Skip to main content

أحاديث أُمّية محمد - أدلة المتخالفين

الصفحة 2 من 4: أدلة المتخالفين

أدلة المتخالفين:

لم يعترف كثير من المفكرين بأُمية محمد، وقرروا أنه كان يكتب ويقرأ، واستندوا في رأيهم هذا على عدة أمور نذكر منها:

1 - صلح الحديبية: روى الشيخان (البخاري ومسلم) عن البَرَاء، قال: لما اعتمر النبي في ذي القعدة، أبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام. فلما كتبوا الكتاب، كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله قالوا لا نُقرُّ لك بهذا. لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئاً، ولكن أنت محمد بن عبد الله. فقال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله. ثم قال لعليّ: امحُ رسول الله. قال علي: لا والله لا أمحوك أبداً. فأخذ رسول الله الكتاب وليس يُحسن يكتب، فكتب هذا ما قضى محمد بن عبد الله

هذا هو الحديث الذي يحتج به من يقول بعدم أُمية محمد، وقد أورد الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم آراء المحتجّين والمخالفين لأُمية محمد، ونورد هنا نصَّها لشمولها على الرأيين:

قال القاضي عياض: احتج بهذا الحديث بعض الناس على أن النبي (ص) كتب بيده على ظاهر اللفظ وذكر البخاري نحوه (وهو الحديث الذي أوردنا لفظه). وقال أصحاب هذا المذهب إن الله أجرى ذلك على يده، إما بأن كتب ذلك والقلم بيده وهو غير عالم بما يكتب، أو أن الله علَّمه ذلك حين كتب، وجعل هذا زيادةً في معجزاته. فإن كان أُمياً فكما علّمه ما لم يعلم من العلم، وجعله يقرأ ما لم يقرأ، ويتلو ما لم يكن يتلوه، كذلك علَّمه أن يكتب ما لم يكن يكتب، وخطّ ما لم يكن يخط بعد النبوة، أو أجرى ذلك على يده. قالوا: وهذا لا يقدح في وصفه بالأُمية. واحتجوا بآثارٍ جاءت في هذا عن الشعبي وبعض السلف أن النبي لم يمت حتى كتب. قال القاضي: ذهب أبو الوليد الباجي، وحكاه عن السمعاني وأبي ذر وغيره، وذهب الأكثرون إلى منع هذا كله، قالوا: وهذا الذي زعمه الذاهبون إلى القول الأول يبطله وصف الله تعالى إياه بالنبي الأُمي، وقوله: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ (سورة العنكبوت 29: 48) وقول النبي: إنّا أمة أُمّية لا نكتب ولا نحسب. قالوا: وقوله في هذا الحديث معناه أمر بالكتابة، كما يقال رجم ماعز، وقطع السارق، وحد الشارب، أي أمر بذلك. واحتجوا بالرواية الأخرى: (فقال لعليّ: أُكتب محمد بن عبد الله). قال القاضي: وأجاب الأوّلون عن قوله تعالى إنه لم يتْلُ ولم يخط، أي من قبل تعليمه، كما قال (من قبله) فكما جاز أن يتلو جاز أن يكتب، ولا يقدح هذا في كونه أُمياً إذ ليست المعجزة مجرد كونه أُمياً، فإن المعجزة حاصلة بكونه كان أولاً كذلك، ثم جاء بالقرآن، وبعلوم لا يعلمها الأُميون. قال القاضي: وهذا الذي قالوه ظاهر. قال: وقوله في الرواية التي ذكرناها (ولا يُحسن أن يكتب) فكتب كالنص أنه كتب بنفسه، قال: والعدول إلى غيره مجاز، ولا ضرورة إليه. قال: وقد طال كلام كل فرقة في هذه المسألة، وشنَّعت كل فرقة على الأخرى في هذا. والله أعلم,

وهكذا انتهوا إلى: الله أعلم ! ولكن هناك رأياً آخر في الموضوع، وهو رأي القرآن. فالقرآن لم يُسَمِّ محمداً النبي الأُمي (سورة الأعراف 7: 156) إلا اصطلاحاً لا لغةً، فقد كان المصطلح الشائع لهذه الكلمة هو ما أشاعه اليهود في مهاجرهم والحجاز: فكل ماعداهم من الناس أُميون أي من الأمم الذين لا كتاب مُنزَل لهم. فالعرب كتابيون وأُميون وقل للذين أوتوا الكتاب والأُميين: أأسلمتم (سورة آل عمران 3: 2 ). لذا فمحمد نبي أُمي أي من الأُميين العرب. فالقرآن لا يقول إن محمداً كان أُمياً لا يقرأ ولا يكتب، بل إنه النبي الأُمي أي العربي الذي ليس له كتاب من قبل. والمنطق السليم يفترض أن محمداً قد تثقَّف بكل ثقافة الأرستقراطية القُرَشية، مثل ابن عمه وربيبه، علي بن أبي طالب. وتشهد سيرة محمد أنه كان تاجراً ناجحاً، مما حمل خديجة بنت خويلد أن تدفع له تجارتها، ثم تتزوجه. فهل يُعقل أن تدفع خديجة كل أموالها وبعد ذلك نفسها إلى راعي غنم، وهي سيدة أرستقراطية لها مكانتها في قريش!

وهناك رواية أخرى وردت في الجامع في علوم القرآن الذي صدر محققاً للمرة الأولى عام 1992 بعناية المستشرق الألماني ? Miklos Muranyi تدعم رأينا أن أمية محمد لم يكن المقصود منها عدم معرفته بالكتابة والقراءة,

قال أبو الأسود، وقال عروة بن الزبير: إن الناس اختلفوا في قراءة لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب, فدخل عمر بن الخطاب على حفصة بأديم، فقال إذا دخل عليك رسول الله فاسأليه يعلمك: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب، قولي له يكتب لك في هذا الأديم, ففعلت فكتب لها,

ثقافة محمد
الصفحة
  • عدد الزيارات: 10547