Skip to main content

مصادر السلطة والعقيدة - الحديث

الصفحة 3 من 4: الحديث

الحديث:
إن مكانة الحديث في الإسلام هي مكانة مهمة وأساسية. يأتي الحديث في الدرجة الثانية بعد القرآن. وتنبع أهمية الحديث من كونه مصدر تعليم وإرشاد للمسلمين، وذلك على الرغم من محاولة بعض المسلمين التنصل من الحديث أو من بعضه إن الحديث هو مصدر السّنة. وهو سجل لأقوال وأعمال محمد، كما أنه يسجل أقوال بعض أصحاب محمد وأعمالهم. لذلك يذكر الإمام النووي أن معرفة الحديث شرط يجب أن يتوفر في المجتهد والقاضي والمفتي. كانت الأحاديث في مجملها منقولة شفويا. ولم يكن في البداية أي أحاديث مكتوبة بل كان يتم تداولها بين الناس بواسطة رواة الأحاديث. لذلك نجد أن كل حديث مسبوق بسلسلة من الرواة قد تطول أو تقصر. كثيرا ما يزيد عدد الرواة عن العشرة. ويسبق كل إسم من أسماء الرواة كلمة مثل حدثنا أو حدثني أو أخبرنا أو أخبرني أو قال أو عن.
يبدو أن الاهتمام بالحديث قد ضعف مع طول الزمان إلى درجة أصبح معها تداول الحديث في خطر. يلخص الإمام النووي ما وصل إليه الحديث من حال لا يُحسد عليها في ما يلي: "ولقد كان أكثر اشتغال العلماء بالحديث في الأعصار (العصور) الخاليات. حتى لقد كان يجتمع في مجلس الحديث من الطالبين ألوف متكاثرات. فتناقص ذلك وضعفت الهمم فلم يبق إلا آثار من آثارهم قليلات. والله المستعان على هذه المصيبة وغيرها من البليات. وقد جاء في فضل إحياء السنن المُماتات أحاديث كثيرة معروفات مشهورات. فينبغي الاعتناء بعلم الحديث والتحريض عليه لما ذكرنا من الدلالات. ولكونه أيضا من النصيحة لله تعالى وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم وللأئمة والمسلمين." (مسلم ج 2 ص 4).
لم يبتدئ الاهتمام بعلم الحديث وجمعه إلا في وقت متأخر. وكان الاهتمام على شكل جهود فردية. لا يوجد هناك دليل تاريخي على اجماع علماء المسلمين وتجمعهم من أجل دراسة وبحث الحديث واتفاقهم على إخراج كتاب واحد جامع يعتمده عامة المسلمين.
يُذكر أن الأحاديث المتداولة يقدر عددها بمئات الألوف ولكنها ليست جميعها موثوق بها. يقسم العلماء الأحاديث بشكل عام إلى ثلاثة أقسام هي: صحيح وحسن وضعيف. على أي حال، قد يختلف العلماء على الحديث الواحد. فبينما يحكم البعض بأنه صحيح قد يحكم البعض الآخر بأنه حديث حسن أو ضعيف. فالحكم بصحة حديث معين ليس بحكم قطعي وكامل. هناك مقاييس أخرى تقرر قوة الحديث، نذكرها مجملة دون الخوض في التفاصيل لضيق المجال، وهي فيما إذا كان الحديث: مرفوعا أو منقولا أو موقوفا أو مقطوعا أو منقطعا أو مرسلا أو مسندا أو معنعنا أو غير معنعن.
إن من أهم مجاميع الحديث كتاب صحيح البخاري والذي ثم اختيار أحاديثه وجمعها من بين ألوف مؤلفة من الأحاديث الصحيحة. يأتي في الأهمية بعد صحيح البخاري كتاب صحيح مسلم، والذي تم اختيار أحاديثه وجمعها من بين ثلاثمائة ألف حديث مسموع. ويعتبر هذان الصحيحان أي صحيح البخاري وصحيح مسلم أهم كتابين بعد القرآن في العقيدة الإسلامية. يقول الإمام النووي في هذا المجال: "اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول (مقدمة صحيح مسلم بشرح الإمام النووي)." هناك الكثير من الأحاديث المتداولة في الصحيحين، وقد أشرنا إلى ذلك في هذا الكتاب عند اقتباس الأحاديث المختلفة.
بعض الأحاديث وردت مكررة أكثر من مرة في أماكن مختلفة من الصحيحين. وقد نوهنا بذلك أيضا في الاقتباس. يضم الصحيحان أكثر من أربعة آلاف حديث إذا ما استثنينا المكرر منها. وعلى الرغم من اتساع هذين الصحيحين ودقتهما من وجهة نظر علماء المسلمين، وبسبب كثرة الأحاديث فإن الباحث يحتاج إلى الرجوع إلى مصادر أخرى مثل إبن ماجة والترمذي وإبن حاتم وغيرهم.

الإنجيل
الصفحة
  • عدد الزيارات: 9962