Skip to main content

اشتراك الحاج البَصْري - ما معنى صلاة المسيح، أليست علامة عبودية؟

الصفحة 3 من 5: ما معنى صلاة المسيح، أليست علامة عبودية؟

3) ما معنى صلاة المسيح، أليست علامة عبودية؟

أ - شهادة الإنجيل بصلاة المسيح

قال البَصْري: أخبرني يا راهب، هل صلى المسيح؟ فإن الإنجيل يشهد أنه صلى وطلب إلى الله، والإله لا يصلي.

قال الراهب: حقاً إن إلإله لا يُصلي، وإنما الصلاة لله واجبة على العبد المخلوق.

قال له البَصْري: فأنت الآن قد كذَّبت نفسك والإنجيل.

قال الراهب: تسألني عن أشياء تقيم نفسك فيها مقام المدّعي والقاضي. معاذ الله أن أكذّب الإنجيل! لأن الإنجيل لا يُكذبه أحد، إلا اليهود وأهل اللعنة والنفاق ومن لا يؤمن بالله. بل، أيها المسلم، قد صلى المسيح (له المجد!)، بجوهر ناسوته لله أبيه.

ب - معنى صلاة المسيح

قال البصري: فلماذا تُبرئه من العبودية وتجعله إلهاً يُعبد؟ وإذا قيل لكم إنكم مشركون نفرتم. وإشراككم ظاهر لأنه لا يعبده إلا المشركون.

1) لا إشراك: النصارى غير مشركين وإنما مشتركون في المسيح

قال الراهب: ما نحن مشركون ولكنا مشتركون بنعمة الله، بهذا البشري المصطفى من جوهرنا، الذي به عرفنا الله ثلاثة أقانيم، والخير والشر، والقيامة والبعث.

لأن النصارى لم يبتدعوا أن يقولوا إن المسيح ابن الله الحي. لكن الله هو الذي قال: هذا ابني الحبيب الذي به سُررت، له اسمعوا. فقلنا: يا ابن الله، سمعنا وأجبنا. فقال لنا: أنا والآب واحد. بشر بهذا الملائكة المقربون، وتنبأ به الأنبياء المرسَلون، وأخبر به الحواريون المنذرون، واجمع عليه الآباء المكرمون. ونحن لسنا مشركين ولكنا مشتركون بنعمة الله.

وأما قولك إذ قلت إن الله لم يُصلِّ ولا يُصلي، فأنت الصادق.

قال البَصْري: كذبت، ما أشرَك اللهُ معه أحداً، ولا يرضى عمَّن أشرك به. ولقد قلت الحق: إن الله لم يُصل ولا يصلي.

2) لا عبودية بل رحمة ومغفرة

قال الراهب: ما أوضح الحق وأقوى الحجة في أمر المسيح، لمن صان نفسه عن المعصية والاستكبار! فأخبِرْني لمن يصلي العبادُ المؤمنون؟.

قال له البَصْري: لله الواحد رب العالمين.

قال الراهب: ولمن يصلي الملائكة المقرَّبون؟.

قال البَصْري: لله الواحد رب العالمين.

قال الراهب: ولمن يصلي اللهُ الواحدُ ربُّ العالمين؟.

قال البصري: سبحان الله وتعالى عما تشركون! ما صلى الله ولا يصلي أبداً. بل له الصلوات من الملائكة والناس.

قال الراهب: إذن، قد أقررت أن الله لم يُصلِّ ولا يصلي أبداً، وأنت وكتابك تشهدان عليه أنه قد صلى، بقولك: إن الله وملائكته يصلون على النبي. يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلِّموا تسليماً. فأنت تقول إن الله وملائكته وعباده يصلون على محمد صلاة واحدة. فإن كان الأمر حقاً، فلا بد من أن يكون إلهٌ آخر، يصلي الله وملائكته وعباده له، ويطلبون إليه في أمر محمد. فمن أقرَّ بهذا فقد شقي في الدارين. وإن قلت خلاف هذا فقد كذَّبت نفسك وقرآنك.

قال البَصْري: إن صلوات الله ليست كصلوات الملائكة والعباد. وإنما صلاة الله رحمة ومغفرة منه على الأنبياء والمرسلين.

قال الراهب: ما فضلت الله ولا شرفته في القول: على الملائكة والأنبياء. بل أجريت الثلاثة في القول مجرى واحداً بقولك إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلِّموا تسليماً. فهذا مجرى واحد. لكني سأرجع معك إلى قولك أن تكون صلوات الله رحمة ومغفرة، كذلك هي صلوات المسيح. إنما هي رحمة على من آمن به واتّبعه. وكما صلى الله ورحم الأنبياء المرسَلين، كذلك صلى المسيح ورحم الحواريين والمتعَبين.

المسيح مخلوق أم غير مخلوق؟
الصفحة
  • عدد الزيارات: 10505