرسلين وأشرف خلق الله يبيع الناس كالإبل والغنم ويشتري بثمنهم الخيل والسلاح بعد أن قتل الرجال (أباءهم وأزواجهن) واستولي على الأملاك؟ أهذه هي النبوة؟
إن الدارس لسيرة محمد لا يمكن أن ينسى معاملة محمد الدنيئة للنساء في الحرب. لقد أباح محمد لأصحابه اغتصاب النساء الأسيرات سواء كن متزوجات أم غير متزوجات بعد قتل آبائهن وإخوتهن وأزواجهن وأبنائهن، وذلك على أرض المعركة وقبل أن تجف دماء القتلى كما في الرواية التالية: "حدثنا قُتيبة بن سعيد أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن يحيى بن حبان عن إبن مُحيريز بأنه قال: دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري فجلست إليه فسألته عن العزل (جماع المرأة والقذف خارج المهبل لمنع الحمل) قال أبو سعيد: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي العرب فاشتهينا النساء واشتدت علينا العُزبة وأحببنا العزل فاردنا أن نعزل، وقلنا نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا قبل أن نسأله؟ فسألنا عن ذلك فقال: "ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة" (البخاري ج 5 ص 66، رواه مسلم أيضا). وهكذا أباح محمد لأصحابه أنتهال أعراض الأسيرات على أرض المعركة والتمتع بهن تمتعا كاملا دون الخشية من الحمل لأنه إذا أراد الله أن يكون الحمل فسيكون سواء كان الاغتصاب كاملا أم ناقصا. هل هناك رسالة أسمى من هذه الرسالة التي تبيح انتهاك أعراض النساء في سبيل الله؟ إي إله هذا الذي يسمح بمثل هذه الأفعال الشائنة؟ ومن الجدير بالذكر هنا أنه حسب شريعة محمد إذا أسرت امرأة متزوجة فإن زواجها يبطل بالأسر وتصبح مُلكا للمسلمين يتقاسمونها ويبيعونها وينكحونها حسب ما شاءوا. والمشين أكثر من هذا هو أن التاريخ الإسلامي بدلا من ان يخفي هذه الحقيقة المخزية ، تجده يتباهى بها.
لم يتوانَ محمد عن تعذيب الناس للحصول على ما يريد كما في الرواية التالية التي وقعت أحداثها أثناء غزوة خيبر: "وأتى رسول الله صلى الله عليه سلم بكنانة بن الربيع وكان عنده كنز بني النضير فسأله عنه محمد فجحد (أنكر) أن يكون يعرف مكانه. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من يهود فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنانة: "أرأيت إن وجدنا عندك. أأقتلك؟" قال: نعم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخربة فحُفرت. فأخرج منها بعض كنوزهم ثم سأله عما بقي، فأبى أن يؤديه فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام فقال: "عذبه حتى تستأصل ما عنده" فكان الزبير يقدح بزند (يحرق بالنار) في صدره حتى أشرف على نفسه (قارب الموت). ثم دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة فضرب عنقه بأخيه محمد بن سلمة." (إبن هشام ج 3 ص 217). هناك روايات أخرى في التعذيب لا مجال لذكرها كلها.
فيما سبق رأينا أفعال محمد، والآن سنذكر بعض أفعال أصحاب محمد الأقربين. فهوذا علي يتمثل بإبن عمه ونبيه وسيده محمد فيحرق قوما كما في الرواية التالية: "حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان عن أيوب عن عكرمة أن عليا رضي الله عنه أحرق قوما فبلغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تعذبوا بعذاب الله" ولقتلتهم كما قال صلى الله عليه وسلم "من بدّل دينه فاقتلوه." (البخاري ج 4 ص 346). بارك الله في شهامتك يا ابن عباس، كنت تكتفي بقتلك عباد الله بدلا من حرقهم.
