Skip to main content

أحوال البشر - أحوال عبد الله بن عباس

الصفحة 3 من 5: أحوال عبد الله بن عباس

2 - أحوال عبد الله بن عباس:

وهو ابن عم محمد، حَبْر الأمة الإسلامية وراوي الأحاديث ومرجع تفسير القرآن, وولَّاه علي بن أبي طالب على البصرة, فكتب أبو الأسود الدؤلي، وهو وزير المالية في البصرة، إلى الخليفة علي بن أبي طالب رسالة يقول فيها: عاملك، وابن عمك (عبد الله بن عباس الهاشمي) قد أكل ما تحت يده بغير علمك , فأرسل الخليفة إلى ابن عمه وواليه يسأله فيما وصل إليه, وبعد مراسلات أجاب عبد الله بن عباس برسالة استقالة إلى الخليفة جاء فيها: والله لأَنْ ألقَى الله بما في بطن هذه الأرض من عقيانها وبطلاع ما على ظهرها أحبُّ إليَّ من أن ألقاه وقد سفكتُ دماء الأمة لأنال المُلك والإمارة, فابعث إلى عملك من أحببت , وهي استقالة تتضمن معنى التبجّح وعدم الاستحياء من أكل كل ما في بطن الأرض وما على ظهرها، طالما كان ذلك أخفّ مما عمله الخليفة وأمير المؤمنين على بن أبي طالب - الذي يقول عنه ابن عباس ابن عمه وابن عم النبي إنه سفك دماء أمة المسلمين في سبيل المُلك والإمارة, وبعد هذه الاستقالة العجيبة جمع ابن عباس ما كان قد تبقّى من أموالٍ في بيت المال، ويُقدَّر بحوالي ستة ملايين درهم، واحتمى بأخواله من قبيلة بني هلال حيث كانوا معه في البصرة، ومضى بالمال حتى بلغ البيت الحرام في مكة فأصبح آمناً فيه, ولما كتب إليه الخليفة علي يطلب إليه ردّ الأمانة، أجاب ابن عباس: ,, إن حقي في بيت المال لأعظم مما أخذتُ منه (يقصد اختلس منه) ,, ثم يحذر الخليفة قائلًا: ,, لئن لم تدعني من أساطيرك لأحملنَّ هذا المال إلى معاوية يقاتلك به!!! (تاريخ الطبري ج4 - و الفتنة الكبرى لطه حسين),

لقد ضلَّ ابن عباس في خطئه عندما أرسل إليه الخليفة علي يحاسبه، فلم يرعوِ ولم ينتهِ وإنما أسرف وبغى وطغى، فحمل ما بقي من مال في بيت المال, وعاونه في نقل المال (بعد الاستيلاء عليه) والفرار به أخوالُه من بني هلال، دون أن ينصحوه بتقوى الله وتَرْك الحرام!! وقد ذهب بالمال الحرام إلى مكة البيت الحرام، دون أن يعبأ بالتناقض في ذلك, وفي مكة لم يقف المؤمنون في وجهه ولم يقاطعوه ولم يحتقروه ويزدروه لما فعل، فعاش آمناً مطمئناً رغم كل القيم الإسلامية, وعندما حاول الخليفة وأمير المؤمنين أن يحاسبه لم يستطع ذلك ولم يقدر عليه, وقد عرّض ابن عباس (المختلس) بالخليفة الذي أراد أن يحاسبه، وادَّعى أن له حقاً في بيت المال أكثر مما أخذ، دون أن يبيّن أساس هذا الحق، وهل هو قرابته للنبي، أو ورعه، أم تقواه، أم علمه، أم فقهه، أم كونه مثلًا للمسلمين ونموذجاً للخلُق الإسلامي!؟ وقد اتهم الخليفةَ أميرَ المؤمنين بأنه سفك دماء المسلمين في سبيل المُلك والإمارة (لا في سبيل الله!!) فاعتبر الخلافة ملكاً (وكان بذلك أول من صرح بأنها مُلك) وادّعى على الخليفة الإفساد في الأرض (أي اتهمه بالخيانة العظمى) بقتل المسلمين وسفك دمائهم في سبيل الحصول على المُلك والوصول إلى الإمارة!!

بهذا كله، من مَثَلٍ ومُثُل، بدأ الفساد في صميم الخلافة الراشدة، ثم انتشر واستشرى فيما بعد,

أحوال يزيد بن معاوية
الصفحة
  • عدد الزيارات: 19360