Skip to main content

صفات الزوجة المثلى

الفصل العاشر

صفات الزوجة المثلى

 

إذا كان الزواج في هذ المقام من الأهمية فكان من الطبيعي أن يهتم الفقهاء بصفات الزوجة المفضلة لكي تحقق أهداف الزواج المثلى في تصورهم. وبإمكاننا أن نلخص تلك الصفات التي يلزم وجودها أو المرغوب فيها كما يلي:

1 - تكون المرأة أقل من الرجل سناً لئلا تكبر بسرعة فلا تلد، والغرض الصحيح من الزواج إنما هو التناسل الذي به تكثر الأمة ويعز جانبها. وتكون أقل منه في الجاه والعز والرفعة والمال، لأن الرجال قوامون على النساء (آل عمران 3:34) حافظون لهن. ونقرأ الحديث المروي عن محمد: تُنكح النساء لأربع: لمالها ولحسَبها ولجمالها ولدينها. فاظفر بذات الدين ترِبت يداك (1) ورلا تزوجوا النساء لحُسنهن. فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن. ولكن تزوجوهن على الدين. ولأَمةً خرساء سوداء، ذات دين أفضل (2). ومن آداب الزواج أن لا تكون المرأة طويلة مهزولة ولا قصيرة دميمة ولا سيئة الخلق، وأن لا تكون مسنة أو لها ولد من غيره، أو أمة مع قدرته على زواج الحرة (3). ويسكت الجزيري عما يجب على الرجل أن يتحلى به من صفات حتى يكون زوجاً مثالياً لامرأته!!!

فالمرأة الأقل سناً من الرجل هي سنة محمد، وتقول عائشة: تزوَّجني رسول الله وأنا بنت سبع سنين. قال سليمان: أو ستّ ودخل بي وأنا بنت تسع (4) وتوفي عنها وهي بنت ثماني عشرة سنة (5). وقد صار زواج محمد بعائشة للفقهاء مشكلة عويصة، فهم لم يتفقوا على السن الذي يؤهل البنت للزواج:

في وقت الدخول بالصغيرة، فقيل لا يدخل بها ما لم تبلغ، وقيل يدخل بها إذا بلغت تسع سنين كذا في البحر الرائق. وأكثر المشايخ على أنه لا عبرة للسن في هذا الباب، وإنما العبرة للطاقة إن كانت ضخمة تطيق الرجال ولا يُخاف عليها المرض من ذلك كان للزوج أن يدخل بها، وإن لم تبلغ تسع سنين. وإن كانت نحيفة مهزولة لا تطيق الجماع ويُخاف عليها المرض لا يحل للزوج أن يدخل بها وإن كبر سنها وهو الصحيح (6) وفي كتاب الفروع: روأحسن ما تكون المرأة بنت أربع عشرة سنة إلى العشرين، ويتم نُسُو (نمو) المرأة إلى الثلاثين ثم تقف إلى الأربعين، ثم تنزل (7).

2 - بجانب صغر السن يفضل أن تكون بكراً. يقول محمد: عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهاً وأنتق أرحاماً وأرضى باليسير (8). وعندما أخبره جابر بن عبد الله بأنه تزوج ثيباً قال له: فهلا بكراً تلاعبها (9) وتتضح عدم مساواة البكر والثيب أيضاً في معاملة محمد أزواجه: عن أنس بن مالك قال: إذا تزوج (محمد) البكر على الثيب أقام عندها سبعاً، وإذا تزوج ثيباً أقام عندها ثلاثاً ولو قلت إنه رفعه لصدقت ولكنه قال: السنة كذلك (10). ويجوز نكاح الثيب إذا كانت هناك حاجة تدعوه إلى ذلك، كأن يكون عنده أطفال تحتاج إلى تربيتها ممن تعوَّد التربية، أو يكون كبير السن فتصرف عنه البكر فلا تدوم بينهما الإلفة (11).