تُظهر الرواية التالية بطوله زيد بن حارثة ربيب محمد وزوج زينب التي طلقها ليتزوجها محمد: "قال ابن اسحق: فلما قدم زيد بن حارثة آلى (عزم) أن لا يمس رأسه غسل من جنابة حتى يغزو بني فزارة. فلما استبل (شفي) من جراحه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني فزارة في جيش فقتلهم بوادي القرى، وأصاب فيهم وقتل قيس بن مُسحَر اليعمري ومسعدة بن حلمة بن مالك بن حُديفة بن بدر. وأسرت أم قِرفة فاطمة بنت ربيعة بن بدر وكانت عجوزا كبيرة عند مال بن حديفة بن بدر وبنت لها عبد الله بن مسعدة. فأمر زيد بن حارثة قيسا بن المسحر أن يقتُل أم قرفة (العجوز) فقتلها قتلا عنيفا. ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنة أم قرفة وبابن مسعود، وكانت ابنة أم قرفة لسَلمة بن عمرو بن الأكوع، كان هو الذي أصابها (نكحها) وكانت في بيت شرف من قومها، كانت العرب تقول: "لو كنت أغرّ من أم قِرفة ما زِدت". فسألها (طلبها) رسول الله صلى الله عليه وسلم سَلمة (أي من سلمه) فوهبها له، فأهداها لخاله حزن بن أبي وهب فولدت له عبد الرحمن بن حزن." (إبن هشام ج 4 ص 195). وأية شهامة وأية نبوة هذه؟ هل يمكن أن تكون وحشية أكثر من هذا؟ لماذا تُقتل امرأة عجوز قتلا عنيفا؟ ما كان ذنب تلك المرأة المسكينة؟ هل جريمتها كانت أنها امرأة عجوز لا تصلح للنكاح ومتعة أصحاب محمد؟ يا للكرم ويا للرحمة! يقتل زيد ربيب محمد الأم العجوز ويبقى على ابنتها الصبية فتُستعبد وتُنكح وتهدى من رجل إلى آخر حتى يهديها محمد لخاله العزيز وكأنها شاة أو أقل من شاة. هل هذه هي رسالة الإسلام التي تبيح هذه الأفعال الشنيعة ؟ هل هذه هي رسال الله، "هدى" ورحمة للناس؟ أي إله هذا الذي يبيح مثل هذه الفضاعات؟
وأما عمر بن الخطاب الرجل الناري والذي يُضرب المثل بعدله في المؤلفات العربية والإسلامية، فقد نفذ الفصل الأخير في حق اليهود ونصارى الجزيرة العربية معتبرا ذلك إتماما لوصية سيده محمد: "وحدثني محمد بن رافع وإسحق بن منصور- واللفظ لأبي رافع – قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا إبن جُريج، حدثني موسى بن عقبة عن نافع عن إبن عُمر أن عمر بن الخطاب أجلى (نفى) اليهود والنصارى من أرض الحجاز وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهرَ (انتصر) على خيبر أراد إخراج اليهود منها وكانت الأرض حين ظهرعليها لله ولرسوله وللمسلمين. فأراد إخراج اليهود منها فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم نُقركم بها على ما شئنا. فقروا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء (في اليمن) وأريحا." (مسلم ج 10 ص 212، رواه أيضا البخاري وإبن هشام). هنا نرى أن المسلمين هم من أوائل من مارس التطهير الديني والعرقي، حيث تمت تصفية جزيرة العرب من كل من هو غير مسلم تنفيدا لوصية محمد وهو على فراش الموت، حيث لم يمنعه النزاع من إنزال الأذى بمن اعتبرهم أعداءه من اليهود والنصارى فقال: "لا يجتمعن في جزيرة العرب دينان". حسب رواية البخاري ومسلم وإبن هشام.
لم يقتصر العنف على رجال المسلمين فقط حيث انتقلت عدوى العنف إلى النساء أيضا، كما في الحديث التالي حيث خلت قلوبهن من الرحمة والشفقة: "عن إبن مسعود قال: إن النساء كن يوم خلف المسلمين يُجهزن (يقضين) على جرحى المشركين." ( إبن كثير ج 1 ص 325).
بالإضافة إلى قتل الكفار والمشركين من غير المسلمين فإن العنف والقتل في شريعة الإسلام يشمل المرتدين عن الإسلام حيث تبيح شريعة محمد قتل المرتدين. يقول القرآن في هذا الصدد: "إن نكثوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أثمة الكفر إنهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون" (التوبة: 12). وكذلك يأمر محمد بقتل الذين يتركون الإسلام أينما وجدوا كما في الحديث التالي: "حدثنا محمد بن كير أخبرنا سُفيان عن الأعمش عن خثيمة عن سُويد بن غفلة قال: قال علي رضي الله عنه: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخرَ (أسقط) من السماء أحب إلي من أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سُفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون عن الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن يقتلهم يوم القيامة." (البخاري ج 4 ص 542، رواه مسلم أيضا). وجاء في حديث آخر: "حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مُرة عن مسروق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس والثيب (الرجل أو المرأة الأحرار المتزوجين) الزاني والمارق من الدين التارك الجماعة." (البخاري ج 8 ص 356، رواه مسلم أيضا).
يستنتج مما سبق أن الإسلام قد قيد حرية المسلم وسلب فكره، وجعل الخوف سلطانا على حياته. فالمسلم مُكره على الإسلام شاء أم أبى. لهذا السبب لا يجرؤ مسلم في العالم الإسلامي أينما وجد أن ينتقد الإسلام بقليل أو كثير ولا حتى في أكثر الدول الإسلامية تحررا. إن من يجرؤ على فتح فمه أو رفع قلمه ضدا على الإسلام ونبيه لا بد أن يلاقي السجن والعذاب والموت. لقد حاول القلائل من المفكرين المسلمين كسر القيود والتحرر من الخوف مثل كاتب "محنة العقل في الإسلام" ولكنهم واجهوا السجن والقتل. لذلك فإن المسلم الذي يترك الإسلام ويعتنق المسيحية فإنما يفعل ذلك عن قناعة قوية ويملك شجاعة عظيمة حيث لا يبالي بالعذاب والموت.
