كيف يتسنى لله البار أن يبرّر الخاطئ - الطريقة الوحيدة التي بواسطتها نقدر أن نتعرّف على طبيعة الله هي الإعلان
ولكن كيف يمكن أن يكون هذا؟ إن مفتاح الأمر موجود في طبيعة الوحدة التي بها تتميّز الطبيعة الإلهية. والطريقة الوحيدة التي بواسطتها نقدر أن نتعرّف على طبيعة الله هي الإعلان؛ إذ أن عملية التأمل أو التفكّر عند الإنسان عاجزة عن تحديدها. وإعلان الله في الكتاب المقدس يدل على أن وحدة جوهره الإلهي هي وحدة واحدة، غير أن هذه الوحدة تقوم في وحدانية جامعة. فعندما يقول الكتاب المقدس: 'الرب إلهنا ربّ واحد' (تثنية 4:6) تشير الكلمة الأصلية 'واحد' إلى وحدة جامعة.
والوحدانية الجامعة التي فيها تقوم وحدة الجوهر الإلهي تكمن في أنه، بينما يوجد إله واحد لا غير، إلا أن هذه الوحدة الواحدة تقوم في ثلاثة 'أقانيم'. فالكتاب المقدس يتكلم عن الله الحقيقي الواحد على أنه 'الآب' و 'الابن' و 'الروح القدس' وليس هؤلاء مجرّد أسماء تُطلق على الله بالتناوب، بل إنهم أقانيم حقيقيون كل منهم مميّز، أزلاً، عن الآخرين داخل الجوهر الإلهي الوحدوي.
والآب والابن والروح القدس، وإن كان أحدهم يتميّز عن الآخرين، إلا أنهم واحد، متساوٍ في الجوهر والقداسة والجلال. وعندما يعمل الآب، فإنما الله هو الذي يعمل؛ وعندما يعمل الابن، فإنما الله هو الذي يعمل؛ وعندما يعمل الروح القدس، فإنما الله هو الذي يعمل. فثمة وحدة واحدة في الجوهر الإلهي الوحدوي القائم في الثالوث الأقدس كما أنه توجد وحدة واحدة في عمل أقانيم الثالوث الأقدس.
وكان في سبيل هذه الوحدة أن الله أحبّ العالم، بحيث شاء الظهور فيه في الجسد عن طريق ابنه، وحمل قصاص خطية العالم بنفسه. وعندما يتكلم الكتاب المقدس عن المسيح على أنه ابن الله، لا يعني بذلك أن الله أوجده من العدم، أو أن الله خلقه في زمن من الأزمان؛ ولا يعني طبعاً أن الله أنجب يسوع نتيجة تناسل جسدي (نستغفر الله لذكر الفكر السخيف). فقد دُعي ابن الله بسبب العلاقة التي له، أزلاً، بالآب والروح القدس في الجوهر الإلهي – ثلاثة أقانيم في الجوهر الواحد، وليس ثلاثة أشخاص، أو ثلاثة آلهة. وعندما يعلن الله نفسه للإنسان، إنما يفعل ذلك عن طريق الابن، يسوع المسيح. ولنا تصريح الوحي الإلهي بهذا الصدد: 'الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر' (يوحنا 18:1).
- أنشأ بتاريخ .
- عدد الزيارات: 9782