كيف جُمع القرآن؟
كيف جُمع القرآن؟
أجمع أئمة المسلمين على أن محمداً مات ولم يكن القرآن جُمع في شيء، وقالوا إن سبب ذلك ما كان يترقبه محمد من ورود ناسخٍ لبعض أحكامه أو تلاوته. فلما انقضى نزوله بوفاته شرع الخلفاء الراشدون في جمعه، لئلا تغتال أيدي الضَّياع ما بقي منه.
ولا يخفى أن الكتب المقدسة (أي التوراة والإنجيل) لم تكن بهذه الصفة، فقد دوَّنها أنبياء الله لهداية المؤمنين إلى طرق الحق اليقين، وكانت تُقرأ في المعابد مدة حياتهم، وكثيراً ما حضَّ الرسول بولس على قراءة رسائله في الكنائس، فكانوا يتعبّدون بتلاوتها مدة وجود الأنبياء والرسل، بخلاف القرآن، فإنه كان مبعثراً قابلاً للضياع والزيادة والنقصان.
كانت معرفة القرآن قاصرة على أربعة فقط، والدليل على ذلك ما رواه البخاري عن عبد الله بن العاص، قال: سمعت محمداً يقول: خذوا القرآن من أربعة (1) عبد الله بن مسعود و(2) سالم و(3) معاذ و(4) أبيّ بن كعب (صحيح البخاري باب القُرَّاء من أصحاب النبي). أي تعلَّموا منهم. والأربعة المذكورون أولهما من المهاجرين، والثالث والرابع من الأنصار. وسالم هو ابن معقل مولى أبي حذيفة، ومعاذ هو ابن جبل. وقُتل سالم مولى أبي حذيفة في موقعة اليمامة، ومات معاذ في خلافة عمر، ومات أبيّ وابن مسعود في خلافة عثمان. أما زيد بن ثابت فتأخر عنهم، وقالوا عنه: انتهت إليه الرئاسة في القراءة، وعاش زمناًطويلاً.وروى البخاري أيضاً عن قتادة قال: سألتُ أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله؟ فقال: أربعة كلهم من الأنصار، أبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قلت: من أبو زيد؟ قال أحد عمومتي (صحيح البخاري باب الجمع). وروي أيضاً من طريق ابن ثابت عن أنس قال: مات النبي ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد . وفيه مخالفة لحديث قتادة من وجهين: أحدهما التصريح بصيغة الحصر في الأربعة، والآخر ذكر أبا الدرداء بدل أبيّ بن كعب. وقد استنكر جماعة من الأئمة الحصر في الأربعة، ولكن تمسَّك بقول أنس جماعة من الملاحدة، يعني أنهم استدلوا بذلك على ضياع كثير من القرآن، ولا سيما الآيات التي تساعدهم على تأييد مذهبهم، فإن هؤلاء الأربعة ماتوا قبل جمع القرآن. وقالوا إنه كان يوجد كثير من القراء ماتوا قبل جمع القرآن. قال القرطبي: قُتل يوم اليمامة 450 قارئاً، وقتل في عهد النبي ببئر معونة مثل هذا العدد (البداية والنهاية ابن كثير موقعة اليمامة).
ولما رأى أبو بكر هذا الحال جزع من ضياع القرآن، فقد روى البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت، قال: أرسل إليّ أبو بكر وقت مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده. فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقُرّاء القرآن، وإني أخشى أن يستحرّ القتل بالقرَّاء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن. وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلتُ لعمر: كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله؟ قال: هذا والله خير. فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد، قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتّهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله، فتتبَّعْ القرآن فاجمَعْه . فوالله لو كلّفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله؟ قال هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُب واللِّخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره. لقد جاءكم رسول حتى خاتمة التوبة. فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياتَهُ، ثم عند حفصة بنت عمر (صحيح البخاري باب جمع القرآن). وفي رواية أخرى أن أبا بكر سأل زيد بن ثابت في ذلك فأبى، حتى استعان عليه بعمر، ففعل. وفي مغازي موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: لما أُصيب المسلمون باليمامة فزع أبو بكر، وخاف أن يذهب من القرآن طائفة، فأقبل الناس بما كان معهم وعندهم (القرآن المجيد دروزة ص54).
فهذه النصوص وغيرها ناطقة بأنه مات جلُّ حفَّاظ القرآن إذا لم نقل كلهم، حتى جزع أبو بكر من ضياعه كله، فكلّف زيداً بجمعه من الشتات، فقال زيد: لو كلّفوني نقل جبل لكان أسهل عليّ من جمع القرآن .
فأخذ زيد يجمعه من العُسُب واللِّخاف، وفي رواية والرِّقاع وفي أخرى وقِطَعِ الأديم وفي أخرى والأكتاف وفي أخرى والأضلاع وفي أخرى والأقتاب . والعُسب جمع عسيب، وهو جريد النخل. كانوا يكشفون الخوص ويكتبون في الطرف العريض. واللِّخاف (جمع لَخْفة) وهي الحجارة الدقاق. قال الخطابي صفائح الحجارة. والرقاع جمع رقعة وقد تكون من جلد أو ورق أو كاغد. والأكتاف جمع كتف وهو العظم الذي للبعير أو الشاة، كانوا إذا جف كتبوا عليه. والأقتاب جمع قتب وهو الخشب الذي يُوضع على ظهر البعير ليُركب عليه.
وقال أبو بكر لعمر ولزيد: اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه . وكان زيد لا يكتب آية إلا بشاهدي عدل. ولم توجد آخر سورة التوبة إلا مع أبي خزيمة بن ثابت، فقال: اكتبوها فإن الرسول جعل شهادته بشهادة رجلين، فكتب. وإن عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها لأنه كان وحده، وسبب كل ذلك أن القرآن كان مفرَّقاً في الرقاع والأكتاف والعسُب (الإتقان للسيوطي باب جمع القرآن).