لقد تحدثنا بما فيه الكفاية عن العنف في الإسلام ولكن لا بد من السؤال ما هو القصد من هذا العنف؟ هل هو إعلاء الحق؟ إذا كان هذا هو المقصود فإننا نقول: إذا كانت رسالة محمد هي رسالة الحق، أفلا يستطيع الحق أن يُثبت ذاته ويقف على قدميه دون إعلاء من سيف أو رمح؟ إذا كان الحق يَعلو ولا يُعلى عليه فلماذا السيف؟ إن الحق الذي يعلو بالسيف ليس حقا.
هل كان الغرض من القتال في سبيل الله ربح الناس للإسلام؟ إذا كان الأمر كذلك فكيف يكون ربح الناس للإسلام بعد قتلهم؟ إذا كان الإسلام نورا وهدى للعالمين فإن الذين قتلهم محمد والمسلمون قد حُرموا من هذا النور والهدى إلى أبد الآبدين. من المعروف أن الكثير من الناس لا يؤمنون أول مرة لما يُعرض عليهم الإيمان. قد تمر سنين قبل أن يقبلوا الإيمان عن قناعة وطيب خاطر. فكيف حرم محمد وخلفاؤه الراشدون وجيوش المسلمين عبر التاريخ ملايين البشر من الفرصة لقبول "نور وهدى" الإسلام المزعومين في حياتهم؟ أليس ذلك إجراما في حق الله وحق البشرية؟
على أي حال يبدو أن الجائزة الكبرى لمحمد وللمسلمين من القتال كانت الإستيلاء على الأراضي والممتلكات والأموال وأسر الأطفال والنساء وجعلهم عبيدا وجواري لخدمة الرجال المسلمين ومتعتهم. كان محمد يحصل على خُمس الغنائم التي يتم الاستيلاء عليها بالحرب. أما الغنائم التي يتم الحصول عليها باستسلام الأعداء دون حرب فكانت تصير كلها لمحمد. ولقد سبق وذكرنا كيف أن رب محمد أحل له الغنائم دون غيره من الأنبياء، ونقرأ في مطلع سورة الأنفال أن "الأنفال (الغنائم) هي لله ورسوله" وما تبقى من الغنائم كان محمد يوزعه على أصحابه من المحاربين حيث كانت تعطى حصة للذي كان بدون فرس وحصة مضاعفة للفارس. وكان محمد أحيانا يُجزل العطاء للمحاربين كما فعل في غزوة بدر بعد أن استولى على أموال قريش. يقول الراوي؟ "حدثنا إسحق بن ابراهيم سمع محمدا بن فُضيل عن اسماعيل عن قيس: كان عطاء البدريين (المحاربين في غزوة بدر) خمسة آلاف (درهم) خمسة آلاف." (البخاري ج 5 ص 25).
كان محمد يعطي أحيانا قوما دون آخرين من أجل كسب ولائهم كما في الحديث: "حدثنا أبو الوليد حدثنا شُعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني أعطي قُريشا أتألفهم (استميلهم وأسترضيهم) لأنهم حديثُ عهد بجاهلية." (البخاري ج 4 ص 392).
لقد وردت أحاديث أخرى مشابهة في كل من البخاري ومسلم وإبن هشام. هذا وقد كادت أفعال محمد هذه أن تؤدي إلى القتال والحرب والنزال بين الأنصار والمهاجرين، كما أنها دعت البعض أن يتهمه بالمحاباة وعدم العدل كما في الحديث: "حدثنا عثما بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناسا في القسمة. فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل وأعطى عُيينة مثل ذلك وأعطى أناسا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة. قال رجل: والله إن هذه القسمة ما عُدل فيها وما أريد فيها وجه الله (في حديث آخر قال الرجل: اعدل يا محمد) فقلت: والله لأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم. فأتيته فأخبرته، فقال: "فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر" (البخاري ج 4 ص 393، رواه مسلم أيضا). كذلك كان محمد يُغري بعض الناس على قبول الإسلام بالعطاء الكثير كما في الحديث: "وحدّثنا عاصم بن النضر التميمي، حدثنا خالد- يعني ابن الحارث- حدثنا حميد بن موسى بن أنس عن أبيه قال: ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه. قال: فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم اسلموا فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة." (مسلم ج 15 ص 72). هناك أمثلة أخرى كثيرة على عطاء محمد لا مجال لذكرها جميعا. نعم لقد كان محمد قادرا أن يُعطي الغنم والإبل والأموال من ثمر سيفه ولكنه لم يكن قادرا أن يُعطي الأعمى بصرا والميت حياة والمرضى شفاء. مثل هذا العطاء يحتاج إلى قوة الروح. لقد كان محمد يمتلك قوة السيف، فيعطي غنما وإبلا، ولكن لم تكن عنده قوة الروح.
