الشريعة الإسلامية - تقييم الأوامر والنواهي
إن الواجبات التي تكلف الشريعة المسلم بها يختلف بعضها عن بعض من حيث الأهمية, مما يدلنا على أن الإسلام ينظر إلى الخطيئة كجريمة لها أنواع عديدة وعواقب مختلفة. أريد أن أذكر ما أجمع عليه الأحناف من الأوامر والنواهي وهي ثمانية:
1- الفرض: وهو المنصوص عليه بدليل قطعي في القرآن ودليل ظني في السنة, وهو اللازم قطعاً, مثل الصلوات والمفروضة.
2- الواجب: إن تقريره في أصول الشريعة ليس بواضح, نعني به الأوامر الغامضة في القرآن والسنة. القيام به يأتي بالجزاء ويعذب تاركه. أذا أنكر الشخص الفرض, يعتبر كافراً. أما منكر الواجب فهو مسلم مذنب.
4- السنة: نقصد بها عادة الأمور العبادية التي أتى بها محمد دون أمر من الله, أداها مثل الركعات الأولى لصلاة الظهر والمغرب. من أداها ينال شفاعة النبي يوم القيامة حسب بعض الفقهاء!
5- المستحب: نعني به واجبات قام بها محمد حيناً وأهملها حيناً آخر.
6- المباح: الأعمال التي لا يأتي القيام بها بمكافئة ولا التقصير فيها بعذاب.
7- المكروه: الأعمال التي لا يمكن تحريمها في الكتاب والسنة بشكل واضح لوجود أدلة تفيد حلها. الامتناع عن مثل تلك الأعمال مستحب.
8- الحرام: وهو ضد الفرض والحلال. كل ما منعت الشريعة بدليل قطعي (من القرآن) من عمل أو أكل أو شرب حرام. إذا اقترف المسلم الملتزم بأحكام الشريعة حراماً ما يبقى مسلماً ما لم ينكر قباحة ما ارتكبه.
المصالح
والآن أريد أن أتحدث بطرف من مصالح الشريعة أو أهدافها.
كما قلت سابقا, يعتمد الفقه أثناء التشريع على مبادئ معينة. هناك خمسة مبادئ لدى السنة والشيعة وهذه المبادئ يجب أن تحقق من قبل الشريعة. انها:
1- تأمين المصلحة: وهو الإقرار بالمصلحة ودفع المضرّة. لا ينبغي إهمال النظر في مصلحة الفرد والأمة, ومن الحرام أن يردع الضرر بما يؤدي إلى أعظمه.
2- توزيع العدل: شرعت الواجبات لتحقيق العدل فقط. والعدل هو أساس الملك. والله يأمر بالعدل (النحل 90). يجب إعادة الحق إلى صاحبه. إن كلمة العدل ترد في القرآن 20 مرة فقط, بينما يرد الظلم 299 مرة.
3- عدم الحرج: ليست التكاليف في الإسلام متعذرة على المسلم. غير أن التعذر كما يقول الفقهاء هو ما يجعل العيش شبه مستحيل.
4- تقليل التكاليف: يقول الفقهاء يجب أن تكون التكاليف في الإسلام حسب طاقة المكلَّف, فلا يُطلب منه على سبيل المثال إلاّ اثنين ونصف بالمائة من ربحه السنوي الصافي كزكاة. وكل شيء لم يحرمه الشرع حلال!
5- رعاية التدرج: إنه من نعمة الله علينا أن يمرننا على التكاليف. فلم يحرم الله الخمر مثلاً دفعة واحدة, بل عَبْر ثلاث مراحل لكي لا يصعب على المؤمنين تركها. يقول على بن أبي طالب: لو حُرّمت الخمر في البدء لما امتنعنا عن شربها .
والغاية من هذه المصالح هو تحقيق الأهداف التالية:
1- حفظ النفس
2- حفظ المال
3- حفظ الدين
4- حفظ العقل
5- حفظ النسل
علينا ألا ننسى ما لهذه الأهداف من أهمية, فإن الأوامر والنواهي كلها يمكن تبريرها من خلالها. وهي تُشبَّه بجهاز لا يقدم فقط الأمر والنهي, بل يؤهل الفرد أيضاً لإصدار حكم في قضية ما. ومن هنا يجب أن يُمنع أي نشاط تبشيري في البلدان الإسلامية إذ يُخِلُّ التبشير بهذه الأهداف كلها. فهو يسمّم النفس, ويمهد للاستعمار الطريق, ويسلب المسلمين أموالهم, ويهتك بالدين ومقدساته, ويصيب المسلمين بالشلل الروحي والجنون بواسطة أفكار غريبة ويملي عليهم بحد النسل.
إذاً الهدف الأخير للشريعة حفظ الأمة ونشر الإسلام الذي يؤدي في النهاية إلى تأسيس ملكوت الله في الأرض كما يفهمه المسلم.
- عدد الزيارات: 26129