كيف يتسنى لله البار أن يبرّر الخاطئ - تجلّت حقيقة شخصية الله في حياة يسوع المسيح
وقد تجلّت حقيقة شخصية الله في حياة يسوع المسيح، التي هي حياة المحبة، والحنان، والطهارة، والبرّ، والتنازل. لم يأتِ المسيح إلى العالم فقط بالهيئة الخارجية للإنسان، مع أنه لم يتخلّ عن جوهره الإلهي قطّ، بل أصبح إنساناً حقاً إذ وُلد في بيت بسيط متواضع وتعامل مع المساكين والمضطهدين. كان يهتمّ بالمظلومين والمرفوضين، وقد شفى المرضى، وأحيا الأطراف اليابسة.. فتح عيون العمي وآذان الصمّ.. أقام المقعدين وطهّر البرص.. عزّى المنسحقين بالروح.. أحيا الموتى.. وغفر الخطايا، مما أدهش الناس في أيامه وجعلهم يصرخون قائلين: 'لم يتكلّم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان' (يوحنا 46:7) بهذا السلطان وبهذه النعمة. وحتى أولئك الذين لم يقبلوا رسالته أقرّوا معترفين أن ليس فيه علة واحدة (يوحنا 4:19). ولم يكن فقط بلا إثمٍ وكاملاً في كل ناحية، بل أيضاً كان هو إعلان الله الحاسم والنهائي، إذ لم يكن من الممكن أن يكون بخلاف ذلك، لأنه هو ابن الله الذي هو، أزلاً، في حضن الآب (يوحنا 18:1).
لكن مع أن المسيح يسوع قد جاء إلى العالم ليُظهر الله للإنسان، فإن ذلك لم يكن السبب الوحيد لمجيئه. فقد قال أنه جاء 'ليبذل نفسه فدية عن كثيرين' (متى 28:20). وكان يتكلم، تكراراً عن موته على الصليب وعن قيامته من الأموات بعد ثلاثة أيام (متى 21:16). وعندما أخبر تلاميذه للمرة الأولى أنه سيُصلب، لم يقدروا أن يفهموا ذلك الأمر أو يقبلوه. فقد ظنوا أنه ليس من اللائق أن يموت على الصليب وهو 'المسيح المنتظر' وابن الله الحيّ. أجاب يسوع بأن رفض فكرة موته ليس من الله بل من الشيطان (متى 16:16-23). وفي الواقع صرّح يسوع بأنه ينبغي له أن يموت صلباً ويقوم من الأموات من أجل الآخرين (يوحنا 24:12-33). ومع ذلك فقد أوضح أن موته سيكون عملاً اختيارياً، قَبِلَه بمحض إرادته. قال إن أحداً لا يقدر أن يأخذ حياته منه، بل هو يضعها من ذاته، وله سلطان أن يضعها، وله سلطان أن يأخذها أيضاً (يوحنا 17:10-18).
إن موت المسيح على الصليب، قد ذُكر في العهد الجديد بصورة حية. فتركّز الاهتمام على آلامه، وموته، وقيامته، أكثر من أي أمر آخر في حياته الأرضية. وثمة أربع وثائق تاريخية هي بشائر متى ومرقس ولوقا ويوحنا، تشهد على صحة هذه الحوادث بكل حذافيرها. هذه روايات شهود عيان، وهي مجتمعة تفي بمطالب المبدأ القانوني الهام الوارد في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 1:13 'على فم شاهدَين أو ثلاثة تقوم كل كلمة'. وقد أشير إلى موت المسيح وقيامته مئات المرات خلال أسفار العهد الجديد، وفي كتابات إنجيلية إضافية أيضاً. إن محور الإيمان المسيحي هو الإنجيل الذي تتلخّص بشارته السارة في أن المسيح مات من أجل خطايانا، وأنه دُفن وأنه قام في اليوم الثالث كما تنبأ بذلك العهد القديم (1كورنثوس 1:15-4).
- أنشأ بتاريخ .
- عدد الزيارات: 9781