لم تقتصر أعمال محمد العدائية ضد غير المسلمين على الغزو والقتل بالسيف وحرق الناس والأشجار والتعذيب وما إلى ذلك، بل اتخد العداء الإسلامي لغير المسلمين أشكالا أخرى. فعلى سبيل المثال يُحوّل رب محمد اليهود إلى قردة كما في الآية "ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين" (البقرة: 65).
وأكثر من ذلك فإن رب محمد يحول الذين يغضب عليهم إلى قردة وخنازير "قل هل انبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنة الله وغضب عليهم وجعل منهم القردة والخنازير" (المائدة: 60). ويزيد محمد على ما سبق بقوله أن بعض اليهود صاروا فئران كما في الحديث: "حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب عن خالد عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فُقدت أمة من بني إسرائيل لا يُدري ما فعلت، وإني لا أراها إلا الفأرة: إذا وُضع لها ألبان الإبل لم تشرب وإذا وُضع لها ألبان الشاء شربت". فحدثت كعبا فقال: "أنت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوله؟ فقلت: نعم. قال لي مرارا. فقلت: أما تقرأ التوراة؟" (البخاري ج 4 ص 440 رواه مسلم أيضا). يا للعجب! لم يُسمع هذا قط إلا في شريعة محمد. الله يحول الناس إلى قردة وفئران وخنازير؟ إذا كان رب محمد يفعل هذا، فماذا نقول عن الهندوسية التي يتحول فيها الناس إلى حيوانات والحيوانات إلى بشر؟ يا ترى أي نوع من القردة هذه كان أصلها بشرا؟ وهل ما زال رب محمد والإسلام يُحول الناس إلى قردة وخنازير وفئران؟ ثم هل باستطاعة رب محمد، ما دام يحول الناس إلى قردة وخنازير وفئران، أن يحولهم أيضا إلى حيوانات أخرى مثل البقر والحمير والكلاب والبغال والأرانب والدجاج وغير ذلك؟ هل يا ترى كان داروين على معرفة بالنظرية الإسلامية بأن بعض الحيوانات هي من أصل بشري فقلب النظرية على عقبها فعلّم أن الإنسان أصله حيوان؟
وبدلا من أن يصلى محمد من أجل أعدائه، كان يصلي ليلعن أعداءه كما في الحديث: "حدثنا حبان بن موسى، أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن الزهري قال: حدثنا سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر يقول: "اللهم إلعن فلانا وفلانا بعدما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد"، فأنرز الله "ليس لك من الأمر شيئا" إلى قوله "فإنهم قوم ظالمون" (البخاري ج 5 ص 15). يبدو أن محمدا كان يحتفظ بقائمة للعن، يكررها كل فجر طالبا من ربه أن يستجيب فيلعن من يلعنهم.
كان محمد يستخدم سلاحا غريبا لطعن أعدائه، ولم يستخدمه قط أحد من الأنبياء المعروفين وهذا السلاح هو لسان شاعر محمد الخاص حسان بن ثابت. طلب محمد من ربه أن يؤيد حسان بن ثابت بالروح القدس كي يجيد الهجاء (السباب) في أعدائه. "حدثنا أبو اليمان أخبرنا شُعيب، عن الزهري وحدثنا إسماعيل قال: حدثني أخي عن سليمان عن محمد بن أبي عتيق، عن شهاب عن أبي سلمة عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة فيقول: يا أبا هريرة، نشدتك بالله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا حسان أجب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم أيده بالروح القدس؟" قال أبو هريرة: نعم." (البخاري ج 7 ص 144 رواه مسلم أيضا). وجاء في حديث آخر: "حدثنا سُليمان بن حرب، حدثنا شعبة عن عُدي بن ثابت، عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحسان: "اهجهم" أو قال: "هاجِهم وجبريل معك" (البخاري ج 7 ص 142). لقد أجاب حسان دعوة نبيه وأجاد في فن السباب ونطق لسانه بأقذع وأرذل الكلام. من الأمثلة على قدرة حسان في السباب هجاؤه الفاحش لكَلدة بن حنبل عندما قال كلدة في معركة حنين: "ألا بطُل السحر اليوم". أجاب حسان بن كلدة بهذه الأبيات البذيئة:
رأيت سوادا من بعيد فراعني أبو حـنـبل ينـــزو (يهتـز) على أم حنبل
كأن الذي ينزو به فوق بطنها ذراع القلوص (قضيب الجمل) من نتاج إبن عزهل
(إبن هشام ج 4 ص 66). يا للفظاعة! هل يمكن أن يصدر مثل هذا الكلام البذيء الفاحش عن الروح القدس أو عن أو عن جبريل؟ و الاكثر فظاظة وفظاعة من أي شيء هو ان كثيرين من أئمة الإسلام حفظوا كلمات مثل هذه ويحفظونها عن ظهر قلب ويرددونها بفخر الجهل المطلق المخزي!
