أحوال البشر - أحوال عثمان بن عفان
وهو ذو النورين وأحد العشرة الذين بشّرهم محمد بالجنة، وزوج ابنتي محمد، وجامع القرآن, وإليك ما جاء عنه في كتاب الخلافة الإسلامية للمستشار محمد سعيد العشماوي (دار سينا - القاهرة),
أخذ المسلمون على عثمان بن عفان أخطاء عدة تدلل على الفساد، منها أنهم قالوا:
أ - كان النبي قد نفى الحَكَم بن أبي العاص وطرده من المدينة، فظل طريداً طوال حياة النبي ومدة خلافة أبي بكر وعمر اللذين رفضا شفاعة عثمان فيه ليعود إلى المدينة, فلما كانت خلافة عثمان قدم الحَكَم عليه، لأنه عمُّه، فأبقاه في المدينة ولم يأمره بالخروج منها كما فعل النبي وصاحباه، أبو بكر وعمر، فآوى عثمان طريد النبي,
ب - اتخذ عثمان أقرباءه ولاةً على أمصار الإسلام, ولو أنهم كانوا من أهل الفضل والدين لكان في توليته إياهم محاباة القرابة التي بينه وبينهم، وجنوحٌ إلى عشيرته بني أمية, فكيف وهم فسقة فجار!؟
ومن هؤلاء الولاة الوليد بن عقبة بن أبي معيط (ووالده عقبة هذا عدو النبي الذي قتله صبرا، فلما قال للنبي: ومن للصِّبْية - ومنهم الوليد - يا محمد؟ قال: لهم النار) وقد ولاه عثمان أمر الكوفة، فأحدث فيها وصلى بالناس وهو مخمور، فزاد في عدد الركعات والسجدات, ولما نبّهه الناس التفت إليهم وقال لهم: هلا زدتكم! ومن ولاة عثمان - كذلك - عبد الله بن أبي سرح - وكان رضيعه - فولَّاه أمر مصر، (وكان محمد قد أمر بقتل عبد الله هذا ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة)، وعبد الله بن عامر الذي ولاه البصرة، ومعاوية بن أبي سفيان الذي ولاه الشام وأطلق يده فيها, وكان معاوية هذا والياً على الشام في عهد عمر غير أنه - كما قال علي - كان أخوف لعمر من خادم عمر له),
ج - فتح عثمان خزائن بيت المال لبني أمية، وزوَّج مروان بن الحكم بنته وسلَّمه خُمس غنائم أفريقية، وقد بلغت مائتي ألف دينار, ثم استسلم عثمان في كل أموره لمروان هذا (ابن عمه) فأخذ يفسد كثيراً بسوء التصرف وسوء المشورة,
د - هذا فضلًا عن إيذاء أصحاب النبي, وممن آذاه عبد الله بن مسعود حتى انحرفت قبيلته هذيل عن عثمان بسبب ذلك، وعمار بن ياسر حتى انحرفت قبيلته بنو مخزوم عن عثمان من أجله، وأبو ذو الغفاري الذي نفاه إلى الربذة ومنعه من البقاء في المدينة أو الذهاب إلى مكة,
إذاً أخذ المسلمون على عثمان - الخليفة الثالث - ما يُسمى بفساد الحكم أو فساد الإدارة، ممثَّلًا في تعيين حكام فَسَقة غير ورعين ولا تقاة ولا أكفاء، بسبب قرابته لهم لا غير، وسوء التصرف في أموال المسلمين وبيت المال، وحماية الخارجين على القانون والنظام العام مثل الحَكَم بن أبي العاص، واضطهاد المحكومين، ونفي المعارضين، وعدم الحكم وفقاً لأوامر الله في القرآن ونهج النبي في السنّة، بل تبعاً لمشورة مروان بن الحكم بن أبي العاص, وهي أمور تعني - بلغة العصر - المحسوبية والاستيلاء على أموال الدولة، وحماية المفسدين، وعدم تنفيذ القانون، ووقف العمل بالدستور، واعتقال المعارضين!!! (عن تاريخ الطبري ج3 والملل والنحل),
ومع أن عمر وعثمان ماتا مقتولين، إلا أن عمر قُتل على يد غلام من أصل مجوسي، وترك قتله غصّة في نفوس المسلمين، بينما ما حدث لعثمان عكس ذلك، فقد قُتل على يد المسلمين الثائرين المحاصِرِين لمنزله وبإجماعٍ منهم, وقد تتصور أن قتلة عثمان قد أشفوا غليلهم بمصرعه على أيديهم، وانتهت عداوتهم له بموته، لكن كتب التاريخ تحدثنا برواية غريبة ليس لها نظير سابق أو لاحق, قال الطبري في كتابه تاريخ الأمم والملوك (جزء 3) أن عثمان بقي بعدما قُتل ليلتين لا يستطيعون دفنه، ثم حمله أربعة (حكيم بن حزام، وجبير بن مطعم، ونيار بن مكرم، وأبو جهم بن حذيفة), فلما وُضع ليُصلَّى عليه جاء نفر من الأنصار يمنعونهم من الصلاة عليه، فيهم أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي، وأبو حية المازني، ومنعوهم أن يدفن بالبقيع, فقال أبو جهم: ادفنوه فقد صلى الله عليه وملائكته, فقالوا: لا والله لا يُدفن في مقابر المسلمين أبداً, فدفنوه في مقابر اليهود, فلما ملكت بنو أمية أدخلوا تلك المقبرة في البقيع, وفي رواية ثانية: أقبل عمير بن ضابيء، وعثمان موضوع على باب، فنزا عليه فكسر ضلعاً من أضلاعه, وفي رواية ثالثة أنهم دفنوه في مقابر اليهود حين رماه المسلمين بالحجارة، فاحتمى حاملوه بجدارٍ دفنوه بجواره، فوقع دفنه في مقابر اليهود!
- عدد الزيارات: 19359