وعلى هذا لابد أنه ضاع كثير منه إذا نظرنا إلى اشتغال محمد بالغزوات وغيرها، فإنه كان يقول بنزول الآيات في رحلاته وهجرته، ووقت تقسيم الغنائم.
ولا مجال لمقارنة هذا بحال الأمة اليهودية التي ظهر بينهم المسيح، الذي كان يعلّم جهاراً على رؤوس الأشهاد أمام نبلاء الأمة اليهودية وعلمائها وأئمة ديانتها، حتى تعجّبوا من حكمته التي بهرت عقولهم، ودُوِّنت تعاليمه في الصحف والكتب كالطريقة الجارية عند الأمة اليهودية. وكان المؤمنون يقرأونها في معابدهم، وكذلك الرسل الذين كانوا يقفون أمام الفلاسفة والقياصرة والملوك ويوضحون لهم طريقة الفداء العجيب، وكانت تُدوّن أقوالهم في الصحف للاهتداء بها. وبالاختصار إن الكتب المقدسة لم تكن مكتوبة على العسب أو دقاق الحجارة أو قطع الجلود أو عظام البعير أو قطع الأخشاب، بل كانت تُكتب على هيئة درج في الرق وتوضع في محل خصوصي في المعابد وفي البيوت. ولم يكن الحال قاضياً إلى شهادة لأخذ أقوال الله من أفواه البشر الذين خطأهم أكثر من صوابهم، ولا سيما أن الإنسان ابن النسيان.
نقص واختلاف وزيادة في القرآن:
(1) ومما يدل على حصول زيادة في القرآن ما رواه محمد بن سيرين عن عكرمة قال: لما كان بعد بيعة أبي بكر، قعد علي بن أبي طالب في بيته، فقيل لأبي بكر: قد كره بيعتك . فأرسل إليه فقال: أكرهْتَ بيعتي؟ قال: لا والله . قال: ما أقعدك عني؟ قال: رأيتُ كتاب الله يُزاد فيه، فحدّثْتُ نفسي أن لا ألبس ردائي، إلا لصلاةٍ، حتى أجمعه . قال له أبو بكر: فإنك نعم ما رأيت . قال محمد بن سيرين: فقلت لعكرمة ألفوه كما أنزل، الأول فالأول . قال: لو اجتمعت الإنس والجن على أن يؤلفوه هذا التأليف ما استطاعوا . وهذا يدل بأن القرآن الحالي ليس مكتوباً حسب أوقات نزوله، بل اجتهد الخلفاء وغيرهم في ترتيبه حسب ذوقهم، لأنه كان مبدداً (الإتقان للسيوطي باب الجمع).
(2) ومما يؤيد حصول التغيير ما أخرجه ابن أشته في المصاحف من وجهٍ آخر عن ابن سيرين، في أنه كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ، وقال ابن سيرين: فطلبت ذلك الكتاب وكتبت فيه إلى المدينة فلم أقدر عليه . يعني أنه كان يوجد قرآن غير المتداول الآن. ومع أنه بحث عنه إلا أنه لم يجده (الإتقان للسيوطي باب الجمع).
(3) ومما يدل على سقوط أشياء منه ما أخرجه ابن أبي داود، من طريق الحسن، أن عمر سأل عن آية من كتاب الله فقيل: كانت مع فلان، قُتل يوم اليمامة . فقال: إنَّا لله . وأمر بجمع القرآن، فكان أول من جمعه في الصحف. قال السيوطي: أي أول من أشار بجمعه (المصاحف للساجستاني باب جمع عمر للقرآن، والمرجع السابق).
وسقوط أشياء منه أمر طبيعي، لأنه كان مفرَّقاً في العُسب وفي صدور الرجال، لا في كتاب.
وقد اختلفوا في الذي جمع القرآن. قالوا إن الأربعة الذين تقدَّم ذكرهم ماتوا ولم يُجمع. ومرة قالوا: زيد بن ثابت هو الذي جمعه، ومرّة قالوا إن أول من جمع القرآن في مصحف هو سالم مَوْلى أبي حذيفة، ومرة قالوا إن عليا بن أبي طالب كان قد عزم على جمعه، وأقسم ألا يرتدي برداء حتى يجمعه. فجمعه ثم تساءلوا: ماذا يسمّونه، فقال بعضهم: سمّوه السِّفر، قال: ذلك اسمٌ تسميه اليهود . فكرهوه. فقال: رأيت مثله بالحبشة يُسمّى المصحف . فأجمع رأيهم على أن يسمّوه المصحف. (دروزة القرآن المجيد ص 53).
ويؤخذ من أقوالهم أنه كان لكل فريق قرآن، فكان يوجد قرآن فيه الناسخ والمنسوخ، ويوجد قرآن مرتب حسب النزول. ولو لم تكن نسخ عديدة لما أمر عثمان بإحراقها.
اختلافهم في القرآن وإحراق عثمان نسخه:
لما رأى حذيفة اختلاف الناس في القراءة، حثَّ عثمان على أن يتلافى الأمر، فأمر بعضهم أن يجمعوه، وأمر بإحراق غيره. روى البخاري عن أنس، أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال لعثمان: أدرِك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى . فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردّها إليك، فأرسلتها إلى عثمان. فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للقريشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنه إنما نزل بلسانهم . ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ردَّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يُحرَق. قال زيد: فُقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، كنت أسمع رسول الله يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فألحقناها في سورتها في المصحف . قال ابن حِجْر: وكان ذلك في سنة 25 . وذهب بعضهم إلى أنه في سنة 30 (صحيح البخاري باب جمع القرآن).