بالنسبة لأهل الكتاب بشكل خاص، فإن القرآن يدعو المسلمين إلى عدم مصادقتهم كما في الآية التالية: "يا أيها الذين آمنوا (المسلمون) لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء (أصدقاء) بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" (المائدة: 51). يزيد محمد على ما سبق إذ نهى المسلمين عن مبادرة أهل الكتاب بالسلام، ودفعهم إلى أضيق الطريق إمعانا في إذلالهم كما جاء في الحديث التالي: "حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز – يعني الدار وردي – عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله علي وسلم قال: "لا تبادروا (تبدأوا) اليهود ولا النصارى بالسلام. فإذا لقيتم أحدهم في الطرييق فاضطروه (ادفعوه) إلى أضيقه." (مسلم ج 14 ص 148). هل تُظهر هذه الأقوال احترام الآخرين ومعاملتهم بالمثل؟ أم أنها تدعو إلى احتقار الآخرين وإذلالهم في المجتمع الإسلامي؟ يقول دعاة الإسلام أن الإسلام دين الحق والعدل واحترام الآخرين, ويستشهدون بروايات من التاريخ الإسلامي مثل موقف عمر بن الخطاب بعد فتح القدس ووجود الأقليات وخاصة المسيحية في كثير من الدول العربية والإسلامية، واستمتاعهم بحرية العبادة والعمل وما إلى ذلك.
الحقيقة هي أنه على الرغم من هذه الادعاءات فإن معظم السكان في البلاد التي احتلها العرب المسلمون قد أُكرهوا على الإسلام، وما زال ذلك قائما حتى اليوم. قد لا يكون الإكراه بالقوة والعنف وحد السيف كما في الماضي، لكن الإكراه يتخذ أشكالا كثيرة غير مباشرة. إن أي مسيحي يعيش في بلد إسلامي مهما كان هذا البلد علمانيا ومتحررا يشعر بالتمييز والتحيز وكأنه مواطن من الدرجة الثانية. لذلك نجد الأعداد الكبيرة من المسيحيين في الدول الإسلامية يفضلون مُغادرة ديارهم وأوطانهم إلى بلاد المهجر، إلى درجة أن بعض البلاد العربية الإسلامية تكاد تفرغ من مواطنيها المسيحيين. إن المسيحيين في البلاد الإسلامية يسمعون الطعن فيهم وفي إيمانهم من المآدن وفي الصحف والمجلات والكتب.
صحيح ان هناك الكثير من المسلمين العاديين الذين يعاملون غيرهم من غير المسلمين بلطف وإنسانية، ويقيمون علاقة صداقة معهم. ولكن المشكلة بالدرجة الأول لا تتمثل في المسلمين لكن في الإسلام ذاته. إن المشكلة تتمثل في ما جاء في القرآن وما فعله محمد، وهو ما ينتج عنه الموقف العدائي والجماعات والأفراد مثل جماعة التكفير الإسلامية في مصر، والطالبان في أفغانستان، وجزاري الجزائر، ومدمري الكنائس في مصر وأندونيسيا والباكستان وغيرها. إن ما تتعرض له الأقلية المسيحية في البلاد الإسلامية لا تتعرض له الأقليات الإسلامية في البلاد غير الاسلامية وخاصة الدول الديمقراطية.
وأخيرا وليس بآخر، لا بد من الذكر أن الشريعة الإسلامية هي شريعة العين بالعين والسن بالسن كما جاء في الآية "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص. فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلئك هم الظالمون" (المائدة: 45).
المعاملة المسيحية:
نبدأ هذا القسم بذكر معاملة المسيحيين المؤمنين لبعضهم البعض. لا تقتصر معاملة المؤمن المسيحي للمسيحيين على عدم الاعتداء والايذاء. لم يُعلّم المسيح: "المسيحي من سلم المسيحيون من يده ولسانه". إن علاقة المؤمن المسيحي بالمؤمن المسيحي تقوم على أساس المحبة المطلقة المضحية غير الأنانية كما وصفها الإنجيل، يقول بولس الرسول: "إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن أو صنجا يرن. وإن كانت لي نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلا أنتفع شيئا؟ المحبة تتأنى وترفق والمحبة لا تحسد. المحبة لا تفاخر ولا تنتفخ. ولا تقبّح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء. وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء." (1 كورونثوس 12: 1-7). وقد أوصى يسوع المسيح التلاميذ بالمحبة بعضهم لبعض إذ قال: "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا. كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضا بعضكم بعضا. بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضا لبعض." (يوحنا 12: 24-25). وهذه المحبة كما علم المسيح تتمثل في الغفران غير المحدود، حيث لا يستطيع أحد أن يغفر بلا حدود إن لم تكن محبته كاملة.
