Skip to main content

اختلاف المسلمين في قراءة القران

نص واحد بمائة  قراءة 

تكاثرت الأخبار الصحيحة، على اختلاف الصحابة في زمن النبي وبحضرته على قراءة القران بنصوص مختلفة. 

نقل الطبري عن زيد بن ارقم : ( جاء رجل إلى رسول الله فقال: أقر 

أني عبد الله بن مسعود ، أقرأنيها زيد وأقرأنيها ابي بن كعب  فاختلف قراءتهم : فبقراءة آيهم آخذ؟ قال، فسكت رسول،  الله وعلي إلى جانبه،فقال علي: ليقرأ كل إنسان كما علم ، كل حسن جميل. الطبري 1/24. 

في حديث أخرجه الستة عن الزهري وغيره (انهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله  فاستمعت لقراءته  فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يقرئنها رسول الله . فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم  فلما سلم لببته  بردائه فقلت:  من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرؤها ؟ قال أقرأنيها رسول الله . فقلت : كذبت ! فوالله ان رسول الله . لهو أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرؤها . فانطلقت به اقوده إلى رسول الله فقلت : يا رسول الله سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حرف لم تقرئنيها ، وأنت أقرأتني سورة الفرقان . فقال رسول الله أرسله يا عمر فقال: أقرأ يا هشام. فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرؤها فقال رسول الله هكذا أنزلت  ! ثم قال رسول الله أقرأ يا عمر   فقرأت القراءة التي أقرأني رسول الله. فقال رسول الله هكذا أنزلت. ثم قال رسول الله : (ان هذا القران انزل على سبعة أتحرف  فاقرأوا ما تيسر منه) . راجع الطبري 1/24 وابن حجر في الفتح 12/248 والبخاري 8/215 و3/226 والخصومات 2/61 واستتابة المرتدين 

4/198 وجامع الترمذي 11/60 وسنن النسائي 1/149  شرح صحيح مسلم للنووي 6/99. 

سؤال: لو ان الاختلاف الواقع في القران هو اختلاف فقط في الألفاظ دون المعاني ، فلماذا فكر ابن الخطاب ان يساور ابن حكيم أثناء صلاتها سمعه يقرأ القران على أحرف كثيرة؟. 

ان عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كلاهما قرشي من قبيلة واحدة ذو لهجة واحدة مع هذا اختلفت قرأتهما للقران ،فهل يعقل بان يكون هذا الاختلاف هو اختلاف في الألفاظ دون المعاني؟؟. 

هذا الحديث يبين ان الاختلاف في النص القرآني بلغ مبلغاً كبيراً كاد منه عمر ان يقتل صاحبه؛ ويشهد ان الاختلاف في القراءة ، ليس فقط من القراء ، بل هو أيضا من النبي نفسه الذي ثبت قراءتين بأحرف متعددة لنص واحد!. 

لقد أدخلت هذه التوسعة النبوية في القراءات والأحرف المتعددة والمختلفة  الشك إلى نفس عمر بن الخطاب ( قرأ رجل عند عمربن الخطاب فغير عليه. فقال: لقد قرأت على رسول الله فلم يغير علي. قال: فاختصما عند النبي . فقال : يا رسول الله ،آلم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: بلى قال: فوقع في صدر عمر شئ . (الشك) فعرف رسول الله ذلك في وجهه ، فضرب صدره وقال : ابعد شيطاناً - قالها ثلاثة مرات- ثم قال : يا عمر ، ان القران كله صواب ما لم تجعل رحمة عذاباً آو عذاباً رحمة . راجع الطبري 1/25. 

هنا يذهب النبي في التوسعة في قراءة القران إلى أقصى مداها  يوسع ما وسعه في اختلاف الألفاظ والنصوص، ما لم تؤدي إلى تناقض في المعاني . وهذه التوسعة توقع عمر في شك منها، يكون معه بحاجة إلى طرد الشيطان من صدره ثلاثاً. 

وقد ساور الشك والارتياب من هذه التوسعة في القراءة بأحرف مختلفة الصحابي ابي بن كعب اكثر من مرة . 

وقد روى عنه قال: روى مسلم بمسنده عن ابي بن كعب قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعاً على رسول الله فقلت: ان هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل الآخر وقرأ سوى قراءة صاحبه فأمرهما رسول الله فقرآ، فحسن النبي شانهما ، فاسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية فلما رأى رسول الله ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقاً ، كأنما انظر إلى الله فقال لي: يا ابي، أرسل آلي ان اقرأ القران على حرف فرددت إليه، ان هون على أمتي، فرد آلي الثانية: اقرأه على حرفين، فرددت إليه ان هون على أمتي، فردآلي الثالثة: اقرأه على سبعة أتحرف. راجع صحيح مسلم 2/561-562 وصحيح مسلم بشرح النووي 6/102-103 مسند احمد 5/127 و148 وتفسير الطبري 1/46-38 . 

