Skip to main content

حياة المسيحي وسلوكه - المسيحي الحقيقي يعبد الله بإخلاص وحق

الصفحة 2 من 4: المسيحي الحقيقي يعبد الله بإخلاص وحق

المسيحي الحقيقي يعبد الله بإخلاص وحق (يو 4 :24) ويشتهي أن يبقى على الدوام شاعراً أنه في حضرة الله، ويأتي إليه كل حين كطفل يأتي إلى أبيه الحبيب عالماً مدى عنايته به. فإن طلب طفل من أبيه شيء يطلبه بأسلوب طبيعي عفوي وليس بكلمات رسمية من الأقوال المرتبة، ومثل ذلك المسيحي إذا طلب من أبيه السماوي شيئاً فليس عليه أن يتلو عبارات معينة، ولا أقوالاً بلغة قديمة مقدسة، لأنه يفهم أن الله مستعد أن يسمع الصلاة أكثر من استعداد المصلي للصلاة، وأن هباته أكثر مما نطلب أو نفتكر الله، وأنه يعلم احتياجنا قبل أن نسأله. وما أقل درايتنا بأحسن الأشياء لنا لذا ينبغي للمصلي إذا طلب شيئاً من متاع الدنيا أن يطلبه تحت هذا الشرط إن شاءت إرادتك يا رب وأما إن طلب طلبة روحية فيطلبها بلا شرط ولا قيد، عالماً أن الأشياء الروحية جميعها صالحة لنفسه وأن الله أعدها له، إن كان إنسان قد وُلد الميلاد الجديد الروحي (يو 3 :3 و5) واستنار ذهنه بإرشاد روح الله القدوس، لا يصلي فقط بل يرتل لله في قلبه كل حين ويسبحه على جوده وإحسانه، ويثابر على معاشرته، وكل ما يعمله فلمجد اسمه، عالماً أنه فاحص القلوب لا تُخفى عليه خافية، ويجاهد في تذليل كل فكر تحت سلطان محبته، مستودعاً نفسه وأعزاءه بين يدي محبته متلذذاً بالسلام والطمأنينة المظللة على قلبه وروحه (مت 6 :5-15 ولو 18 :1-8 ويو 16 :23 وفي 4 :6 و7 و1تس 5 :17 و18 و1 يو 5 :14 و15 ويع 1 :5-8).
وفضلاً عن الصلاة الانفرادية فإن أغلب المسيحيين يصلون صلوات أخرى مثل الصلاة المعروفة بالصلاة العائلية، حيث يجمع الرجل زوجته وأولاده حوله ويقرأ لهم شيئاً من الكتاب المقدس ويصلي معهم طالباً المغفرة والبركة من الله على نفسه وعلى أهل بيته، ومثل الصلاة الجمهورية حيث يذهب المسيحي إلى الاجتماع سواء كان في دار اعتيادية أو كنيسة، وخصوصاً في أيام الآحاد، اليوم الذي قام فيه المسيح من الموت، ويتحد مع جمهور العابدين لسماع الإنجيل والوعظ وللصلاة والتسبيح تحت ملاحظة خدام الدين، وهم رجال يدعوهم الله، وهم مدرُّبون على خدمة الإنجيل بنوع خاص. وقد استحسنت بعض الطوائف أن تصلي في أثناء العبادة الجمهورية بصلوات معينة على أمل مساعدة العامة على العبادة، واستحسن البعض الآخر الصلاة الارتجالية، وحيث أن الله يعرف كل اللغات فهي عنده على حد سواء، ولا أفضلية للعبرانية ولا اليونانية على سائر اللغات الأخرى، إنما الواجب أن تكون العبادة بالإخلاص والروح والحق. وكذلك لا فرق بين موضع وآخر لتأدية العبادة، لأن المواضع كلها متساوية عند الله، فلا رسم ولا طقس ولا وضع خصوصي للعبادة إلا أن تكون بالروح والحق كما يعلمنا الإنجيل (يو 4 :24).
المسيحي الحقيقي يعتبر كل الناس إخوانه، ويرغب في مصلحة الغير كما يرغب في مصلحة نفسه، ويصنع الخير حسب طاقته مع الجميع في الروحيات والجسديات (مت 7 :12 و22 :39 و1كو 10 :24) لأن المسيح علمه ذلك القانون الذهبي (مت 7 :12) الذي لو سار بموجبه جميع الناس لأصبحت الأرض سماء، فهو يعامل الآخرين لا كما يعاملونه بل كما يحب أن يعاملوه، فإن كانوا مرضى يزورهم وإن جاعوا يطعمهم، وإن ضلوا عن الله يعلمهم ما علمه المسيح (مت 28 :19 و20) وبالجملة يحب الجميع ولا سيما أهل الإيمان (غل 6 :10 قارن مت 23 :8 ويو 13 :34 و35) بل يحب أعداءه ومضطهديه (مت 5 :44 و1تس 3 :12 و2بط 1 :5-7) عالماً أن المسيح مات من أجل هؤلاء الأعداء، وقد حدث أن أحد أعداء المسيح أصبح أحب أحبائه لأنه كان ضالاً ووجده الراعي الصالح وخلصه من بين أنياب الذئب (يو 10 :11-16).
تلميذ المسيح الحقيقي صادق ومستقيم ونقي القلب ولطيف (مت 5 :37 وأف 4 :25 ويع 4 :11 و12) يسعى جهد طاقته في بث روح الوحدة والوفاق بين الناس (رو 12 :18) يرثي للمتضايقين (رو 12 :15 وعب 13 :16) يقابل ما يصيبه من الأذى بالصبر الجميل مفوضاً أمره إلى الله (بشارة متى 11 :29 وأف 4 :25-32). أما إذا رأى الأذى يقع على غيره بغياً وعدواناً فإن الغضب الصالح يشتعل في قلبه ويندفع لإنقاذ المظلوم مهما كلفه ذلك من التضحية، وقد روي عن قوم مسيحيين قبلوا أن يُباعوا كالرقيق حتى يتمكنوا من مؤاساة وتعزية الأنفس الواقعة تحت عبودية قاسية.

المسيحي الحقيقي يعلم أنه خُلق لخدمة الله
الصفحة
  • عدد الزيارات: 9850