يذكر الإنجيل عن الغفران: "حينئذ تقدم إليه (إلي يسوع) بطرس وقال يا رب كم مرة يخطيء إلي أخي أخي وأنا أغفر له؟ هل إلى سبع مرات. قال يسوع لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات." (متى 18: 23-26) هذه هي بعض الصفات والمزايا التي يتسم بها المؤمنون المسيحيون الحقيقيون في معاملتهم بعضهم لبعض.
والآن ماذا عن معاملة المؤمنين المسيحيين للغير؟ لقد نهى المسيح نهيا تاما عن معاملة الآخرين بالعنف كما يتضح من القصة التالية التي وقعت أحداثها عندما جاء اليهود مع الجنود الرومان لالقاء القبض على المسيح. "وفيما هو يتكلم إذا يهوذا الأسخريوطي أحد الإثني عشر قد جاء ومعه جمع كثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب والذي أسلمه أعطاهم علامة قائلا الذي أقبله هو هو أمسكوه. فللوقت تقدم إلى يسوع وقال السلام يا سيد. وقبله. فقال له يسوع لماذا جئت. حينئذ تقدّموا وألقوا الأيادي على يسوع وأمسكوه. وإذا واحد من الذين مع يسوع مد يده واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه. فقال يسوع رد سيفك إلى مكانه لأن الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون" (متى 26: 47-52).
إن رسالة المسيح والإنجيل والمسيحية تخلو تماما من العنف. لقد علّم المسيح ليس بمحبة الأخوة فقط وإنما حتى بمحبة الأعداء. لقد علّم المسيح أتباعه بمحبة حتى أولئك الذين يعتدون عليهم ويوقعون بهم إذ قال: "سمعتم أنه قيل تحبّ قريبك وتبغض عدوّك وأما فأنا فأقول أحبّوا أعداءكم باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات. فإنه يُشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطرُ على الأبرار والظالمين. لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم. أليس العشارون (جامعو الضرائب) أيضا يفعلون ذلك. وإن سلمتم على إخوتكم فقط فأي فضل تصنعون. أليس العشارون أيضا يفعلو هكذا." (متى 5: 43-47).
أيها القارئ العزيز، بحق السماء، هل هناك ما يسمو على هذه الكلمات الرائعة التي نطق بها فم المسيح المبارك سواء كان ذلك في الإسلام أو في أي دين آخر؟ هل يستوي هذا مع ما أوحى به رب محمد في القرآن عندما قال: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم."، وأقوال أخرى كثيرة مثل: "وقاتلوهم، واضربوا منهم الأعناق والبنان" وغيرها؟
لقد رأينا فيما سبق بأن القرآن كان يُعلم مقابلة الإساءة بالمثل على مبدأ النفس بالنفس والعين بالعين…ألخ. أمّا ما علّم به المسيح فهو عكس ذلك تماما كما جاء في الإنجيل: "سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر بالشر. بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا. ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا. ومن سخرك ميلا فاذهب معه إثنين" (متى 5: 38-41).
وعلّم الإنجيل أيضا بعدم الانتقام: "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء بل أعطوا مكانا للغضب. لأنه مكتوب لي النقمة أنا أجازي يقول الرب. فإن جاع عدوك فاطعمه. وإن عطش فاسقه. لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه. لا يغلبنك الشر بل أغلب الشر بالخير" (رومية 12: 19-21). هل يجد القارئ مثل هذا التعليم في القرآن أو في حديث محمد؟ إذا كان هناك كلام يشرح الصدر فهذا ما يشرح صدر القارئ.
