Skip to main content

هل يمكن تطبيق الشريعة اليوم؟ - إشكالات عديدة بحاجة إلى بحوث ودراسات

الصفحة 2 من 3: إشكالات عديدة بحاجة إلى بحوث ودراسات

وهذه الأحاديث المحمدية في النظام الاقتصادي والاجتماعي للدولة المنشودة يضع أمام الإسلاميين إشكالات عديدة بحاجة إلى بحوث ودراسات قبل أن تنطلق الأبواق قائلة: "الإسلام هو الحل، شرع الله عز وجل" . "الإسلام عقيدة وشريعة" . "مصحف وسيف" . "دين ودولة" وغير ذلك من الشعارات المستهلكة.

لقد كانت التجارة في عهد محمد عصب الحياة الاقتصادية، فكانت جريمة السرقة هي السائدة، فنزل بشأنها هذا العقاب الصارم المؤيِّد لما كانت عليه الحال قبل محمد. وأوردت كتب السيرة المعتمدة أن سارق كنز الكعبة المشرَّفة قطعت قريش يده . لكن الحال الآن تغيّر، واختلفت أوجه المعاملات المالية، واستجدَّت جرائم جديدة لم تكن معروفة في عهد محمد، مثل اختلاس الأموال العامة والنصب وإصدار شيكات بدون رصيد بمئات الألوف من الجنيهات. فإذا طبّقنا على مُرتكبيها حدّ قطع اليد خالفنا الأحاديث الصحيحة التي منعت القطع فيها. وإذا لم نفعل، كان مختلس مئات الألوف أسعد حالاً من سارق الجنيهات القليلة!

عن عبد الرحمن بن عوف قال، قال محمد: "لا يُغرَّم السارق إذا أقيم عليه الحدّ" (رواه الدارقطني في سُننه). فكيف الحال إذا سرق رجلٌ مئات الألوف من الجنيهات وقُطعت يده ورُكِّبت له يد صناعية وعاش مستمتعاً بما سرق طيلة حياته؟ بل إن تقدُّم الطب جعل من الميسور تركيب اليد المقطوعة بعد قطعها!

عن ابن مسعود قال: "دية الخطأ أخماساً! عشرون جذعة، وعشرون حقة، وعشرون بنات لبون، وعشرون بنو لبون ذكور، وعشرون بنات مخاض" (رواه الدارقطني في سننه). ونحن نسأل: هل سوف يُنصّ في القانون الجنائي الإسلامي على هذا بلفظه؟ وكم من القضاة الذين سيطبّقونه والمحامين الذين يترافعون فيه، يعرفون الفرق بين "الحقة" و"بنت المخاض" ؟ لقد كتب شيخ الإسلام الإمام الدارقطني أكثر من ثلاث صفحات ليحقق كلمتي "الحقاق" و"بني لبون" الواردة في العبارة السابقة، شعوراً منه بمسئولية من يغيّر في ألفاظ أحاديث الرسول!

فإذا ردّ إخواننا المسلمون بأنه لا بأس من استبدال هذه الألفاظ بمصطلحات مُتعارف عليها. قلنا: إن من المعلوم أن أحاديث الرسول (حسب ما يعتقد المسلمون) تُطبَّق تطبيقاً دقيقاً يلتزم اللفظ ولا يخرج عنه. ونحن نذكر في هذا المقام أن محمداً كان يعلّم أحد صحابته دعاءً يقوله قبل النوم هذا نصه:

"اللهمّ إني أسلمْتُ نفسي إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبةً إليك، لا ملجأ ولا منجَى منك إلا إليك. آمنتُ بكتابك الذي أنزلت، ونبيّك الذي أرسلت".

ثم طلب محمد من صاحبه أن يعيد عليه القول فأسمعه إياه ولكن قال: "وبرسولك الذي أرسلت" بدلاً من نبيّك الذي أرسلت . فصحّحه له محمد بقوله ونبيّك الذي أرسلت .

تغيير الألفاظ ليس سهلاً في المعتقد الإسلامي
الصفحة
  • أنشأ بتاريخ .
  • عدد الزيارات: 7414