عن آبى بن كعب قال: دخلت المسجد فصليت فقرأت النحل. ثم جاء رجل فقرأها خلاف قراءتنا  ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه  فدخل نفسي من الشك والتكذيب اشد ما كنت في الجاهلية . فأخذت بأيدهما  فأتيت بهما النبي . فقلت: يا رسول الله استقرئ هذين . فقرأ  أحدهما ، فقال: أصبت . ثم استقرئ الأخر فقال :أصبت ‍ فدخل قلبي اشد مما كان في الجاهلية من الشك والتكذيب . فضرب رسول الله صدري وقال: أعاذك الله  من الشك واخسأ عنك الشيطان. راجع الطبري 1/ 38. 

ووصل الشك في  تلك التوسعة النبوية إلى كُتاب الوحي أنفسهم،فقد اخبر سعيد بن المسيب : ان الذي  ذكر الله (إنما يعلمه بشر) النحل  103 انما افتتن انه كان يكتب الوحي ، فكان يملي عليه رسول الله ( سميع عليم آو عزيز حكيم ) آو غير ذلك من خواتم الآية . ثم يشتغل عنه رسول الله وهو على الوحي ، فيستفهم رسول الله (اعزيز حكيم آو سميع عليم)؟ فيقول له رسول الله : آي ذلك كتبت  فهو كذلك. راجع الطبري 1/54. 

قال ابن سيد الناس عن علي، قال: كان ابن خطل يكتب للنبي ، فكان إذا نزله {غفوراً رحيماً} كتب {رحيماً غفوراً} وإذا نزل { سميع عليم} كتب {عليم سميع} فقال ابن خطل: ما كنت اكتب آلا ما أريد، ثم كفر.راجع عيون الآثار 2/316 المصباح المضيء 37. 

عن الواقدي : كان عبد الله بن آبى سرح يكتب لرسول الله الوحي،فربما املى عليه رسول الله {سميع عليم} فيكتب {عليم سميع} فيقرأ رسول الله فيقول: كذلك الله ، ويقره ، وافتتن ، فقال: ما يدري محمد ما يقول: آني لاكتب له ما شئت  هذا الذي كتبت يوحي آلي كما يوحي إلى محمد  وخرج هاربا من المدينة إلى مكة مرتداً فاهدر رسول. الله دمه - كما أهدر الخميني دم سلمان رشدي- راجع: المغازي  للواقدي ص 855. 

عن عبد الله قال: أقرأني رسول الله سورة حم . ورحت إلى المسجد عشية فجلس آلي رهط. فقلت لرجل من الرهط اقرأ علي، فإذا هو يقرأ حروفاً لا أقرؤها . فقلت له: من اقرأكها؟  قال أقرأني رسول الله فانطلقنا إلى رسول الله وإذا عنده رجل، فقلت له: اختلفنا في قراءتنا  فإذا وجه رسول الله قد تغير ، ووجد في نفسه حين ذكرت له الاختلاف ، فقال:إنما هلك من قبلكم  الاختلاف. ثم اسر إلىعلي فقال علي: ان رسول الله يأمركم ان يقرأ كل رجل منكم كما علم.فانطلقنا وكل رجل منا يقرأ حروفاً لا يقرؤها صاحبه. راجع المستدرك 223- 224 . راجع أيضا صحيح البخاري بحاشية السندي باب فضائل القران 3/237 وفتح الباري 9/80-81. 

عن عبد الله بن مسعود: تمارينا في سورة من القران فقلنا خمس وثلاثون آية ست وثلاثون آية  قال: فانطلقنا إلى رسول الله  فوجدنا علياً ، يناجيه  فقلنا: انا اختلافنا في القراءة ، فاحمر وجه رسول الله فقال علي : ان رسول الله يأمركم ان تقرأوا  كما علمتم. راجع:  فتح الباري 9/23 تفسير الطبري 1/13 ومسند احمد 1/150 مجمع الزوائد 7/153-154 . 

مر عمر بن الخطاب برجل وهو يقول:{ السابقون الأولون من المهاجرون والأنصار الذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه} إلى آخر الآية- توبة 101 

فوقف عليه عمر فقال: انصرف  فلما انصرف قال له عمر: من اقرأك هذه الآية  قال: اقرأنيها ابي بن كعب فقال: انطلقوا بنا إليه فانطلقوا إليه، فإذا هو متكئ على وسادة يرجل رأسه ، فسلم عليه فرد السلام، فقال: يا آبا المنذر  قال: لبيك ، قال: اخبرني هذا انك أقرأته هذه الآية  قال: صدق. تلقيتها من رسول الله قال عمر آنت تلقيتها من رسول الله ؟ قال: نعم انا تلقيتها من رسول الله ؛ ثلاث مرات؛ كل ذلك يقوله، وفي الثالثة وهو غضبان : نعم والله لقد أنزلها الله على جبريل وانزلها جبريل على محمد فلم يستأمر فيها الخطاب  ولا ابنه. فخرج عمر وهو رافع يديه وهو يقول: الله اكبر ، الله اكبر.راجع المستدرك كتاب معرفة الصحابة 3/305. 

