Skip to main content

في شهادة القرآن للتوراة والانجيل - لا يفتأ القرآن يذكر الكتاب المقدس بالاحترام والتعظيم ويلقّبه بأعظم الألقاب

الصفحة 6 من 6: لا يفتأ القرآن يذكر الكتاب المقدس بالاحترام والتعظيم ويلقّبه بأعظم الألقاب

وعدا ما تقدم لا يفتأ القرآن يذكر الكتاب المقدس بالاحترام والتعظيم ويلقّبه بأعظم الألقاب، مثل قوله كلام الله - سورة البقرة 2 :75 ويسميه بها "الفرقان" آية 53" وضياء وذكرى للمتقين" - سورة الأنبياء 21 :48 – "وكتاب الله" - سورة البقرة 2 :101. وفي البيضاوي وكتاب أسباب النزول يشير إلى مقام الكتاب المقدس في تفسير آية 23 من سورة آل عمران بأن محمداً طلب من اليهود التوراة لتكون حكماً بينه وبينهم. وفوق ذلك يفيد القرآن أن نوع الوحي الذي أُوحي به إلى محمد كالذي أوحي به إلى الأنبياء المتقدمين، كما يدل على ذلك قوله "قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُم"ْ - سورة آل عمران 3 :73 - وقوله "إِنَّا أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنبِيِّينَ مِنْ بَعْدِه"ِ - سورة النساء 4 :162 - وقوله "كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيم"ُ - سورة الشورى 42 :3. مما ذكر نعلم أن التنزيل المنسوب إلى القرآن يجب أن ينسب إلى الأسفار المتقدمة عليه حيث أن من أول البديهيات المسلم بها في علم أصول الهندسة هو أنه إذا ساوى شيئان ثالثاً فهما متساويان لبعضهم لا محالة فأسفار العهدين منزلة من عند الله بنفس التنزيل الذي ينسبه القرآن لنفسه، وعليه فالقرآن يأمر أتباعه أن يعترفوا بالأسفار المتقدمة عليه كما يعترفون به بلا أقل تمييز، وهم مأمورون أيضاً أن يعتقدوا بأن القرآن نزل مصدِّقا لكتاب اليهود والنصارى، ومن أمثال ذلك ما ورد في سورة آل عمران 3 :3 "نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقا لمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَان"َ ولزيادة التوكيد على أن التوراة والإنجيل موحى بهما جاء في القرآن تهديد صارم لمن يكفر بهما أو يظن بهما الظنون، ومن ذلك قوله "الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النارِ يُسْجَرُونَ"- سورة المؤمن آية 70. والبيضاوي في تفسيره لهذه الآية يفسر قوله الكتاب بالقرآن أو الكتب السماوية على
العموم ويفسر قوله وما أرسلنا به رسلنا بسائر الكتب أو الوحي والشرائع وبمقتضى هذا التفسير على افتراض أن المقصود هنا بالكتاب ليس الكتاب المستعمل في قوله يا أهل الكتاب بل هو القرآن، تكون الكتب السماوية الأخرى هي أسفار العهد القديم والجديد لا محالة.
ويشهد القرآن أن أسفار العهد القديم تتفق مع أسفار العهد الجديد في المسائل العمومية، ومن ذلك قوله "وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقا لمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقا لمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِين"َ - سورة المائدة 49 .
والخلاصة لما تقدم حيث أننا انتهينا من هذا الفصل نلحقه بالمواد الآتية :
(أولا) ان أسفار العهد القديم والجديد، أي التوراة والزبور وأسفار الأنبياء، والإنجيل ورسائل رسل المسيح كانت جميعها منتشرة في عصر صاحب القرآن بين اليهود والنصارى (ثانيا) يقرر القرآن أن هذه الأسفار موحى بها من الله، أي منزلة من عنده تعالى (ثالثا) بينما يعظّم القرآن نفسه إلى أعلى درجات التعظيم، فإنه يساوي بين نفسه وبين
الأسفار المقدسة المتقدمة عليه(رابعا) يسمّي القرآن الكتاب المقدس "كتاب الله وكلام الله والفرقان والذكر ونوراً وهدى ورحمة الخ" (خامسا) يأمر القرآن محمداً أو المسلمين أن يرجعوا إلى الكتاب المقدس في تحقيق ما يرتابون فيه من أصول دينهم ويحرضون النصارى واليهود أن يفعلوا مثل ذلك (سادسا) يشير القرآن على اليهود أن يتخذوا التوراة حكَمَاً فيما هم فيه يختلفون (سابعا) يأمر القرآن المسلمين أن يشهدوا أنهم مؤمنون بالكتاب المقدس كما هم مؤمنون بقرآنهم (ثامنا) إن الذين لا يؤمنون بالكتاب المقدس لهم عذاب عظيم في الآخرة كما لو لم يؤمنوا بالقرآن .

الصفحة
  • عدد الزيارات: 14912