3 - لا يبحث الفقهاء فيما يجب أن تتصف به المرأة المثالية كزوجة فحسب، بل تطرقوا أيضاً إلى ما لا يجوز من صفات مذمومة وعيوب عندها. فبينما عيوب الرجل التي يمكن أن تمنع أو تلغي زواجه تنحصر في ثلاث: الجنون والخصاء والعنت، تعد عيوب المرأة وتعلل بالتفصيل. وعيوب المرأة سبعة: الجنون والجذام والبرص والقرن والإفضاء والعرج والعمى.

أما الجنون: فهو فساد العقل، فلا يثبت الخيار مع السهو السريع زواله، ولا مع الإغماء العارض مع غلبة المرة، وإنما يثبت الخيار فيه مع استقراره.

أما الجذام: فهو الذي يظهر معه يبس الأعضاء وتناثر اللحم، ولا تجزي قوة الاحتراق، ولا تعجر الوجه، ولا استدارة العين (12).

وأما البرص: فهو البياض الذي يظهر على صفحة البدن لغلبة البلغم ولا يقضي بالتسلط مع الاشتباه.

وأما القرن: فقد قيل: هو العَفْل، وقيل: هو عَظْم ينبت في الرحم يمنع الوطء، والأول أشبه. فإن لم يمنع الوطء، قيل: لا يفسخ به لإمكان الاستمتاع، ولو قيل بالفسخ تمسكاً بظاهر النقل أمكن.

وأما الإفضاء: فهو تصيير المسلكين واحداً.

وأما العرج: ففيه تردد، أظهره دخوله في أسباب الفسخ، إذا بلغ الإقعاد.

وقيل: الرتق أحد العيوب، المسلطة على الفسخ، وربما كان صواباً إن منع من الوطء أصلاً، لفوات الاستمتاع، إذا لم يمكن إزالته، أو أمكن وامتنعت من علاجه.

ولا ترد المرأة بعيب غير هذه السبعة (13).

وفي رواية أن محمداً قال لأم سليم تنظر لامرأة: رشمّي عوارضها وانظري إلى عقبها (14).

4 - الجمال صفة لا يجوز إهمالها في البحث عن الزوجة. يخبرنا حديث ضعيف بأن النظر إلى امرأة جميلة يشحذ ويقوي العين (15). وكما ذكرنا آنفاً فإن المرء يتزوج المرأة لثلاث، إما لجمالها أو لحسبها (16) أو لدينها (17).

عن عائشة رضي الله عنها قالت: خطب رسول الله (ص) امرأة من كلب، فبعثني أنظر إليها، فقال لي: كيف رأيت؟ فقلت: ما رأيت طائلاً، فقال: لقد رأيت خالاً بخدها اقشعر كل شعرة منك على حدة فقالت: ما دونك سرّ (18).

5 - ومن المرغوب فيه أن يكون مهرها يسيراً، قال محمد: إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة (19).

6 - غير أن كونها ولوداً هو أهم ما يجب توفره عند المرأة. عن معقل بن يسار، قال: جاء رجل إلى النبي فقال: إني أحببت امرأة ذات حسب وجمال وأنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال: لا. ثم أتاه الثانية فنهاه. ثم أتاه الثالثة فقال: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم (20). يقول الجزيري: يحسن أن تكون ولوداً لأن العقيم لا تؤدي وظيفة التناسل المطلوب للمجتمع الإنساني (21). ونختتم هذا الفصل بما ورد في إحياء علوم الدين عن فوائد الزواج، والفائدة الأولى هي:

الولد: وهو الأصل، وله وضع النكاح والمقصود إبقاء النسل، وأن لا يخلو العالم عن جنس الإنس، وإنما الشهوة خلقت باعثة مستحثة، كالموكل بالفحل في إخراج البذر، وبالأنثى في التمكين من الحرث، تلطفاً بهما في السياقة إلى اقتناص الولد بسبب الوقاع، كالتلطف بالطير في بث الحب الذي يشتهيه ليساق إلى الشبكة. وكانت القدرة الأزلية غير قاصرة عن اختراع الأشخاص ابتداء من غير حراثة وازدواج، ولكن الحكمة اقتضت ترتيب المسببات على الأسباب، مع الاستغناء عنها، إظهاراً للقدرة، وإتماماً لعجائب الصنعة، وتحقيقاً لما سبقت به المشيئة، وحقت به الكلمة وجرى به القلم. وفي التوصل إلى الولد قربه من أربعة أوجه، هي الأصل في الترغيب فيه عند الأمن من غوائل الشهوة، حتى لم يحب أحدهم أن يلقى الله عزباً، الأول موافقة محبة الله بالسعي في تحصيل الولد لإبقاء جنس الإنسان. والثاني طلب محبة رسول الله (ص) في تكثير من به مباهاته. والثالث طلب التبرك بدعاء الولد الصالح بعده، والرابع طلب الشفاعة بموت الولد الصغير إذا مات قبله (22).


1-البخاري، نكاح 51 ، أبو داود، نكاح 2 ، النسائي، نكاح 31 ، ابن ماجة نكاح 6 ، الدارمي، نكاح ،4 الموطأ النكاح 12 ، أحمد بن حنبل، 2:824

2-ابن ماجة، نكاح 43

3-الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، 4:9. بالنسبة لقصر القامة يروى أن محمداً سجد عندما رأى رجلاً قصيراً (عيون الأخبار، 4:35) وعن سالم قال: قال رسول الله: من رأى مبتلياً (بقصر) فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير من خلقه تفضيلاً عافاه الله من ذلك البلاء كائناً ما كانذ (عيون الأخبار، 4:35) يبدو أن القصر لا يفيد عند محمد خيراً، إذ يوصف المسيح الدجال أيضاً رجلاً قصيراً (أبو داود، ملاحم 41)

4-أبو داود، نكاح 43

5-ابن ماجة، نكاح 41

6-الفتاوى الهندية، 1:782 ، بولاق، 131

7-المردوي، شمس الدين المقدسي، كتاب الفروع، 5:151 ، القاهرة 7691

8-ابن ماجة، نكاح 7

9-ابن ماجة، نكاح 7

10-أبو داود، نكاح 43

11-الجزيري، 4:11

12-قال محمد: فرّ من المجذوم كما تفر من الأسد (البخاري، طب 91، أحمد بن حنبل 2:344) وفي حديث آخر: لا تديموا النظر إلى المجذومين (ابن ماجة، طب 44 ، أحمد بن حنبل 02:82 ، 332) ورد أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان أمر بإحراق المجذومين الذين مر بهم في طريق مكة فقال: لو كان الله يريد بهؤلاء خيراً ما ابتلاهم بهذا البلاء. وعن قتادة: إن مجذوماً دخل على عبد الله بن الحارث فقال: أخرجوه. قالوا: ولم؟ قال: بلغني أنه ملعونذ (عيون الأخبار، 4:96).

13-المحقق الحلي، شرائع الإسلام، 2:913-023 ، النجف 9691

14-أحمد بن حنبل، 3:132 ، عيون الأخبار، 4:8

15-كنز العمال، 12:591

16-الحسبذ لا يفيد فقط نسباً أصيلاً غير مطعون فيه أو شرفاً، بل يعني أيضاً الغنى والثروة (الموطأ، جهاد 53) ونسب إلى محمد قوله: الحسب المال والكرم والتقوى (عيون الأخبار، 4:01).

17-البخاري، نكاح 51 ، مسلم، رضاع 39 ، أبو داود، نكاح 2 ، ابن ماجة، نكاح 31 ، الدارمي، نكاح ،4 أحمد بن حنبل، 2:824

18-عيون الأخبار، 4:91

19-أحمد بن حنبل، 6:28 ، عيون الأخبار، 4:37

20-أبو داود، نكاح 4

21-الجزيري، 4:11

22-إحياء علوم الدين، 4:886

  • عدد الزيارات: 13298