وأخرج ابن أشْته من طريق أيوب عن أبي قلابة قال: حدّثني رجل من بني عامر يُقال له ابن مالك، قال: اختلفوا في القرآن على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون، فبلغ ذلك عثمان بن عفان فقال: عندي تكذبون به وتلحنون فيه! فمن نأى عني كان أشد تكذيباً وأكثر لحناً. يا أصحاب محمد، اجتمعوا فاكتبوا للناس إماماً . فاجتمعوا فكتبوا، فكانوا إذا اختلفوا في أي آية قالوا: هذه أقْرأها رسول الله فلاناً، فيرسل إليه وهو على رأس ثلاثة من المدينة، فيُقال له: كيف أقرأك رسول الله آية كذا وكذا؟ فيقول: كذا وكذا، فيكتبونها وقد تركوا لذلك مكاناً . وأخرج ابن أبي داود من طريق محمد بن سيرين عن كثير بن أفلح، قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف، جمع له اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار، فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بها. وكان عثمان يتعاهدهم، فكانوا إذا اختلفوا في شيء أخّروه. فظنَنْتُ إنما كانوا يؤخّرونه لينظروا أحدثهم عهداً بالعرضة الأخيرة، فيكتبونه على قوله ( المصاحف للساجستاني باب جمع عثمان للمصحف).
يتضح من هذه الأحاديث أنه لما رأى عثمان أنه كادت تقع فتنة أو حرب داخلية بسبب اختلاف الناس في القرآن، عقد جمعية ليكتبوا للناس إماماً. وهذه هي نتيجة عدم التبصُّر، فأنبياء الله الحقيقيون كانوا يكتبونكتبهم، ويحثون الناس على تلاوتها وتعليمهالأولادهم وأحفادهم، ويحرصون عليها أن تكون دستوراً لقضاتهم وحكامهم وملوكهم. ولم يكتب نبي من الأنبياء كتابه بالطريقة التي كُتب بها القرآن، ولا بالكيفية التي جُمع بها. ومع أن كتب العهد القديم 39 كتاباً، لكن تولى ضمّها إلى بعضها عزرا النبي. ومع أن كتب العهد الجديد 27 كتاباً ولكنها جُمعت في سفر واحد تحت ملاحظة يوحنا اللاهوتي. وكلٌّ من عزرا ويوحنا نبي كريم، يقدر أن يميِّز الأرواح يعني يميز الكتاب الموحى به من غيره. فكانت الكتب المقدسة سالمة من أي عيب.
- 1 - تولّى جمع القرآن أناس اشتهروا بالغدر والكذب. فعثمان مات مقتولاً بعد أن ثبت عليه الغدر والكذب. والذين تولّوا جمع القرآن لم يقدروا أن يميّزوا الأقوال التي بوحيٍ من غيرها، فكانوا يستشهدون بالعرب المجرَّدين عن المعارف الإلهية والدنيوية، الذين يقول القرآن عنهم: “الأَعْرَابُ أَشدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ! ; (التوبة 9: 97).
- 2 - لم يختلف أحد على وحي التوراة والإنجيل، ولا اقتتل الغلمان بسببهما، بل بالعكس كانتا سبب بركة لهم، لأنهما لم يكونا مبعثرَيْن مفرَّقين. ولما رأى علماء المسلمين أن هذا يحط بقدر القرآن قالوا إنه كثُر الاختلاف في عصر عثمان في وجوه القراءة، فقرأوه بلغاتهم على اتساع اللغات، فأدَّى ذلك بعضهم إلى تخطئة بعض، فخشي عثمان من تفاقم الأمر في ذلك، فنسَخ تلك الصحف في مصحف واحد، واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش.
ولو سلمنا بذلك لقلنا إن الكتب المقدسة منزّهة عن هذه الاختلافات، فلما نزلت كانت باللغة الفصيحة المفهومة عند الناس.
- 3 - لا يمكن أن ينكر علماء المسلمين وقوع الخلاف الشديد في القرآن. وقد اختلفوا في المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الآفاق، والمشهور أنها خمسة، وقيل إنها أربعة، وقيل سبعة. فأرسل إلى مكة، والشام، واليمن، والبحرين، والبصرة، والكوفة، وأبقى بالمدينة واحداً.
وقيل: لما رأى عثمان اختلاف القرّاء واستفحال الشرّ، بعث فأرسل ما أمكن جمعه من الرقاع. ولم يتعرّض أحدٌ لمصحف علي بن أبي طالب، ولا لمن كان يقرأ بقرائته. وقد مات أُبيّ بن كعب قبل جمع القرآن. ولما طلبوا من عبد الله بن مسعود أن يعطيهم مصحفه رفض، فصرفوه عن الكوفة واستخدموا أبا موسى الأشعري. وأمروا زيد بن ثابت الأنصاري وعبد الله بن عباس (وقيل محمد بن أبي بكر) بجمع القرآن، وكانا حديثي السن. وقال لهما عثمان: إذا اختلفتما في شيءٍ فاكتباه بلغة قريش . ولما جمعوه أرسلوا نسخة منه إلى مكة (احترقت سنة 200هـ) ونسخة للمدينة (فُقدت أيام يزيد بن معاوية) ونسخة إلى العراق (فُقدت أيام المختار) وأرسلوا نسخة أخرى إلى الشام. وأمر عثمان الولاة أن يجمعوا ما عندهم من المصاحف ويغلوا لها الخل ويسرحوها فيه ويتركوها حتى تتقطع وتهترىء، ولا يبقى شيء منها، وتوعَّد من يخالف أمره (الإتقان للسيوطي كتاب المصاحف).
ترتيب القرآن اجتهادي واختلاف نسخه:
لا نتعجب إذا لم يتيسّر للمسلمين ترتيب القرآن حسب أصله، فقد كان ترتيبه اجتهادياً. أخرج ابن أبي داود في المصاحف، من طريق محمد بن اسحق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه. قال: أتاني الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر سورة التوبة، فقال: أشهد أني سمعتهما من رسول الله ووعيتهما. فقال عمر وأنا أشهد لقد سمعتهما. ثم لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة. فانظروا آخر سورة من القرآن فألْحقوها في آخِرها . قال ابن حِجْر: ظاهر هذا أنهم كانوا يؤلفون آيات السور باجتهادهم، ولما رأوا أن هذا يحط بمقام القرآن استشهدوا بأحاديث (الإتقان باب الجمع).
