هل يمكن تطبيق الشريعة اليوم؟ - تغيير الألفاظ ليس سهلاً في المعتقد الإسلامي
إذاً فتغيير الألفاظ ليس سهلاً في المعتقد الإسلامي. وهذا بلا شك مشكل خطير يُظهره ما رُوي عن محمد: لا قود إلا بالسيف أي: لا يجب قصاص القتل، إلا إذا كانت جريمة القتل تمَّت بالسيف . وهنا وضع محمدٌ قاعدةً شرعية هي أن القتل بالسيف وحده هو الذي فيه القود (أي القصاص). أما وسائل القتل الأخرى فلا قصاص فيها!
ومعلوم أنه في عصرنا الحديث استُحدثت عشرات الوسائل للقتل. فإذا طبقنا فيهاحديث لا قود كان ذلك خروجاً على الحديث. وإذا قلنا بغير القود، كان ذلك في غاية الغرابة، لأن من بين تلك الوسائل ما هو أقسى وأشد إجراماًمن السيف. فكيف لا يُعاقب مرتكبها بالقود أي القصاص ؟! هذا فضلاً على أنه أصبح القتل بالسيف الآن يكاد يكون في حكم النادر، وبذلك نضع في قانون العقوبات نصاً لا يُطبَّق في واقع الحياة!
جاء في مُسند الإمام أحمد أن الصحابي سعد بن عبادة قال: يا رسول الله، إنْ وجدتُ مع امرأتي رجلاً، هل أنتظر حتى آتي بأربعة شهود؟ قال: نعم . وفي هذا الحديث أثار الصحابي صعوبة إثبات جريمة الزنا بإحضار أربعة شهود يرون المرود يدخل في المكحلة . وهي صعوبة ما زالت قائمة حتى اليوم، بل ازدادت وتحّولت إلى استحالة. فإذا استطاع من يهمُّه الأمر أن يثبت حدوث تلك الجريمة بطرق الإثبات الحديثة، مثل التصوير الفوتوغرافي أو التسجيل بالفيديو التي تؤكد لمن يراه أن الزنا تم، فهل يُقبل منه هذا الدليل؟
إذا أجزنا ذلك، خالفنا السنّة الصحيحة، وأفلت الزانيان رغم قوة الدليل. أم لا بد من الدليل الشرعي: أربعة شهود؟ وهذا إن لم يكن مستحيلاً فهو شبه مستحيل في أيامنا، إذ أن جريمة الزنا تتم في غُرف مُحكمة الغلق؟!
هذا قليل من المشكلات التي تواجه المطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة الحدود في القرن العشرين!
إن علامات الاستفهام التي أطرحها هنا قائمة منذ عشرات السنين، ولم يتصدَّ لها فقيهٌ واحد. ولم نقرأ لواحدٍ من الدُّعاة تصوُّره لشريعة الإسلام بثوبٍ جديد يليق بمعطيات العقل البشري في القرن العشرين. بل كل ما قدمه علماء الأزهر في باب الفقه ما جسَّده مفتي مصر عندما قدم فتواه بمفطرات رمضان، من مثل الطين الأرمني وبزاق الصديق الخ!! ولم يعلم أن هناك أشياء أخرى أصبحت مستخدمة غير الطين الأرمني في المأكل والمشرب!!
لقد أطلق الإمام الإيراني الخميني على علماء الأزهر بمصر أنهم علماء الحَيْض والنّفاث . وقال عنهم: إنهم فقهاء المراحيض. وهو مُحقّ إلى حد بعيد فيما ذهب إليه، لأن الدعاة المنتشرين في بقاع الأرض، والذين ينادون بتطبيق الشريعة، لديهم تضخّمٌ في فقه دورات المياه، وجفافٌ في معطيات العلم بما قدمته الشريعة. وأعتقد أن مقابلة هذا بذاك ضرورة عقلية لا مناص منها قبل أن يطلقوا شعاراتهم المستهلكة!!
- أنشأ بتاريخ .
- عدد الزيارات: 7607