يُعتبر محمد في الإسلام المثال الأعلى للمسلمين في السلوك والمنهج. كذلك المسيح هو المثال الأعلى لكل من يؤمن به. فماذا فعل المسيح بالذين لم يؤمنوا به؟ وكيف تعامل معهم؟ هل أعلن عليهم الحرب والجهاد؟ حاشا وكلا. هل أرسل فرق اغتيال لقتل رجالهم ونسائهم بالغدر والحيلة؟ حاشا وكلا. هل قطع نخيلهم وأعنابهم وحرق البيوت على رؤوسهم؟ حاشا وكلا. هل قتل رجالهم واستولى على ديارهم وأموالهم وأسر الأطفال وهتك أعراض نسائهم؟ حاشا وكلا. إن المسيح لأنبل وأجل وأسمى وأرفع من كل ذلك. إنه لم يؤذي إنسانا قط. إنه لم يرفع سيفا ولا عصا على أحد. إنه لم يشتم أحدا ولا استعان بالشعراء لشتم أعدائه. إنه لم يدعو على أحد فيمتلئ رأسه قيحا ويموت. إنه لم يقد جيشا ولم يغزو ولم يسلب ولم يَسْبِ الأطفال وينتهك أعراض النساء. إنه حتى لم يركب فرسا ولا بعيرا. وبالكاد ركب حمارا. وعلى الرغم من ذلك فقد كان هو موضعا للإهانة والسخرية والاضطهاد والعذاب، وفي النهاية كان نصيبه الموت. ومع كل هذا سامح وغفر حتى للذين كانوا يعذبونه. نجد في نهاية الإنجيل وصفا حيا لما تعرض له المسيح ملخصا في ما يلي: "... فأخذعسكر يسوع إلى دار الولاية وجمعوا عليه كل الكتيبة فعروه وألبسوه رداء قرمزيا وضفروا إكليلا من شوك ووضعوه على رأسه وقصبة في يمينه. وكانوا يجثون قدامه ويستهزئون به قائلين السلام يا ملك اليهود. وبصقوا عليه وأخذوا القصبة وضربوه على رأسه. وبعدما استهزأوا به نزعوا عنه الرداء وألبسوه ثيابه ومضوا به للصلب" (متى 27: 27-31). ماذا كان رد فعل المسيح؟ لم تخرج من بين شفتيه الطاهرتين ولا كلمة شتيمة أو سباب واحد. لا بل نطق بتلك الكلمات الخالدة على مر الأجيال والعصور والتي لم ينطق بمثلها بشر غيره إلا الذين آمنوا به وعُذّبوا من أجله، وهذه الكلمات الرائعة في النبل والسمو هي: "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لوقا 23: 24). هل جاء وحي محمد بشيء من هذا؟
من الغريب والذي قد لا يعرفه الكثير من المسلمين وغيرهم أن محمدا ذكر لأصحابه ما حدث للمسيح، ولكن دون ذكر إسمه صراحة كما جاء في الحديث: "حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي، حدثنا الأعمش قال: حدثني شفيق قال عبد الله: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي أن نبيا من الأنبياء ضربوه قومه فأدموه وهو يمسح الدم على وجهه ويقول: "اللهم اغفر لقومي لأنهم لا يعرفون." (البخاري ج 507، رواه مسلم أيضا).
ألا ترى عزيزي القارئ أن هذا النبي الذي تحدث عنه محمدا لم يكن سوى المسيح نفسه، وان ما حصل له لم يكن إلا الصلب وأن ما قاله لم يُذكر إلا في الإنجيل؟ لماذا لم يذكر محمد أن هذا النبي هو المسيح؟ وإن لم يكن محمد يقصد المسيح، فمن هو هذا النبي؟ ولماذا لم يبُح محمد بإسمه إن كان يعرف من هو؟ وإن كان يعرف من هو فمن أين جاء بمعلوماته؟ أم هل يا ترى كان لمحمد بعض المعرفة بالإنجيل عن طريق ورقة وخديجة ومعارفه الآخرين من مسيحي الجزيرة العربية والشام، كما للكثيرين اليوم معرفة سطحية بالإنجيل دون أن يعرفوا أعماق الإنجيل؟
يُعرف أن الشريعة الإسلامية تبيح قتل المرتدين عن محمد والإسلام. فماذا كان موقف المسيح تجاه الذين ارتدوا عنه؟ هل أمر المسيح بقتلهم وإباحة دمائهم؟ مرة أخرى حاشا وكلا. لقد امتلأ قلب المسيح بالحزن على الذين ارتدوا عنه وتركوه ولكنه تركهم وشأنهم يذهبون حيث شاءوا. ولم يحاول إكراههم بأي وسيلة من الوسائل على الرجوع إليه وإيمانهم به وبرسالته. إن الإيمان بالمسيح وبرسالته هو إيمان طوعي محظ ليس فيه قسوة ولا إكراه. يوضح الإنجيل هذا المبدأ في التعليم المسيحي كالتالي: "بعد أن أطعم يسوع الجموع بمعجزة قال: "الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد إبن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم. ومن يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير". يواصل الإنجيل: "فقال كثيرون من تلاميذه إذ سمعوا أن هذا الكلام صعب. من يقدر أن يسمعه... من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه. فقال يسوع للإثني عشر ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا. فأجابه سمعان بطرس يا رب إلى من نذهب. كلام الحياة الأبدية عندك. ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح إبن الله الحي." (يوحنا 6: 53-69). إن جواب بطرس هو جواب كل مسيحي حقيقي آمن بالمسيح واختبره. وهو لا يمكن أن يتركه لأنه لم ولن يوجد أعظم وأسمى وأرفع وأجل منه بين كل من ولد من امرأة منذ آدم وحتى يوم الدينونة.
