Skip to main content

أحوال البشر - أحوال أبي جعفر المنصور

الصفحة 5 من 5: أحوال أبي جعفر المنصور

4 - أحوال أبي جعفر المنصور:

جاء في تاريخ الوزراء والكتَّاب للجهشياري أن ابن المقفع أرسل للخليفة أبي جعفر المنصور كتاباً صغير الحجم، عظيم القيمة أسماه رسالة الصحابة (حوالي سنة 142 ه_) نصح فيه الخليفةبحُسن اختيار معاونيه، وحُسن سياسة الرعية, وكان في نصحه رفيقاً, ولعله كان ينتظر من المنصور تقديراً أدبياً ومادياً يليق بجهده, ولعله لم يتصور أن مجرد إسداء النصح للمنصور جريمة، وأن غاية دور الأديب (في رأي المنصور) أن يمدَحه، ومنتهى دَوْر المفكّر أن يؤيّده، وأن عقاب من يتجاوز دوره كما فعل ابن المقفع، أن يُفعَل به كما فُعل بابن المقفع, فقد قال له المنصور: سأقتلك قتلةً لم يُقتَل بها أحد قط , وأمر بتنوّر فسُجر ثم أمر بأن يُقطع منه عضو ثم يُلقى في التنور، وابن المقفع ينظر, فلم يزل يقطع منه عضواً عضواً حتى ألقى بباقي جثته فيه وقال: لأحرقنَّك بنار الدنيا قبل نار الآخرة , وحُكي أن سفيان لما أُمر بتقطيع ابن المقفع وطرحه في التنور، قال ابن المقفع: إنك لتقتلني فتقتل بقتلي ألف نفس, ولو قُتل مائة مثلك ما وفوا بواحد , ثم أنشد هذين البيتين:

إذا ما مات مثلي، مات شخصٌ يموتُ بموْته خَلْقٌ كثير

وأنت تموت وحدك، ليس يدري بموتك لا الصغيرُ ولا الكبيرُ

هذه أيها القارئ أحوال من يطلق عليهم المعترض الغير مؤمن القادة العظماء - فالإنسان خطّاء، يحتاج للتوبة والرجوع إلى الله, وما لم يدركه الله بغفرانه فلن ينصلح حاله, ونحن اليوم نحيا عهد النعمة الذي جاءنا في المسيح، الذي في كفارته يهبنا الغفران,

الصفحة
  • عدد الزيارات: 17223