موقف القرآن السلبى من المعجزة ، و فلسفته عند أهل عصرنا
موقف القرآن السلبى من المعجزة ، و فلسفته عند أهل عصرنا
لقد ثبت ثبوتا قاطعا للعلماء المسلمين موقف القرآن السلبى من كل معجزة تشهد له . و ثبت أيضا أن ما ورد فى الحديث و السيرة من معجزات لمحمد ينقضه صريح القرآن نقضا مبرما ، و أن ما رأوا من معجزات فى الجهاد كان بطولات لا معجزات ، و أن ما ذكره القرآن من " آيات بينات " فيه هى آيات خطابية ، لا أعمال معجزة . فمن يرى فى ذلك معجزة يكذب على النبى ، و القرآن يكذبه .
و برز لعلماء عصرنا المشكل الضخم ، ما بين ضرورة المعجزة لصحة النبوة ، و بين موقف القرآن السلبى من كل معجزة له . فكان لابد لهم من فلسفة ، فلم يجدوا سبيلا إلا بنقض احدى المقدمتين من القياس ، ليسلموا من حتمية النتيجة أن النبوة المحمدية بلا معجزة . فسار بعضهم على خطة أهل الاعجاز ان " القرآن وحده معجزة محمد " ، متناسين قول المعتزلة " ان اله لم يجعل القرآن دليلا على النبوة " ، و بعضهم رأى الخلاص بنقض المقدمة الكبرى : ليست المعجزة بلازمة لصحة النبوة ، و قد جاء القرآن بما يغنى عنها ، بل بأفضل منها .
و نحن ندرس فى هذا البحث أولا تاريخ فلسفة أهل العصر فى النبوة و المعجزة ، ثانيا عرض نظرياتهم الجديدة فى " أساليب القرآن الجديدة " فى النبوة ، التى تقوم مقام المعجزة . و قد نلجأ الى تكرار بعض الاستشهادات للتذكير و التقرير ، و لإعطاء نظرة شاملة جامعة .
- عدد الزيارات: 16013