لم يحاول المسيح قط كسب الأتباع بالإغراء والعطايا الجزيلة. لم يُعرف عن المسيح أنه أعطى أحدا قطيعا من الغنم بين جبلين أو مائة من الإبل أو آلاف الدراهم. حتى لو أراد المسيح أن يفعل ذلك لما كان باستطاعته حيث لم يكن يملك من متاع الدنيا إلا القليل. المسيح لم يغزو ويكسب من الإستيلاء على أموال الناس وأملاكهم ونسائهم حتى يوزعها على أصحابه وأتباعه، والحادثة التاليه تُبين المراد: "وفيما هم سائرون في الطريق قال له واحد يا سيد أتبعك أينما تمضي. فقال له يسوع للثعالب أوجرة (جحور) ولطيور السماء أوكار (أعشاش) وأما إبن الإنسان فليس له أين يسند رأسه." (لوقا 9: 57-58).
إذا تتبعنا حياة المسيح في الإنجيل نجد أنه لم يكن له حتى بيت يقيم فيه. وأكثر من ذلك فإن المسيح لم يعد الذين تبعوه بالوعود البراقة في هذه الدنيا لا بل وعدهم بالألم والضيق والاضطهاد من أجل الإيمان به كما جاء في الإنجيل: "قد كلمتكم بهذا لكي لا تعثروا. سيخرجونكم من المجامع بل تأتي ساعة يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله. وسيفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا الآب ولا يعرفوني. لكني قد كلمتكم بهذا حتى إذا جاءت الساعة تذكرون أني أنا قلته لكم." (يوحنا 16: 1-4). مما سبق يتضح بأن المسيح قد أثبط عزيمة كل من افتكر أن يتبعه طمعا في أي مكسب مالي.
لقد اتبع أتباع المسيح خطى سيدهم كما تبع المسلمون خطى نبيهم وسيدهم محمد. لم يعتدِ أتباع المسيح على أحد. لم يسبوا أو يشتموا أحدا. لم يقتلوا أو يحرقوا أحدا. لم يُجندوا العساكر ويقودوا الجيوش. لم يغزوا البلدان والأمصار ولم يستولوا على أموال أو أملاك أحد. لم يسبوا الأطفال وينتهكوا أعراض النساء ويبيعوهم في سوق النخاسة ويشتروا بأثمانهم الخيل والسلاح. إن كل ما فعله المسيحيون هو أنهم جالوا في الفيافي والقفار يكرزون بإنجيل المسيح الذي وُلِد من عذراء ومات على الصليب كفارة عن خطايا البشر، وقُبِر وقام من الأموات في اليوم الثالث بشهود عيان. ولكن النتيجة كانت وبالا عليهم.
وعلى الرغم من وداعتهم ومُسالمتهم، ورغما من أنهم لم يسفكوا نقطة دم واحدة من دماء خلق الله، فإنهم قد تعرضوا لأشنع أنواع التعذيب والاضطهاد والموت حتى يومنا هذا.
على مدى القرون سالت دماء المسيحيين سيولا في كل بقاع الأرض وأضاءت أجسادهم المشتعلة ظلمات الليل وأشبعت جثثهم وحوش الفلا. ولكن في النهاية لم تستطع السيوف والأسود والحيوانات المفترسة والصُلبان والنيران أن توقف المدّ العارم لإيمان أتباع المسيح. المد الذي طغى على قوة واحدة لأعظم امبراطورية عرفها التاريخ البشري دون أن تُسفك قطرة دم واحدة.
لقد ربح تلاميذ المسيح العالم بإيمانهم ومحبتهم ودمائهم وليس بخيولهم وسيوفهم ورماحهم. والتاريخ هو الشاهد الحق على ذلك. ومن الغريب مرة أخرى أن محمدا نفسه يشهد لما أصاب المسيحيين دون أن يذكرهم صراحة كما شهد للمسيح من قبل. يقول الراوي: "حدثنا محمد بن المُثنى، حدثني يحيى بن إسماعيل، حدثنا قيس عن خباب بن الأرث قال: شَكَونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بُردة له في ظل الكعبة. قلنا لا ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فقال: "كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء (يحضر) بالميشار (المنشار) فيوضع على رأسه فيُشق بإثنين وما يصده ذلك عن دينه. والله ليتمنّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون." (البخاري ج 4 ص 542، رواه مسلم أيضا).
مما سبق نرى الفرق الشاسع في المعاملة بين محمد والإسلام من جهة والمسيح والمسيحية من جهة أخرى. فأي المعاملتين أسمى وأرفع وأجل وأعلى؟
- عدد الزيارات: 25160