Skip to main content

حياة المسيحي وسلوكه - يُعرف المسيحي الحقيقي بسلوكه وطاعته لناموس المسيح

الصفحة 4 من 4: يُعرف المسيحي الحقيقي بسلوكه وطاعته لناموس المسيح

يُعرف المسيحي الحقيقي بسلوكه وطاعته لناموس المسيح، فإن رأينا أحداً يدَّعي أنه مسيحي وهو يخالف وصايا المسيح فهو مرائي ومنافق ويحمل وزر نفسه. فإذا دُعي المسلم إلى الجهاد واندفع إلى ميدان القتال يسفك دماء الأعداء إلى أن مات محاطاً بالقتلى فقد برهن للملأ صحة إسلامه (كما جاء في سورة التوبة 9 :111). كما أنه إذا دُعي الطبيب المسيحي المرسل إلى مقاومة الطاعون والكوليرا يكافح ذلك العدو الفتاك معرضاً نفسه لخطر الموت لافتداء بني جنسه من كل دين، فهو يبرهن نسبته إلى الديانة المسيحية. ولكن إذا اقتدى المسلم بالمسيحي بمعالجة المرضى لم يعتبره إخوانه تابعاً لرسول السيف. وإذا اقتدى المسيحي بالمسلم في سفك الدماء لم يعتبره إخوانه تابعا لرسول السلام. فكما أن الشجرة تُعرف من أثمارها يُعرف المسيحي الحقيقي من أعماله، ونقول كما قلنا إن ادّعى أحدٌ أنه مسيحي وتصرف بالخيانة ضد هذا الدين الصالح، لا يحكم عليه أهل دينه فقط بل نفس الذين يدينون بالإسلام، قائلين : ليس هذا بمسيحي حقيقي، وعليه فقد يشهدون ضمناً بطهارة وقداسة الإيمان المسيحي. قال الرسول يوحنا "مَنْ يَفْعَلُ البِرَّ فَهُوَ بَارٌّ، كَمَا أَنَّ ذَاكَ - المسيح - بَارٌّ. مَنْ يَفْعَلُ الخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لِأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ البَدْءِ يُخْطِئُ. لِأَجْلِ هذا أُظْهِرَ ا بْنُ اللّهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ" (1يو 3 :7 و8) وعليه فكل احتجاج على المسيحية، بسبب أن بعضاً من المدَّعين بها يسلكون بغير استقامة، !
ثم نقول أخيراً أن ألد أعداء الديانة المسيحية يسلّمون أنه يوجد مسيحيون حقيقيون متفرقون في أماكن مختلفة لا ينكر أحد تقواهم وتفانيهم في فعل الخير من رجال ونساء، بعضهم مرسلون وبعضهم صناع وتجار وأصحاب أشغال متنوعة من المهن والحرف الشريفة. وشهدت الأعداء أن لا ديانة أخرى على وجه الأرض تُعد مثل هؤلاء الصالحين. نعم أية ديانة ترسل مرسلين إلى كل أجزاء العالم حتى مجاهل أفريقيا والجزائر البعيدة، منهم المرسلون الأطباء والممرضون لكل أنواع الأمراض؟ أية ديانة تغادر سيداتها الأهل والوطن ويقطعن البحر والبر حتى يخدمن في مستشفيات البرص في بلاد الهند؟ وأية ديانة ضحَّت بالمال والرجال في تحرير العبيد وأعتقتهم من رق العبودية؟
واعلم إن تأثير المسيحية لا يقتصر في تحويل الجفاء والخشونة إلى لطف ومحبة على أمة دون أمة مثل التأثير على الأمم المتمدنة أكثر من الهمجية، كلا! بل تؤثر في الكل على السواء، ففي الهند والصين واليابان ومصر والعجم، وفي أية أمة وبلاد يُكرز بإنجيل المسيح، توجد أمثلة كثيرة لأتقياء المسيحيين رجالاً ونساء، حوَّلهم الإنجيل من قساوة القلب وحياة الإثم والرذيلة إلى مثال التقوى والفضيلة والمحبة، وذلك منذ اعتنقوا المسيحية. وكم منهم احتمل الاضطهاد والتعذيب لأجل خاطر المسيح حتى الموت فأمثال هؤلاء رسائل المسيح الحية المعروفة والمقروءة من جميع الناس (2كو 3 :2 و3).
وهنا نعترف أنه لسوء الحظ يوجد بين طوائف النصارى من يقدمون العبادة لبعض القديسين وللعذراء مريم، ويسجدون للصور والتماثيل، إلا أن هذه العبادة محرَّمة بموجب نصوص كثيرة من أسفار العهدين أي التوراة والإنجيل (خر 20 :3-5 ويو 14 :6 و1تي 2 :5). وكم حذرنا الإنجيل من عبادة الأصنام بما لا يدخل تحت حصر (1كو 5 :10 و11 و6 :9 و10 :7 و14 وغل 5 :20 وأف 5 :5 وكو 3 :5 و1بط 4 :3 ورؤ 9 :20 و21 :8 و22 :15) وقد امتلأت صحائف التوراة من العقوبات التي حاقت بالأمة الإسرائيلية بسبب عبادة الأصنام، وحيث أن الكتاب المقدس ينهى عن هذه العبادة فليس من الصواب أن نتخذها دليلاً للاحتجاج به ضدّ الديانة المسيحية، كما ليس من الصواب أن نتخذ عبادة الأولياء وغيرهم عند بعض المسلمين حجة على الإسلام.
المسيحي الحقيقي هو الذي يقتدي بالمسيح في حياته ويشهد له شهادة ملموسة بارزة من خلال أعماله اليومية، إلا أن الكنيسة المنظورة
تشتمل كما قال المسيح على الحنطة والزوان (مت 13 :24-30 و36-43) والعاقل يميز بين الحنطة والزوان، وبين الطيب والخبيث، والعملة المزيفة لا تكون حجة على العملة الحقيقية، والتاجر المدرب يميز هذه من تلك.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 9860