Skip to main content

ما بين الوحدة الموضوعية والوحدة الفنية في السورة - مثال التأليف في سورة (البقرة)

الصفحة 3 من 5: مثال التأليف في سورة (البقرة)


ثانيا : مثال التأليف في سورة (البقرة)

ننتقل الى سورة (البقرة) ، وهي "فسطاط القرآن" ، و"سنام القرآن" . و"قال الإمام الرازي في سورة البقرة : مَن تأمل في لطائف نظم هذه السورة ، وفي بدائع ترتيبها ، علم أن القرآن كما أنه معجز بحسب فصاحة الفاظه وشرف معانيه ، فهو أيضا بسبب ترتيبه ونظم آياته . ولعل الذين قالوا إنه معجز بسبب اسلوبه أرادوا ذلك"

ولبيان ذلك جعلوا من حسن المناسبة : الاستطراد ثم التخلص ثم الانتقال . وهذه الفنون التي استنبطوها للمناسبة البيانية إنما هي تقطع الموضوع ، وتجعل السورة مجموعة متفرّقات ، تدل عليها أسباب النزول . فهي تجمع آخر ما نزل بالمدينة الى أول ما نزل فيها ؛ وتجمع أحكاما مختلفة من أزمنة مختلفة بالمدينة ؛ ولو جمعت بينها الوحدة الفنية من نظم وفاصلة . فهو مثلا يقطع براهين التوحيد (22 – 29) ببيان على مواقفهم المختلفة من الدعوة (23 – 27) . وهو يقطع خطابات اليهود الثمانية (40 – 168) بخطاب أول مقحم للمسلمين في تحذيرهم من مناورات اليهود (75 – 81) وبخطاب ثان مقحم في تحذيرهم من دس اليهود والمنافقين على النسخ في القرآن (105 – 110) ؛ ثم بمجموعة متفرقات (111 – 121) من مناظرة النصارى في عام الوفود (111 – 113) . وظلم الذين يصدون عن الحج ، نزلت لمّا صدوا النبي عام الحديبية عن مكة (114 – 115) مع ردّ على نسبة الولد الى الله (117 – 118) ، ويختم القسم الأول منها ، الدعوة للتوحيد ، بمجموعة متفرقات أخرى : في قتلى بدر (153 – 157) وفي السماح بالطواف بالصفا والمروة (158) .

والقسم الثاني من (البقرة) تشريع مجموع من أزمنة مختلفة (188 – 242) : يقطعه بعد مطلعه بجملتين على اليهود (174 – 177) ؛ ويقحم فيه تشريع القتال ليوم الحديبية (190 – 195) ؛ ويجمعون فيه شرعة الحج الأولى من عام الحديبية (196) الى شرعة الحج النهائية من بعد فتح مكة (197 – 203) . ويقطع التشريع بقصة المنافق الأخنس بن شريف (204 – 206) وقصة صهيب المؤمن المضطهد المهاجر (207) وقصة النفر السبعة من اليهود الذين تردّدوا في اسلامهم مع ابن سلام اليهودي (208– 213) . وتتبع مجموعة فتاوى مختلفة (215 – 225) قبل تفصيل احكام الطلاق (226 – 242)

ويأتي القسم الثالث في التحريض على الجهاد (243 – 274) ، يقطعه بسورة مستقلة في توحيد الحي القيوم (255 – 260) . والحقوا بالسورة "آخر ما نزل من القرآن" : آية الربا (275) مع ملاحقها ، ثم آية الدّيْن عند كاتب بالعدل (282) ، وفصلوا بينهما بالآية التي فيها نُعيت نفس محمد اليه ومات بعدها (281) . فما وجه الاعجاز في الجمع بين هذه الخواتيم الثلاث ؟

ويختمون السورة بآية المحاسبة على الوسوسة (284) ثم بالآية الناسخة لها (286) . فقد نفهم الجمع بين المنسوخ والناسخ ؛ لكن ما وجه الاعجاز بختم التحريض على الجهاد بهذه الآيات ؟

مثال التأليف في سورة (المائدة)
الصفحة
  • عدد الزيارات: 13302