على أن ترتيب الآيات هو بتوفيق. والأقرب إلى الحق أنه كان باجتهاد الصحابة. وقال جمهور العلماء إن ترتيب السور كان اجتهادياً. قال السيوطي في الإتقان : مما استدل به على أن ترتيب السور هو اجتهادي، اختلاف مصاحف السلف في ترتيب السور، فمنهم من رتبها على النزول، وهو مصحف علي، كان أوله إقرأ ثم المدثر ثم ن ثم المزمل ثم تبَّت ثم الكوثر وهكذا إلى آخر المكي والمدني. وكان أول مصحف ابن مسعود البقرة ثم النساء ثم آل عمران على اختلاف شديد. وكذا مصحف أُبيّ وغيره (الإتقان باب ترتيب القرآن).
وأخرج ابن أشته في المصاحف قال: أمرهم عثمان أن يتابعوا الطوال . ولهم كلام طويل في ذلك. وإنما نقول إنه لم يتيسّر لعثمان ولا لغيره ترتيب القرآن حسب نزوله، فقد كان محمد تارة يقول بنزول آياتٍ في السفر، وأخرى في الحضر، وتارة في النهار وأخرى في الليل، وتارة في الصيف وأخرى في الشتاء، ومرة في الفرش وأخرى في النوم، ومرة في الأرض وأخرى في السماء، حتى قسموه إلى سَفَري وحضري ونهاري وليلي وصيفي وشتائي وفراشي ونومي وأرضي وسمائي. فمن ذا الذي كان معه في جميع هذه الأزمنة والأمكنة حتى يعرف أوقات نزوله بالتقريب؟ وزد على هذا أن بعضه نزل مفرَّقاً، وبعضه نزل جمعاً، وغير ذلك. فلا عجب إذا اختلفوا فيه اختلافاً كبيراً جداً، وإذا سقط منه وزيد عليه شيء كثير (راجع الفصول الأولى من كتاب الإتقان للسيوطي).
ومما يؤيد حصول الزيادة والنقصان ما جاء في المستدرك عن ابن عباس قال: سألت علياً بن أبي طالب: لِمَ لم تكتب في التوبة بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال: لأنها أمان، والتوبة نزلت بالسيف . وعن مالك أن أول التوبة لما سقط سقطت معه البسملة، فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها. وفي مصحف ابن مسعود 112 سورة، لأنه لم يكتب المعوَّذتين، وفي مصحف أبيّ 116 ، لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع، وهما غير موجودتين في القرآن المتداول بين المسلمين الآن. وأخرج أبو عبيد عن ابن سيرين قال: كتب أبيّ بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوذتين، واللهمّ إنّا نستعينك، واللهمّ إياك نعبد. وتركهنّ ابن مسعود. وكتب عثمان منهنّ فاتحة الكتاب والمعوذتين . ومع ذلك يقولون إن القرآن الموجود هو الذي كان في اللوح المحفوظ، وإنه أُنزل كما هو. فليخبرونا: هل القرآن الذي كان في اللوح المحفوظ هو حسب قرآن علي، أو قرآن ابن مسعود، أو أبي بكر، أو عمر، أو عثمان، أو عائشة؟
أخرج الطبراني (وهنا حذفنا الأسانيد لطولها) قال: قال لي عبد الملك بن مروان: لقد علمت ما حملك على حب أبي تراب، إلا أنك أعرابي جاف. فقلت: والله لقد جمعتُ القرآن من قبل أن يجتمع أبواك، ولقد علّمني منه علي بن أبي طالب سورتين علّمهما إياه رسول الله ما علِمتهما أنت ولا أبوك: اللهمّ إنّا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك. اللهمّ إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد. نرجو رحمتك ونخشى عذابك. إن عذابك بالكفار ملحق . وأخرج البيهقي أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهمّ إنّا نستعينك إلى آخر ما تقدم. وإنما عوضاً عن ونخشى عذابك قال: ونخشى نقمتك . وقالوا في مصحف ابن عباس: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهمّ إنّا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير، ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك . وفيه: اللهمّ إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد نخشى عذابك ونرجو رحمتك. إن عذابك بالكفار ملحق . قال العلماء (ومنهم الإمام فخر الدين) إن ابن مسعود كان ينكر أن سورة الفاتحة والمعوذتين من القرآن. وقال ابن حجر في شرح البخاري: قد صحَّ عن ابن مسعود إنكار ذلك . وأخرج أحمد وابن حبان عنه أنه كان لا يكتب المعوّذتين في مصحفه. وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وغيره، قال: كان عبد الله بن مسعود يحكّ المعوذتين من مصاحفه، ويقول إنهما ليستا من كتاب الله (الإتقان باب الجمع).
وأكد ابن حجر أنه حذفهما من قرآنه. وأخرج أبو عبيد بسند صحيح أنه أسقط الفاتحة أيضاً من مصحفه، ولما رأوا أن ذلك يحط بقدر القرآن قالوا إنه ترك الفاتحة لشهرتها. فهل تَرَك المعوّذتين لشهرتهما أيضاً؟ فإذا فعل ذلك فلا مانع إذا كان يترك القرآن كله لشهرته!
ورُوي أن عبد الله بن مسعود، لما أُمر بالمصاحف أن تُغيَّر وتُكتب على مصحف عثمان، ساءه ذلك وقال: أفأترك ما أخذتُ من فم رسول الله؟ لقد أخذت من فم رسول الله بضعاً وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب النبي أني من أعلمهم بكتاب الله . فهذا يدل على أن تغيير المصاحف كان جسيماً جداً، فكأن الذي تولّى مسألة التغيير والتبديل أقل منه علماً، ولم يأخذ من الرسول قدر ما أخذ هو. وانقلبت المسألة إلى تفاخرٍ وتنافسٍ وحب رئاسة. ولو كانوا أخذوا منه السبعين سورة واعتمدوا على نقله لكان ذلك يرضيه، والظاهر أنهم لم يفعلوا ذلك. (المصاحف للساجستاني باب كراهية ابن مسعود لنسخ المصحف).
