Skip to main content

المرأة في القرآن

تظهر المرأة في القرآن في ثلاثة جوانب: أولاً: ككائن بيولوجي واجتماعي. ثانياً: كمؤمنة. وثالثاً: بكونها من شخصيات القصص القرآنية عن سير الأنبياء ومصير نسائهم (1).
وبغض النظر عن زوجة أبي لهب عم محمد، وزينب إحدى زوجات محمد التي يشير إليها القرآن تلميحاً (2)، فإن مريم أهم شخصية أنثوية في القرآن، حيث يُطلق اسمها على السورة التاسعة عشرة، ولا يذكر القرآن امرأة قط باسمها سوى مريم.

ما النساء الأخريات التي ترد قصصهن في القرآن فلا يذكر أسماءهن، بل يضيفهن إلى أزواجهن، وهن: حواء (3) وامرأة عمران (آل عمران 3:53) وامرأة العزيز (يوسف 21:03) وامرأة فرعون (القصص 82:9) وامرأة لوط (التحريم 66:01) وامرأة إبراهيم (هود 11:17) وامرأة نوح (التحريم 66:01).

إن ما يقوله القرآن عن المرأة ككائن بيولوجي واجتماعي يمكن اعتباره موضوعياً، وليس من شأنه أن يبخسها حقوقها، رغم أن الشعار السائد في هذا الباب هو: الرجال قوَّامون على النساء بما فضَّل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم (النساء 4:43). ويجعل القرآن في السورة الثالثة أم مريم المكتئبة لولادتها أنثى تتكلم: رب إني وضعتها أنثى، والله أعلم بما وضعت، وليس الذكر كالأنثى (آل عمران 3:63). نجد في مثل هذه الآيات القرآنية محاولة محمد إسقاط التصوُّر البدوي عن المرأة على حادث في التوراة والإنجيل (4).

أما فيما يتعلق بالخلق فإننا لا نجد في القرآن أي تمييز في الرُّتبة بين الرجل والمرأة، وإن كان آدم هنا هو الإنسان الأول، كما ذكر الكتاب المقدس رإنه خلق الزوجين الذكر والأنثىذ (النجم 35:54). وريا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقاكم. إن الله عليم خبير (الحجرات 94:31). يخاطب الله في أوامره ونواهيه وما فرضه من تشريعات كلا الجنسين (5).

بعد هذا البحث المقتضب عن المرأة ككائن بيولوجي واجتماعي وشخصية من شخصيات القصص القرآنية، نريد الآن أن ندرس المؤمنة في القرآن. وتشكل الآيات القرآنية التي تتعلق بالمرأة كمؤمنة الركن والقاعدة لوضع المرأة التشريعي والاجتماعي. وكما سنرى في الأبواب القادمة، يمكن إدراك هذا الموضوع بدراسة مكانة المرأة بالمقارنة بالرجل في الزواج والطلاق والشهادة والميراث والحجاب واتخاذ الإماء. إن عدم المساواة بين الرجل والمرأة، على حساب المرأة، تبرز في هذه الأبواب بشكل واضح رغم محاولات المسلمين الغيارى والمستشرقين الأوروبيين في تأويل وتعطيل النصوص، التي تُظهر أحياناً عكس ما يقصده القرآن وما يفهمه المسلم العادي (6). وسنذكر كلما سنحت الفرصة آراء وحجج المتكلمين والفقهاء ممن يلوذون بالتأويل والتعطيل للقرآن والحديث.

كل من اهتم بالإسلام وتصفَّح القرآن يعرف أن الأحكام الواردة فيه بحق المرأة تشكل جزءاً لا بأس به من القرآن. وكما هو معروف فإن السورة الرابعة تُدعى سورة النساء وهي من السور الطوال. قبل أن نبدأ في بحث وضع المرأة التشريعي نود التطرق مرة أخرى إلى مكانة المرأة بالنسبة للرجل.


1-Brgel, Johann Christof, Allmacht und Mchtigkeit, S. 286, Mnchen 1991

2-في السورة 111 (والتي تُدعى أيضاً سورة أبي لهب) يلعن القرآن أبا لهب وامرأته. وهناك إشارة خاطفة إلى زينب نجدها في التحريم 66:2.

3-إنها معروفة في الأدب العربي باسم حواء غير أن القرآن يسميها زوجة آدم (البقرة 2:53 والأعراف 7:91 وطه 02:711).

4-نصادف هذه المشكلة في الآيات القرآنية التي يطلق عليها بعض المستشرقين عنوان أبواب تاريخ الخلاص. غير أن محمداً لم يهدف أبداً إطلاع أصحابه على قصص الأنبياء بشكل موضوعي، لأنه فتش في قصص الأنبياء والرسل عن نفسه وأوضاعه وظروفه الخاصة وعثر عليهاً

5-التوبة 9:17 و27 والأحزاب 33:53 والبروج 58:01. بما أن القرآن يفرض التكاليف العبادية على الذكر والأنثى على السواء، يزعم بعض العلماء المعاصرين مساواة الرجل والمرأة في الإسلام (شلتوت، ص 21).

6-يمكن أن نذكر الآية الآتية على سبيل المثال: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن (النساء 4:43). ويدّعى العلماء المعاصرون أن سياق الآية يدل على أن الضرب هو الوسيلة الأخيرة في تأديب وتربية الناشزة (المنار، 5:36 وشلتوت، ص 16_)

  • عدد الزيارات: 16128