لم يقف هذا الاختلاف في القراءات ما بين المصحف العثماني وبين مصاحف امهات المؤمنين وكبار الصحابة والتابعين عند هذا الحد فمن البديهي ان هذا الخلاف في القراءات قد وصل لمخالفة قراءة النبي . 

جاء في سورة المائدة آية 105{يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم }. 

كان محمد يقرأها :{يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم}. 

وجاء في سورة التوبة آية 100{والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم }. 

كان محمد يقرأها :{والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم }. 

وجاء في سورة الذاريات (آية 58) {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}كان محمد يقرأها : {إني أنا الرزاق ذو القوة المتين .  راجع:  كتاب قراءات النبي من صفحة 51 - 18. 

يقول عميد الأدب العربي طه حسين في كتاب (الفتنة الكبرى - عثمان - الطبعة السابعة - دار المعارف بمصر) صفحة 182 : 

"وقد تظاهرت الروايات أيضا بأن المسلمين اختلفوا في قراءة القرآن أيام النبي نفسه ولم يكن اختلافهم في اللهجات وإنما كان اختلافهم في الألفاظ دون أن تختلف معاني هذه الألفاظ . وقد اختصم المختلفون الى النبي نفسه فأجاز قراءتهم جميعا لأنها لم تختلف في معناها وإنما كانت تختلف في ألفاظها . وقد جمع القرآن أيام أبي بكر وعمر وجاءت الشكوى إلى عثمان بأن المسلمين في الأمصار والثغور يختلفون في قراءة  القرآن ثم يختصمون حول هذا الإختلاف فيفضل بعضهم قرآنه على قرآن غيره حتى أوشكوا أن يفترقوا وحتى قال حذيفة بن اليمان لعثمان أدرك أمة محمد قبل أن تتفرق حول القرآن" . 

وجاء في صفحة 183 : 

"وقد يمكن أن يعترض عليه في أنه كلف كتابة المصحف نفرا قليلا من أصحاب النبي وترك جماعة من القراء الذين سمعوا من النبي وحفظوا عنه وعلموا الناس في الأمصار وكان خليقا أن يجمع هؤلاء القراء جميعا ويجعل إليهم كتابة المصحف . ومن هنا نفهم غضب ابن مسعود . فقد كان ابن مسعود من أحفظ الناس للقرآن وهو فيما كان يقول قد أخذ من فم النبي نفسه سبعين سورة من القرآن ولم يكن زيد بن ثابت قد بلغ الحلم بعد .  فإيثار عثمان لزيد بن ثابت وأصحابه وتركه لإبن مسعود وغيره الذين سبقوا إلى استماع القرآن من النبي وحفظه عنه قد أثار عليه بعض الاعتراض .  وهذا يفهم من غير مشقة ولا عسر" . 

جاء في كتاب قراءات النبي ) تحقيق ودراسة حكمت بشير ياسين . مكتبة الدار - المدينة المنورة  صفحة 51 إلى صفحة 180 (مائة وثلاثين صفحة) تتناول قراءات النبي المخالفة للقرآن العثماني : 

1) سورة المائدة (آية 105) : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم .... 

كان محمد يقرأها : 

يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم.... 

2)  سورة التوبة (آية 100) والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم.. 

كان محمد يقرأها : والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم.. 

3)  سورة الذاريات (آية 58) إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين 

كان محمد يقرأها : إني أنا الرزاق ذو القوة المتين 

وقد جازوا قراءة القران بالمعنى . 

قال الراغب الاصفهاني: وذكره بعض العلماء: ان ابن عباس كان يجوز ان يقرأ القران بمعناه ، واستدل  بما روى عنه أنه كان يعلم رجلاً : طعام الأثيم، فلم يكن يحسن الاثيم. فقال له: الفاجر بدل الاثيم. 

اخرج ابن عبد البر والباقلاني وآخرون . ان ابن مسعود أقرأ رجلاً - ان شجرة الزقوم طعام الاثيم - فقال الرجل: طعام اليتيم، فردها عليه فلم يستقم بها لسانه، فقال: أتستطيع ان تقول طعام الفاجر ؟قال نعم، قال فافعل. راجع الإتقان 2/63. 

لم تقف  الاختلافات في القران عند حد قراءة القران بالمعنى كما بينا . ولا عند حد قراءة القران بأحرف مخالفة لقراءة النبي (أي كما انزل عليه صلعم) . ولا عند حد ضرب النبي لصدور الصحابة عند تشككهم في أحرف القران المختلفة .

  • عدد الزيارات: 237