اختلافهم في عصر محمد: كان الاختلاف حاصلاً في عصر محمد ذاته، فروى البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله، فكدت أساوره في الصلاة. فتربّصت حتى سلّم، فلبَبْته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأها؟ قال: أقرأنيها رسول الله. فقلت: كذبتَ، فإن رسول الله قد أقرأنيها على غير ما قرأتَ. فانطلقتُ به أقوده إلى رسول الله، فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تُقرئنيها. فقال رسول الله: إقرأ يا هشام. فقرأ عليه القراءة التي سمعتُه يقرأها. فقال رسول الله: هكذا أُنزلت. ثم قال النبي: إقرأ يا عمر، فقرأت بقراءتي التي أقرأني، فقال رسول الله: هكذا أُنزلت. إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسّر منه (صحيح البخاري باب أُنزل القرآن على سبعة أحرف).
والذي نعلمه أن الحق واحد، ولا بد أن أحد هذين الشخصين كان مخطئاً، والآخر كان مصيباً. ولكن محمداً لم يرد أن يغضب واحداً ويُرضي آخر، فأرضى كليهما على حساب الحقيقة.
ولما رأى علماء المسلمين أن الساقط من القرآن شيء كثير، وأن هذا يخل به، اغتفروا عن السواقط بقولهم إنه يوجد من أنواع الناسخ ما نُسخت تلاوته دون حكمه. ولكن: ما الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم؟ ولماذا لم تبقَ التلاوة ليجتمع العمل بحكمهما وثواب تلاوتهما؟ وأجاب صاحب الفنون بأن ذلك ليُظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به بأيسر شيء . وهو أمر غريب، فإنه إذا كانت الأمة تنكص مع صراحة النصوص عن طاعة الأوامر واجتناب النواهي، فهل نتَصوَّر أنها تأتي بأعمالٍ لم يرد عنها نص؟ وهل يليق بعدل الله أن يدين الناس بحسب شريعةٍ مفقودة غير موجودة؟ فإذا كان الحاكم الأرضي الميَّال إلى الظُلم لا يؤاخِذ أمته بقوانين لا وجود لها، فكيف نتصوّر أن الديان العادل الحكيم العليم يؤاخذ الناس ويدينهم بحسب شريعة لا وجود لأقوالها، ويكلّفهم فوق وسعهم؟
ولكن لما رأى العلماء أنه لا يوجد شيء يغتفرون به عن السواقط القرآنية وعن المناقضات سوى الناسخ والمنسوخ، تستَّروا به، لأن السواقط والمناقضات كثيرة ومربكة وتحيّر العقول.
ضياع وحذف:
قال أبو عبيد: حدثنا إسماعيل بن ابراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، قال: ليقولنّ أحدكم قد أخذت القرآن كله، وما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير. ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر . وقال حدثنا ابن أبي مريم عن أبي لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تُقرأ في زمن النبي مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن . وقال حدثنا اسماعيل بن جعفر (حذفنا الأسانيد) قال لي أُبيّ بن كعب: كأيِّنْ تُعد سورة الأحزاب؟ قلت: 72 آية أو 73 آية. قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم. قلت: وما آية الرجم؟ قال إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله، والله عزيز حكيم (الإتقان باب الناسخ والمنسوخ و القرآن المجيد لدروزة).
ورد في الحديث: لقد أقرأنا رسول الله آية الرجم: الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة. قال عمر: لولا أن تقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها (يعني آية الرجم). وقال في البرهان: ظاهره أن كتابتها جائزة، وإنما منعه قول الناس .
حدَّث حجّاج عن ابن جريح قال: أخبرني ابن أبي حميد عن حميدة بنت أبي يونس، قالت: قرأ عليَّ أَبِي، وهو ابن ثمانين سنة، في مصحف عائشة: إن الله وملائكته يُصلّون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً، وعلى الذين يصلّون الصفوف الأولى . قالت: قبل أن يغيّر عثمان المصاحف (الإتقان للسيوطي باب الناسخ والمنسوخ).
وحدث عبد الله بن صالح عن هشام وعن أبي واقد والليثي قال: كان رسول الله إذا أُوحي إليه أتيناه فعلَّمنا ما أُوحي إليه. فجئت ذات يوم فقال إن الله يقول: إنَّا أنزلنا المال لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو أن لابن آدم وادياً لأحبّ أن يكون إليه الثاني، ولو كان له الثاني لأحب أن يكون إليهما الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب .
وأخرج الحاكم في المستدرك عن أبي بن كعب قال: قال لي رسول الله إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، فقرأ: ألم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ومِن بقيّتها: لو أن ابن آدم سأل وادياً من المال فأعطيه سأل ثانياً. وإن سأل ثانياً فأعطيه سأل ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب، وإن ذات الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية، ومن يعمل خيراً فلن يكفره (الإتقان للسيوطي باب الناسخ والمنسوخ).
أين ذهبت هذه الآيات، وقد عهدنا حسب اصطلاحهم أن الآية تنسخ آية مثلها؟ فهل يجوز أن نأتي بآية وننسخ ما لا وجود له؟ فالشيء المعدوم لا يحتاج إلى نسخ، فإنه منسوخ من ذاته، فحينئذ يثبت ما قلناه، وهو أنه ضاع من القرآن شيء كثير. على أنه لا يجوز النسخ مطلقاً في كلام الله سبحانه.
ضياع سورة نحو التوبة:
قال أبو عبيدة: حدثنا الحجّاج (إلى أن قال) عن أبي موسى الأشعري قال: نزلت سورة نحو التوبة ثم رُفعت، وحُفظ منها أن الله سيؤيد هذا الدين بأقوامٍ لا خِلاق لهم. ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنَّى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب (إتقان باب الناسخ والمنسوخ).
حذف أشياء كثيرة من القرآن:
(1) قال ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري: كنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات، نسيناها. غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم، فتُسألون عنها يوم القيامة (إتقان باب الناسخ والمنسوخ).
