فرض القتال فى الدين - تحويل الدين الى سياسة
تحويل الدين الى سياسة
إذا كان الجهاد لإنشاء دولة جديدة ، و التشريع القرآنى لإدارة هذه الدولة ، كما نقلنا عن السيد عمر فروخ ، فهذا يعنى تحويل الدعوة الدينية الى دعوة سياسية . فهل هذا ما كان يهدف اليه محمد فى مكة ، فتم له فى المدينة ؟ ألا تصدق فى ذلك فراسة ابن خلدون فى مقدمته الشهيرة ( 1 ) : " إن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية ، من نبوة ، أو ولاية ، أو أثر عظيم من الدين على الجملة . و السبب فى ذلك أنهم لخلق التوحش الذى فيهم ، أصعب الأمم انقيادا بعضهم لبعض ، للغلظة و الأنفة و بعد الهمة و المنافسة فى الرئاسة ".
هل تكون الدعوة القرآنية فترة فى المنافسة على الرئاسة بمكة بين بنى أمية و بنى هاشم ؟ كانت حامية قبل مبعث محمد . و كانت سبب المقاومة الكبرى فى وجه محمد . و بعده بعثت فى مكامنها و صبغت التاريخ الاسلامى بالدماء . يظهر انها كانت كذلك فى نظر زعماء المشركين ، كما يتضح من قول زعيم مكة أبى سفيان للعباس عم النبى قبل اسلامه : " لقد أصبح ملك ابن اخيك الغداة عظيما " .
فمهما يكن الأمر ، فإن فرض القتال فى النبوة و الدين كان : انقلاب النبوة الى امارة و انقلاب الرسالة الى سياسة و انقلاب الدين الى دولة و انقلاب الدعوة الدينية الى حرب أهلية و انقلاب الاسلام الى نظام دنيا و نظام دولة و انقلاب فكرة الله الرحمان الرحيم الى فكرة الإله الجبار فى القتال ، و بكلمة : انقلاب الدين الى سياسة و دولة . هذا ما فصلناه فى فصل " الأعجاز فى الشخصية النبوية " .
و هكذا ففى تشريع الجهاد ، و فرض القتال فى سبيل الدين ، " من هناك منذ ذلك الوقت خرج ( الاسلام ) الى العالم قوة حربية سياسية " ( 2 ) . فتحولت الدعوة الى سياسة .
فهل هذا من الأعجاز فى الرسالة ؟ رسالة دين الله ؟
- عدد الزيارات: 11031