Skip to main content

ترتيب السور في المصحف العثماني - شهادة التاريخ والواقع القرآني

الصفحة 2 من 3: شهادة التاريخ والواقع القرآني

ثانيا : شهادة التاريخ والواقع القرآني

وهكذا فاعتبار تنسيق القرآن الحالي ، حيث ترتيب التلاوة على غير ترتيب النزول ، توقيفا على النبي وبأمره ، ينقضه التاريخ والواقع القرآني .

فالتاريخ يشهد بأن القرآن لم يكن مجموعا ولا مكتوبا كله على عهد النبي ، كما في حديث زيد : "قُبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جُمع في شئ" . ولو جرت محاولة من النبي في آخر أمره ، كما يشهد زيد أيضا ، على شرط الشيخين : "كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع" . فلو كان مجموعا ، لما احتاجوا الى جمع من بعده ؛ ولا تفرّق الى سبعة أحرف ؛ ولا اختلفت مصاحف الصحابة في ترتيبه ؛ ولا قال زيد قوله المشهور : "فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان عليّ أثقل ممّا أمراني به من جمع القرآن" .

والسبب الذي يعطيه الخطابي مذهل : "إنما لم يجمع صلى الله عليه وسلم القرآن في المصحف ، لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته . فلما انقضى نزوله بوفاته ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك".(1) فلم يدوّن القرآن على حياة النبي لأنه كان يترقب رفع تلاوة بعضه ، ونسخ أحكام بعضه .

والواقع القرآني يشهد بأن أكثر سوره جمع متفرّقات موضوعا وزمنا . فالسور المتبعّضة ، التي بعضها مكي وبعضها مدني ، لا يعقل أن يكون جمعها على هذه الحال بتوقيف عن النبي . وسور العهد المكي الثالث ، التي يختلف العلماء على ترتيبها بحسب النزول في العهد المكي الأول أم العهد المكي الثالث ، إنما هي تجمع قسمين من العهدين ، يدل عليهما اختلاف الاسلوب ما بين العهد الأول والعهد الثالث ، وأحيانا اختلاف الموضوع . والسور التي يختلفون فيها ، أهي مكية أم مدنية (الاتقان 12:1 – 14) شاهد آخر على أن جمع السور في القرآن كان باجتهاد الصحابة . والسور المكية التي فيها آيات مدنية (الاتقان 15:1 – 17) شاهد خاص على أن جمع الآيات في السور ، وجمع السور في القرآن كانا كلاهما بتوفيق الصحابة .

النتائج الحاسمة لهذا الواقع القرآني في المصحف العثماني
الصفحة
  • عدد الزيارات: 9662