(2) حدث الحجاج عن سعيد الحكم بن عتيبة عن عدي، قال: كنا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم . ثم قال لزيد بن ثابت: أكذلك؟ قال: نعم.
(3) ومن ذلك أيضاً أنهم رووا أنه أنزل: إن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة . فإنّا لا نجدها. أُسقطت فيما أُسقط من القرآن.
(4) ورووا أيضاً (وقد حذفنا الأسانيد) إن مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم: أخبروني بآيتين في القرآن لم يُكتبا في المصحف، فلم يخبروه. وعنفهم أبو الكنود سعد بن مالك. فقال مسلمة: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ألا أبشروا أنتم المفلحون. والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرّة عين جزاء بما كانوا يعلمون .
(5) ورد في الصحيحين عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة الذين قتلوا قال أنس: ونزل فيهم القرآن قرأناه حتى رُفع: إن بلّغوا عنا قومنا إنّا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا .
(6) وفي المستدرك عن حذيفة قال ما تقرأون ربعها (يعني سورة التوبة).
(7) وكذلك شطبوا سورتي القنوت و الوتر وتسمّيان الخلع والحفد .
(8) ويقال إن علياً أسقط آية المتعة، وإنه سمع رجلاً يقرأها على عهده، فدعاه وضربه بالسوط، وأمر الناس ألا يقرأها أحد. وكان ذلك بعض ما شنَّعت به عليه عائشة فقالت: إنه يجلد على القرآن ويضرب عليه وينهى عنه، وقد بدّل وحرّف .
هذه هي أقوال علماء أهل السُنّة في قرآنهم ويمكن مراجعتها في كتبهم كالإتقان للسيوطي والبرهان للزراكشي وغيرهم.
أما الشيعة فلم يختلف موقفهم كثيراً. لقد أوردنا نص سورة النورين التي قيل إنها حُذفت من مصحف عثمان، وسنورد فيما يأتي بعض الآيات التي ادّعى الشيعة أن عثمان قد حرّفها، وهي أكثر من مئتي آية، نكتفي بذكر بعضها، وقد اعتمدنا في نقلها على كتب أئمة الشيعة، دون أي تعليق منا:
- 1 - إدّعاؤهم أن هناك سورة اسمها سورة الولاية حذفها الصحابة من المصحف، وهاك نصّها:
يا أيها الرسول بلّغ إنذاري فسوف يعلمون.
قد خسر الذين كانوا عن آياتي وحكمي مُعرِضون.
مثل الذين يوفون بعهدك إني جزيتهم جنّات النعيم.
إن الله لذو مغفرةٍ وأجرٍ عظيم. وإن علياً لمن المتّقين.
وإنّا لنوفيه حقه يوم الدين.
ما نحن عن ظلمه بغافلين، وكرّمناه على أهلك أجمعين.
فإنه وذريته الصابرون.
وإن عدوَّهم إمام المجرمين.
قل للذين كفروا بعد ما آمنوا أَطَلبْتُم زينة الحياة الدنيا واستعجلتم بها ونسيتم ما وعدكم الله ورسوله ونقضتم العهود من بعد توكيدها.
وقد ضربنا لكم الأمثال لعلكم تهتدون.
يا أيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات بيّنات.
فيها من يتوفاه الله مؤمناً ومن يتوله من بعدك يظهرون.
فأعرض عنهم إنهم مُعرضون.
إنّا لهم مُحضرون في يوم لا يغني عنهم شيء ولا هم يرحمون.
إن لهم في جهنم مقاماً عنه لا يعدلون.
فسبّح باسم ربك العظيم وكن من الساجدين.
ولقد أرسلنا موسى وهارون بما استخلف فبغوا هارون.
فصبر جميل.
فجعلنا منهم القردة والخنازير ولعنَّاهم إلى يوم يُبعثون.
فاصبر فسوف يُنصرون.
ولقد آتينا بك الحكم كالذين من قبلك من المرسلين.
وجعلنا لك منهم وصياً لعلهم يرجعون.
ومن يتول عن أمري فإني مُرجعه فليتمتعوا بكفرهم قليلاً.
فلا تُسئل عن الناكثين.
يا أيها الرسول قد جعلنا لك في أعناق الذين آمنوا عهداً فخُذْه وكن من الشاكرين.
إن علينا قانتاً بالليل ساجداً يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربه.
قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون.
سيجعل الأغلال في أعناقهم وهم على أعمالهم يندمون.
إنّا بشّرناك بذريته الصالحين.
وإنهم لأمرنا لا يخلفون.
فعليهم منّي صلوات ورحمة أحياءاً وأمواتاً يوم يُبعثون.
وعلى الذين يبغون عليهم من بعدك غضبي إنهم قوم سوء خاسرون.
وعلى الذين سلكوا مسلكهم منّي رحمة وهم في الغرفات آمنون.
والحمد لله رب العالمين
( فصل الخطاب للنوري ص 110).
- 2 - إبراهيم القمي عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله أنه قرأ الفاتحة: اهدنا الصراط المستقيم، صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم، وغير الضالين .
وذكر الطبرسي: وقرأ: غير الضالين عمر بن الخطاب (تفسير القمي 1 29).
- 3 - عن جابر عن أبي جعفر قال: نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد هكذا: “وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَّزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ; (البقرة 2: 23) ((الكافي 2 - 381).
- 4 - عن أبي جعفر قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد هكذا: فبدّل الذين ظلمواآل محمد حقهم قولاً غير الذي قيل لهم، فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد حقهم رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون (البقرة 2: 59) (تفسير القمي 1 - 48).
- 5 - عن إسحاق بن إسماعيل عن أبي عبد الله قال: فما جزاء من يفعل ذلك منكم ومن غيركم إلا خزيٌ في الحياة الدنيا (البقرة 2: 85) (فصل الخطاب 213)
- 6 - عن جابر عن أبي جعفر قال: نزل جبرئيل هكذا: بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله في عليٍّ بغياً (البقرة 2: 90) (فصل الخطاب الكافي 2 - 380).
