هذا الكتاب - الدعوة إلى الإسلام
فأنا الآن أدعوك بهذه المعرفة كلها مِنّي بدينك الذي أنت عليه إلى هذا الدين الذي ارتضاه الله لي وارتضيته لنفسي، ضامناً لك به الجنة ضماناً صحيحاً والأمن من النار. وهو أن تعبد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يتخذ صاحبة ولا ولداً ولم يكن له كفؤاً أحد، وهي الصفة التي وصف نفسه جل وعز بها، إذ ليس أحدٌ من خَلْقه أعلم به من نفسه. فدعوتك إلى عبادة هذا الإله الواحد الذي هذه صفته، ولم أزد في كتابي هذا على ما وصف به نفسه. فهذه ملّة أبيك وأبينا إبراهيم فإنه كان حنيفاً مسلماً. ثم أدعوك إلى الشهادة والإقرار بنبوة سيدي وسيد ولد آدم وصفي رب العالمين وخاتم الأنبياء محمد بن عبد الله الهاشمي القريشي العربي الأبطحي التهامي، صاحب القضيب والناقة والحوض والشفاعة، حبيب رب العزة ومكلّم جبرائيل الروح الأمين الذي أرسله الله بشيراً ونذيراً إلى الناس كافة بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (سورة التوبة 9:33) فدعا الناس كلهم أجمعين بالرحمة والرأفة وطيب القول وحسن الخلق واللين، فاستجاب هذا الخلق كلهم إلى طاعة دعوته والشهادة له أنه رسول الله رب العالمين إلى من يريد انتصاحاً، وأقر الأنام كلهم طائعين مذعنين لما عرفوا من الحق والصدق من قوله وصحة أمره وما جاء به من البرهان الصريح والدليل الواضح، وهو هذا الكتاب المنزَل عليه من عند الله، الذي لا يقدر أحد من الإنس والجن أن يأتي بمثله، وكفى به دليلاً على دعوته وأنه دعا إلى عبادة إلهٍ واحد فرد صمد، فدخلوا في دينه وصاروا تحت يده غير مُكرَهين ولا مُجبَرين، بل خاضعين معترفين مستنيرين بنور هدايته متطاولين باسمه على غيرهم ممن جحد نبوته وأنكر رسالته، فمكن الله لهم في البلاد وأذل لهم رقاب الأمم من العباد، إلا من قال بقولهم ودان بدينهم وشهد على شهادتهم، فحقن بذلك دمه وماله وحرمته أن يؤدي الجزية عن يدٍ وهو صاغر. وهذه الشهادة هي الشهادة التي شهد الله بها قبل أن يخلق الخلائق، إذ كان على العرش مكتوباً لا إله إلا الله. محمد رسول الله .
وأدعوك إلى الصلوات الخمس التي مَنْ صلاّها لم يخب ولم يخسر بل يربح ويكون في الدنيا والآخرة من الفائزين، وهي الفرض فيها فرضان: فرضٌ من الله وفرضٌ من رسوله مثل الوتر، وهي ثلاث ركعات بعد العِشاء الأخيرة، وركعتان في الفجر، وركعتان بعد الظهر، وركعتان بعد المغرب. فمن ترك شيئاً من هذه فليس بجائزٍ له. ويجب على من تركها أياماً الأدب ويُستتاب منه. فأما الفرض فهو سبع عشرة ركعة في اليوم والليل: ركعتا الفجر، وأربع ركعات الظهر، وأربع ركعات العصر، وثلاث ركعات المغرب وهي العِشاء الأولى، وأربع ركعات العِشاء الآخرة وهي العتمة. وقد نهى رسول الله أن يُقال العتمة، وقال هي عتمة عتمة الليل، وإنما سُميت عتمة لتأخّرها في العِشاء وإبطائها.
وأدعوك إلى صوم شهر رمضان الذي فرضه الديان ونزل فيه الفرقان، شهر يشهد فيه الله أن فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، تصوم فيه نهارك كله عن جميع المطاعم والمشارب والمناكح إلى أن يسقط قرص الشمس ويدخل حدّ الليل، ثم تأكل وتشرب وتنكح في ليلك كله حتى يتبيّن لك الخيط الأسود من الخيط الأبيض حلالاً مطلقاً هنيئاً طيباً من الله. فإن أنت لحقت ليلة القدر بإخلاص نيَّتك كنت قد فُزْت في دنياك وآخرتك. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَّوَعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى والْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَا لْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا واشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا (سورة البقرة 2:183-187). وكان النبي صلى الله عليه وسلم (؟ !) يقدم الفطور ويؤخر السحور.
ثم أدعوك إلى الحج إلى بيت الله الحرام الذي بمكة، والنظر إلى حرم رسول الله وآثاره ومواضعه المباركة وتلك المشاعر العجيبة.
ثم أدعوك إلى الجهاد في سبيل الله بغزو المنافقين وقتال الكفرة والمشركين ضرباً بالسيف وسبياً وسلباً حتى يدخلوا في دين الله ويشهدوا أن الله لا إله إلا هو، وأن محمداً عبده ورسوله، أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
- عدد الزيارات: 11550