Skip to main content

نزول القرآن على سبعة أحرف - حديث الأحرف السبعة و التاريخ

الصفحة 3 من 4: حديث الأحرف السبعة و التاريخ

 

ثانيا : حديث الأحرف السبعة و التاريخ

لذلك يرى اليوم علماء الاسلام الأعلام ان حديث الأحرف السبعة ليس قضية تنزيل ، بل قصة تاريخ وواقع بعد التنزيل .

نقل محمد صبيح (فى كتابه : عن القرآن ص 101 الذى ينقل عن : الأدب الجاهلى ص 29) عن الدكتور طه حسين : " – و قد أحاط فى موضوعه بآراء المحدثين و القدماء من المسلمين ، كما أحاط بآراء المستشرقين – إن القرآن الذى تلى بلغة واحدة و لهجة واحدة هى لغة قريش و لهجتها ، لم يكد يتناوله القراء من القبائل المختلفة حتى كثرت قراءاته ، و تعددت اللهجات فيه ، و تباينت تباينا كثيرا ... و ليست القراءات السبع المتواترة الى يومنا ، بالأحرف السبعة التى أنزل عليها القرآن ، و انما هى شىء و هذه الأحرف السبعة شىء آخر ... و قد اتفق المسلمون على أن أصحاب النبى تماروا فى هذه الأحرف ، و النبى بين أظهرهم ، فنهاهم عن ذلك و ألح فى نهيهم فلما توفى استمر أصحابه يقرأون القرآن على هذه الأحرف السبعة ، كل يقرأ على الحرف الذى سمعه من النبى . فاشتد الخلاف و المراء فى ذلك ، حتى كادت تقع الفتن بين الناس و لاسيما فى جيوش المسلمين . فرفع الأمر الى عثمان فجزع له و أشفق . فجمع لهم المصحف الإمام ، و أذاعه بالأمصار ، و أمر بما عداه من المصاحف فمحى محوا . و على هذا محيت من الأحرف السبعة ستة أحرف ، و لم يبق إلا حرف واحد ، هو الذى نقرأه فى مصحف عثمان ، و هو حرف قريش . و هو

الحرف الذى عادت فاختلفت لهجات القراء فيه ، فمد بعضهم و قصر بعضهم ، و فخم فريق و ر قق فريق ، و نقلت طائفة و أثبتت طائفة ...

" ثم أورد الاستاذ طه حسين ما ورد فى الجزء الأول من تفسير ابن جرير الطبرى لتأييد رأيه . و قال : و الحق أن ليست هذه القراءات السبع ( الأحرف السبعة ) من الوحى فى قليل و لا كثير . و ليس منكرها و لا فاسقا و لا مغتمزا فى دينه . و إنما هى قراءات مصدرها اللهجات و اختلافها . للناس أن يجادلوا فيها ، و أن ينكروا بعضها و يقبلوا بعضها . و قد جادلوا فيها بالفعل و تماروا و خطأ بعضهم بعضا . و لم نعرف أن أحدا من المسلمين كفر أحدا لشىء من هذا " .

تلك هى قصة الأحرف السبعة قبل التوحيد العثمانى : انها قصة تاريخ و أمر واقع لا قصة تنزيل على أحرف سبعة . فوجود احرف أى نصوص سبعة لقرآن واحد ، على زمن النبى و صحابته من بعده ، باختلاف الألفاظ و اتفاق المعانى ، ليس من التنزيل فى شىء : فهل يعقل أن ينزل الله على نبى واحد كتابا واحدا بسبعة نصوص ؟

إن حديث الأحرف السبعة المشهور المتواتر يصور لنا الحالة التعسة التى وصل اليها نص القرآن قبل جمعه . أجل " إن القرآن الذى تلى بلغة واحدة ، و لهجة واحدة ، لم يكد يتناوله القراء حتى كثرت قراءاته ، و تعددت اللهجات فيه ، و تباينت تباينا كثيرا " . فاقتتل عليه الغلمان فى المدارس ، و الجنود فى الحروب .

ان هذا الحديث يصور أمرا واقعا مفجعا : ففى زمن النبى ، و بحضرته ، يختلفون فى نص القرآن الواحد ، و يضطر محمد الى تصويبهم جميعا . و زاد الخلاف ، فى زمن الخلفاء الراشدين ، حتى كاد نص القرآن يضيع . إن هذا التعدد فى نص القرآن الواحد ، على حياة النبى نفسه ، ثم من بعده ، برهان قاطع للاشتباه اللازم على صحة النص المنزل . و لو كانت الأحرف السبعة من التنزيل فى شىء ، لما تجرأ عثمان على إبادة ستة منها ! و لما وافقته الأمة على فعلته . و لكنه فعل برضى الأمة و قبول الأئمة ، لرفع خطر الاختلاف على سلامة النص القرآنى . لكن الواقع التاريخى كان قد تخطاه فى الاختلاف الى سبعة نصوص ، فما فوق . و كانت براعة فائقة من النبى ان ينسب هذه الفوضى فى نص القرآن إلى تدبير إلهى ،


و تنزيل ربانى . هذا إن صح الحديث ، كحديث نبوى . و لكن من السذاجة الجاهلة ان يتستر السلف الصالح بحديث شريف لستر أمر خطير . أجل لقد اختلف نص القرآن الواحد اختلافا كثيرا ، على حياة النبى و على حياة صحابته و على حياة الخلفاء الراشدين ، قبل اختيار عثمان و لجانه المختلفة للحرف العثمانى الناجى ، الذى نجا بقوة الحديد و النار .

النتائج
الصفحة
  • عدد الزيارات: 10325