- 7 - عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله في قوله عز وجل: وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله في عليّ قالوا نؤمن بما أنزل علينا (البقرة 2: 91) (فصل الخطاب 205).
- 8 - عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عن قوله تعالى: ما ننسخ من آية نُنْسها نأت بخير منها أو مثلها (البقرة 2: 106) فقال: كذبوا ما هكذا هي نزلت إذا كان ننسخها ويأت بمثلها لم ينسخها؟ قلت: هكذا قال الله. قال: ليس هكذا قال الله. قلت: كيف؟ قال: ليس فيها ألف ولا واو (أي أو) وقال: ما ننسخ من آية ننسها نأت بخير منها مثلها (تفسير القمي 1 - 58).
- 9 - “وجَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ; (البقرة 2: 143) (فصل الخطاب 213).
- 10 - عن أبي عبد الله: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى في عليّ (البقرة 2: 159) (فصل الخطاب 207).
- 11 - عن أبي بكر بن محمد قال: سمعت أبا عبد الله يقرأ: وزُلزلوا ثم زُلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا متى نصر الله (البقرة 2: 214) (فصل الخطاب 207).
- 12 - عن ابن سنان عن أبي عبد الله أنه قرأ: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين (البقرة 2: 238) (فصل الخطاب 207).
- 13 - عن عمرو بن جابر في قوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج مخرجات (البقرة 2: 240) (فصل الخطاب 210).
- 14 - قال الباقر: والذين كفروا بولاية على بن أبي طالب أولياؤهم الطاغوت (البقرة 2: 257) قال: نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا (فصل الخطاب 210).
- 15- عن أبي الحسن في أن البقرة 261 تقول: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل، في كل سنبلة مئة حبة، أو أكثر من ذلك .(فصل الخطاب 213)
- 16 - عن أبي الحسن في قوله عز وجل: والذين يأكلون الربا لا يقومون يوم القيامة إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس (البقرة 2: 275) (فصل الخطاب 213).
- 17 - عن حمران بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله يقرأ: إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران
وآل محمد على العالمين (آل عمران 3: 33) ثم قال: هكذا نزلت (فصل الخطاب 213).
- 18 - عن الحكم بن عيينة عن أبي جعفر في قوله تعالى: يا مريم اقنتي لربك واسجدي شكراً لله واركعي مع الراكعين (آل عمران 3: 43) (فصل الخطاب 214).
- 19 - عن الحسن بن خالد قال: قال أبو الحسن الأول: كيف تقرأ هذه الآية يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون (آل عمران 3: 102) ماذا؟ قلت: مسلمون. فقال: سبحان الله! يوقع الله عليهم اسم الإيمان فيسمّيهم مؤمنين ثم يسألهم الإسلام. والإيمان فوق الإسلام. قلت: هكذا يقرأ في قراءة زيد. فقال إنما هي في قراءة عليّ، عليه السلام وهي التنزيل الذي نزل به جبرئيل على محمد: إلا وأنتم مسلمون لرسول الله ثم
الإمام من بعده (فصل الخطاب 216).
- 20 - عن ابن سنان قال: قرأت على أبي عبد الله: كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر (آل عمران 3: 110) فقال أبو عبد الله: خير أمة يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين؟ فقال القارىء: جُعلت فِداك! كيف نزلت؟ قال: خير أئمة أُخرجت للناس ألا ترى مدح الله لهم تأمرون بالمعروف وتنهَوْن عن المنكر (فصل الخطاب 217).
- 21 - عن أبي بصير قال: قرأت عند أبي عبد الله: لقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلّة (آل عمران 3: 123) فقال: مه! والله ليس هكذا أنزلها الله، إنما أنزلت: وأنتم قليل (فصل الخطاب 218).
- 22 - قوله تعالى: ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون (آل عمران 3: 128) فقال أبو عبد الله: إنما أنزل الله: لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون (فصل الخطاب 218 219).
- 23 - عن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله في قول الله: سيطوقون ما بخلوا به من الزكاة يوم القيامة (آل عمران 3: 180) (فصل الخطاب 219).
- 24 - عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر قال: ليس من مؤمن إلا وله قتله وموته. إنه من قُتل نُشر حتى يموت، ومن مات نُشر حتى يُقتل. ثم تلوت على أبي جعفر. هذه الآية: كل نفس ذائقة الموت (آل عمران 185). فقال هو: ومنشورة. قلت: قولك ومنشورة ما هو؟ فقال: هكذا نزل بها جبرئيل على محمد: كل نفس ذائقة الموت ومنشورة (فصل الخطاب 219).
- 25 - عن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله قال: إنما نزلت: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجَلٍ مُسمّى فآتوهن أجورهن فريضة (النساء 4: 24) (فصل الخطاب 220).
- 26 - عن حمزة بن الربيع، قال أبو عبد الله: يومئذٍ يودّ الذين كفروا وعصوا الرسول وظلموا آل محمد حقّهم لو تُسَوَّى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثاً (النساء 4: 42) (فصل الخطاب 225).
- 27 - عن أبي الحسن في قوله عز وجل: أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء وسبق لهم العذاب وعِظهم وقُل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً (النساء 4: 63) (فصل الخطاب 225).
- 28 - عن زرارة عن أبي جعفر قال: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك يا عليّ فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً (النساء 4: 64) هكذا نزلت. (فصل الخطاب 225).
- 29 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله في هذه الآية: ثم لا يجدوا أنفسهم حرجاً مما قضيت في أمر الولاية ويسلّموا لله الطاعة (فصل الخطاب 225. تفسير القمي 1 142). و عن جابر عن أبي جعفر: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضى محمد وآل محمد ويسلّموا تسليماً (فصل الخطاب 225). وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله قال: حتى يحكموا محمد وآل محمد ولا يجدون في أنفسهم حرجاً (النساء 4: 65) (فصل الخطاب 226).
- 30 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله: ولو أنّا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم، وسلِّموا للإمام تسليماً، واخرجوا من دياركم رضا له، ما فعلوه إلا قليلٌ منهم. ولو أن أهل الخلاف فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً (النساء 4: 66). وعن جابر عن أبي جعفر: ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به في عليّ لكان خيراً لهم (فصل الخطاب 226. الكافي 2 381).
- 31 - عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله في قوله عز وجل: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فأنا قضيتها (النساء 4: 79) (فصل الخطاب 226).
- 32 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال: إنما نزلت: لكن الله يشهد بما أنزل إليك في عليّ بعِلمه، والملائكة يشهدون، وكفى بالله شهيداً (النساء 4: 166) (فصل الخطاب 227).
- 33 - عن أبي حمزة عن أبي جعفر قال: نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا: إن الذين كفروا وظلموا آل محمدحقهم لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً إلا طريق جهنم (النساء 4: 168 و169) (فصل الخطاب 227).
- 34 - عن أبي حمزة عن أبي جعفر قال: نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا: يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم في عليّ فآمنوا خيراً لكم، وإن تكفروا بولايته فإن لله ما في السموات والأرض (النساء 4: 170) (فصل الخطاب 228).
- 35 - عن جابر عن أبي عبد الله: يا أيها الناس قد جاءكم برهانٌ من ربكم، وأنزلنا إليكم في عليٍّ نوراً مبيناً (النساء 4: 174) (فصل الخطاب 229).
- 36 - عن ابن أبي عمير عن أبي جعفر الثاني في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (المائدة 5: 1). قال: إن رسول الله عقد عليهم لأمير المؤمنين بالخلافة في عشرة مواطن ثم أنزل الله: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود التي عقدت عليكم لأمير المؤمنين (فصل الخطاب 229).
فهذه الأقوال على محمد والقرآن هي المدوَّنة في كُتب أئمة الشيعة التي يعتقدون بها. ولم نورد كلام الملاحدة أو كلام مختلّي العقول.
وتلخيصاً لما قلناه نقول:
(1) قُبض محمد ولم يُجمع القرآن في صحف ولا في مصحف.
(2) قال محمد: خذوا القرآن من أربعة فماتوا في الحرب، ولم يُجمع القرآن. فكان ذلك موجباً لطعن الملاحدة فيه وقالوا: أنه تغيّر وتبدّل. وبما أنه كانت حزازات بين عثمان وبين علي، حذف عثمان ما كان يُشعِر بمدح علي.
(3) لما رأى أبو بكر موت كثيرين من حَفَظة القرآن، لأن القتل استحر يوم اليمامة بهم، أمر بجمع القرآن، فقاوموه، إلى أن أقنعهم بذلك.
(4) كان جمع القرآن أثقل من الجبال لأنه كان مفرّقاً في العُسب واللخاف والرقاع وقطع الأديم والأكتاف والأضلاع، وكان يجمعه زيد بشهادة اثنين وبشهادة واحد أيضاً من الأعراب، الذين شهد عنهم القرآن بأنهم أشد كفراً ونفاقاً.
(5) قال عكرمة: لو اجتمعت الإنس والجن لما أمكنهم أن يجمعوا القرآن الأول فالأول كما أُنزل.
(6) ضاعت نُسخ المصاحف القديمة، وكان ببعضها الناسخ والمنسوخ.
(7) ضاعت أشياء من القرآن، حتى قال عمر: إنَّا لله.
(8) حصل الخلاف مدة خلافة عثمان حتى اقتتلوا، فجمع نسخة وأحرق النُسخ الباقية.
(9) رتّبوا الآيات والسور حسب اجتهادهم فجاءت مقتضَبة.
(10) كانت سورة التوبة قدر سورة البقرة ولكنهم أسقطوا منها.
(11) اختلاف المصاحف، فمصحف ابن مسعود 112 سورة ومصحف أُبيّ 116 سورة.
(12) سقوط سورتي الوتر والخلع.
(13) حذف ابن مسعود الفاتحة من مصحفه، وكذلك حذف المعوذتين، لأنها ليست من القرآن.
(14) حصول خلاف بين عثمان وابن مسعود لحرق عثمان المصاحف الأخرى، وعدم رضا ابن مسعود بإعطائه مصحفه.
(15) عدم أخذ عثمان لمصحف علي أيضاً لئلا يتباهى عليه.
(16) كانت سورة الأحزاب مائتي عدداً (قدر سورة البقرة). أما الآن فهي 72 عدداً أو 73.
(17) حذفوا آية الرجم.
(18) وجود الصلاة على محمد في القرآن قبل أن يغيّر عثمان المصاحف.
(19) حذف الآيات بالطمع في الأموال.
(20) حذف قصة أصحاب بئر معونة.
(21) حذف سورة تشبه سورة المسبّحات.
(22) أسقط الحجاج بن يوسف من القرآن ما نزل في بني أُميَّة وبني العباس وأحرق المصاحف أيضاً، وغيَّر في القرآن في إحدى عشرة آية.
(23) قال علماء الشيعة إن هناك أكثر من مائتي آية قد حُرّفت وبُدّلت، أوردنا بعضها.
ماذا عن الكتاب المقدس؟
لم يقل أحد بإحراق نسخة قديمة من أحد أسفار الكتاب المقدس وعمل نسخة جديدة، أو أن أحداً حذف آية لنزولها في حق شخص، أو غير ذلك مما حصل في القرآن. ومع كل ذلك فبعض المسلمين يدّعون على المسيحيين واليهود بأنهم حرّفوا وغيّروا وبدّلوا، وهذا كلام ناشيء عن تعصّب وطيش وخفة وعدم تروٍّ في الأمر، وعدم اطِّلاعٍ على مستندات المسيحيين، لأنهم لا يرغبون في الحق. لو أنهم أطَّلعوا على أحوال قرآنهم وكيفية جمعه، وكيف غيّروهوبدَّلوه، حسب أقوال علمائهم، لعرفوا أنه هو الذي تغيّر وتبدّل.
- عدد الزيارات: 28377